كُلُّ ذَلِكَ صِنْفٌ وَاحِدٌ) لِتَقَارُبِ مَنَافِعِهَا. (فَإِذَا حَصَدَ الرَّجُلُ مِنْ ذَلِكَ كُلِّهِ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ جُمِعَ عَلَيْهِ بَعْضُ ذَلِكَ إِلَى بَعْضٍ وَوَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ، فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ) وَبِهَذَا قَالَ الْحَسَنُ وَطَاوُسٌ وَالزُّهْرِيُّ وَعِكْرِمَةُ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَبُو ثَوْرٍ: لَا تُضَمُّ كُلُّ حَبَّةٍ - عُرِفَتْ بَاسِمٍ مُنْفَرِدٍ دُونَ صَاحِبَتِهَا وَهِيَ خِلَافُهَا فِي الْخِلْقَةِ وَالطَّعْمِ - إِلَى غَيْرِهَا.
قَالَ الْبَاجِيُّ: وَلَا يَتَّجِهُ بَيْنَنَا وَبَيْنَ أَبِي حَنِيفَةَ اخْتِلَافٌ فِي الْحُكْمِ؛ لِأَنَّهُ لَا يُرَاعِي النِّصَابَ فِي الْحُبُوبِ فَهُوَ يُزَكِّي الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ مِنْهَا، قَالَ: وَرَأَى مَالِكٌ وَمَنْ وَافَقَهُ أَنَّهَا مُتَقَارِبَةُ الْمَنَافِعِ؛ مِثْلَ الذَّهَبِ الْجَيِّدِ وَالرَّدِيءِ وَالضَّأْنِ وَالْمَعْزِ وَالْبُخْتِ وَالْعِرَابِ، فَمَنَافِعُ الْقَمْحِ وَالشَّعِيرِ وَالسُّلْتِ مُتَقَارِبَةٌ، وَلَا يَنْفَكُّ بَعْضُهَا عَنْ بَعْضٍ فِي الْمَنْبَتِ وَالْمَحْصَدِ، وَالْأَظْهَرُ عِنْدِي تَعْلِيلُ ذَلِكَ بِتَشَابُهِ الْحِنْطَةِ وَالسُّلْتِ فِي الصُّورَةِ وَالْمَنْفَعَةِ وَهُمَا أَقْرَبُ تَشَابُهًا مِنَ الْحِنْطَةِ وَالْعَلَسِ، وَقَدْ سَلَّمَ لَنَا الْمُخَالِفُ الْعَلَسَ فَيَلْزَمُهُ تَسْلِيمُ السُّلْتِ، وَيَلْحَقُ بِهِ الشَّعِيرُ، فَإِنَّ الْأُمَّةَ عَلَى قَوْلَيْنِ: الثَّلَاثَةُ صِنْفٌ وَاحِدٌ أَوْ أَصْنَافٌ، فَمَنْ قَالَ: السُّلْتُ وَالْحِنْطَةُ صِنْفٌ وَالشَّعِيرُ صِنْفٌ ثَانٍ فَقَدْ خَالَفَ الْإِجْمَاعَ، فَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ فَالزَّكَاةُ مَبْنِيَّةٌ عَلَى الْمُوَاسَاةِ، فَإِذَا قَصُرَ صِنْفٌ عَنِ احْتِمَالِهَا، وَعِنْدَهُ صِنْفُ مَنْفَعَتِهِ مَعَ الْمُقَصِّرِ وَاحِدَةٌ وَمَقْصُودُهُمَا سَوَاءٌ، وَبَلَغَا جَمِيعًا قَدْرًا يَحْمِلُ الْمُوَاسَاةَ - وَهُوَ النِّصَابُ - جَمْعًا، وَاحْتَمَلَا الْمُوَاسَاةَ، وَلَا يُنْظَرُ إِلَى اخْتِلَافِ الْأَسْمَاءِ مَعَ اتِّفَاقِ الْمَنَافِعِ.
(وَكَذَلِكَ الزَّبِيبُ كُلُّهُ وَأَسْوَدُهُ وَأَحْمَرُهُ، فَإِذَا قَطَفَ الرَّجُلُ مِنْهُ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ وَجَبَتْ فِيهِ الزَّكَاةُ، فَإِنْ لَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ) لِنَقْصِهِ عَنِ النِّصَابِ (وَكَذَلِكَ الْقِطْنِيَّةُ هِيَ صِنْفٌ وَاحِدٌ) كُلُّهَا فِي الزَّكَاةِ يُجْمَعُ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ (مِثْلُ الْحِنْطَةِ) كُلِّهَا صِنْفٌ (وَالتَّمْرِ وَالزَّبِيبِ) كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا صِنْفٌ (وَإِنِ اخْتَلَفَ أَسْمَاؤُهَا وَأَلْوَانُهَا) أَجْنَاسُهَا، قَالَ أَبُو عُمَرَ: أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّهُ لَا يُجْمَعُ تَمْرًا إِلَى زَبِيبٍ فَصَارَ أَصْلًا يُقَاسُ عَلَيْهِ.
(وَالْقِطْنِيَّةُ الْحِمَّصُ) بِكَسْرِ الْحَاءِ وَشَدِّ الْمِيمِ مَكْسُورَةً عِنْدَ الْبَصْرِيِّينَ، مَفْتُوحَةً عِنْدَ الْكُوفِيِّينَ.
(وَالْعَدَسُ وَاللُّوبِيَا وَالْجُلْبَانُ) وَتُرْمُسٌ وَبِسِيلَةٌ وَالْفُولُ كَمَا أَفَادَهُ بِقَوْلِهِ: (وَكُلُّ مَا ثَبَتَ مَعْرِفَتُهُ عِنْدَ النَّاسِ أَنَّهُ قُطْنِيَّةٌ) لِإِقَامَتِهِ وَهُوَ الْفُولُ وَالْبَسِيلَةُ وَالتُّرْمُسُ وَلَيْسَ مِنْهَا الْكِرْسِنَّةُ عَلَى الْمَذْهَبِ كَمَا مَرَّ.
(فَإِذَا حَصَدَ الرَّجُلُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute