مِنْ ذَلِكَ خَمْسَةَ أَوْسُقٍ بِالصَّاعِ الْأَوَّلِ - صَاعِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَإِنْ كَانَ) الْمَحْصُودُ (مِنْ أَصْنَافِ الْقِطْنِيَّةِ) السَّبْعَةِ (كُلِّهَا لَيْسَ مِنْ صِنْفٍ وَاحِدٍ مِنَ الْقِطْنِيَّةِ فَإِنَّهُ، يُجْمَعُ ذَلِكَ بَعْضُهُ إِلَى بَعْضٍ) بَدَلٌ مِنْ ذَلِكَ (وَعَلَيْهِ فِي الزَّكَاةِ) لِتَقَارُبِ الْمَنَافِعِ.
(قَالَ مَالِكٌ: وَقَدْ فَرَّقَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ بَيْنَ الْقِطْنِيَّةِ وَالْحِنْطَةِ فِيمَا أُخِذَ مِنَ النَّبَطِ) بِفَتْحِ النُّونِ وَالْمُوَحَّدَةِ؛ النَّصَارَى التُّجَّارِ لَمَّا قَدِمُوا الْمَدِينَةَ بِالتِّجَارَةِ، (وَرَأَى أَنَّ الْقِطْنِيَّةَ كُلَّهَا صِنْفٌ وَاحِدٌ فَأَخَذَ مِنْهَا الْعُشْرَ، وَأَخَذَ مِنَ الْحِنْطَةِ وَالزَّبِيبِ نِصْفَ الْعُشْرِ) يُرِيدُ أَنْ يَكْثُرَ الْحَمْلَ إِلَى الْمَدِينَةِ، كَمَا يَأْتِي فِي عُشُورِ أَهْلِ الذِّمَّةِ.
(قَالَ مَالِكٌ: فَإِنْ قَالَ قَائِلٌ: كَيْفَ يُجْمَعُ الْقِطْنِيَّةُ بَعْضُهَا إِلَى بَعْضٍ فِي الزَّكَاةِ حَتَّى تَكُونَ صَدَقَتُهَا وَاحِدَةً وَالرَّجُلُ يَأْخُذُ) أَيْ: يَشْتَرِي (مِنْهَا) مِنَ الْقَطَانِيِّ (اثْنَيْنِ بِوَاحِدٍ) كَأَرْدَبَّيْنِ لُوبِيَا بِأَرْدَبِّ عَدَسٍ (يَدًا بِيَدٍ) أَيْ: مُنَاجَزَةً، (وَلَا يُؤْخَذُ مِنَ الْحِنْطَةِ اثْنَانِ بِوَاحِدٍ يَدًا بِيَدٍ؟ قِيلَ لَهُ) فِي الْجَوَابِ: لَا تَلَازُمَ بَيْنَ الْبَابَيْنِ (فَإِنَّ الذَّهَبَ وَالْوَرَقَ يُجْمَعَانِ فِي الصَّدَقَةِ، وَقَدْ يُؤْخَذُ بِالدِّينَارِ أَضْعَافُهُ فِي الْعَدَدِ مِنَ الْوَرَقِ يَدًا بِيَدٍ) فَلَيْسَتِ الْمَسْأَلَةُ مَبْنِيَّةً عَلَى تَحْرِيمِ التَّفَاضُلِ فِيهَا حَتَّى يَأْتِيَ سُؤَالُكَ، فَقَدْ يَحْرُمُ التَّفَاضُلُ فِي أَشْيَاءَ وَلَيْسَتْ بِجِنْسٍ وَاحِدٍ فِي الزَّكَاةِ، وَقَدْ يُبَاحُ وَهُوَ جِنْسٌ وَاحِدٌ كَالذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، فَالزَّكَاةُ لَا تُعْتَبَرُ فِيهَا الْمُجَانَسَةُ الْعَيْنِيَّةُ؛ بَلْ تَقَارُبُ الْمَنْفَعَةِ، وَإِنِ اخْتَلَفَتِ الْعَيْنُ رِفْقًا بِالْفُقَرَاءِ بِخِلَافِ الْبَيْعِ، بِدَلِيلِ أَنَّ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ جِنْسٌ وَاحِدٌ فِي الزَّكَاةِ وَهُمَا جِنْسَانِ فِي الْبَيْعِ، كَمَا أَشَارَ لَهُ الْإِمَامُ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ وَالْفِضَّةُ بِالْفِضَّةِ - إِلَى أَنْ قَالَ: - فَإِذَا اخْتَلَفَتْ هَذِهِ الْأَجْنَاسُ فَبِيعُوا كَيْفَ شِئْتُمْ إِذَا كَانَ ذَلِكَ يَدًا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute