وَلَيْلَةُ الْقَدْرِ، مَعَ أَنَّهُ تَرْجَمَ لَهُمَا بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنْ صَحَّ عَنِ الْإِمَامِ ذَلِكَ هُنَا، فَلَعَلَّهُ لِلْإِشَارَةِ إِلَى أَنَّ الصِّيَامَ شَرْطٌ فِي صِحَّةِ الِاعْتِكَافِ كَمَا هُوَ مَذْهَبُهُ رَحِمَهُ اللَّهُ، وَلَيْلَةُ الْقَدْرِ؛ لِكَوْنِهَا غَالِبًا بِرَمَضَانَ.
(بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ) ابْتَدَأَ بِهَا تَبَرُّكًا وَتَفَنُّنًا، فَأَخَّرَهَا عَنْ تَرْجَمَةِ كِتَابِ الصِّيَامِ وَقَدَّمَهَا فِي الزَّكَاةِ، وَكَفَى بِالتَّفَنُّنِ نُكْتَةً وَفِي نُسَخٍ تَقْدِيمُهَا عَلَى التَّرْجَمَةِ.
١ - بَابُ مَا جَاءَ فِي رُؤْيَةِ الْهِلَالِ لِلصَّائِمِ وَالْفِطَرِ فِي رَمَضَانَ
الْأَكْثَرُ أَنَّ الْهِلَالَ الْقَمَرُ فِي حَالَةٍ خَاصَّةٍ، قَالَ الْأَزْهَرِيُّ: يُسَمَّى الْقَمَرُ لِلَيْلَتَيْنِ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ هِلَالًا، وَفِي لَيْلَةِ سِتٍّ وَسَبْعٍ وَعِشْرِينَ أَيْضًا هِلَالًا، وَمَا بَيْنَ ذَلِكَ يُسَمَّى قَمَرًا.
وَقَالَ الْجَوْهَرِيُّ: الْهِلَالُ لِثَلَاثِ لَيَالٍ مِنْ أَوَّلِ الشَّهْرِ ثُمَّ هُوَ قَمَرٌ بَعْدَ ذَلِكَ، وَقِيلَ: الْهِلَالُ هُوَ الشَّهْرُ بِعَيْنِهِ، وَتَعْبِيرُ الْإِمَامِ بِرَمَضَانَ إِيمَاءً إِلَى جَوَازِ ذِكْرِهِ بِدُونِ شَهْرٍ، قَالَ الْبَاجِيُّ: وَهُوَ الصَّوَابُ فَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ فِي أَحَادِيثَ صَحِيحَةٍ كَقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «إِذَا دَخَلَ رَمَضَانُ فُتِحَتْ أَبْوَابُ السَّمَاءِ» " الْحَدِيثَ.
وَكَذَا قَالَ عِيَاضٌ: أَنَّهُ الصَّحِيحُ، وَمَنَعَهُ أَصْحَابُ مَالِكٍ لِحَدِيثِ: " «لَا تَقُولُوا رَمَضَانَ فَإِنَّ رَمَضَانَ اسْمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ تَعَالَى، وَلَكِنْ قُولُوا شَهْرَ رَمَضَانَ» " أَخْرَجَهُ ابْنُ عَدِيٍّ وَضَعَّفَهُ، وَفَرَّقَ ابْنُ الْبَاقِلَّانِيِّ فَقَالَ: إِنْ دَلَّتْ قَرِينَةٌ عَلَى صَرْفِهِ إِلَى الشَّهْرِ كَصُمْنَا رَمَضَانَ جَازَ، وَإِلَّا امْتَنَعَ كَجَاءَ وَدَخَلَ، اهـ.
وَبِالْفَرْقِ قَالَ كَثِيرٌ مِنَ الشَّافِعِيَّةِ، قَالَ النَّوَوِيُّ: وَالْمَذْهَبَانِ فَاسِدَانِ لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ إِنَّمَا تَثْبُتُ بِنَهْيِ الشَّرْعِ وَلَمْ يَثْبُتْ فِيهِ نَهْيٌ، وَلَا يَصِحُّ قَوْلُهُمْ: أَنَّهُ اسِمٌ مِنْ أَسْمَاءِ اللَّهِ؛ لِأَنَّهُ جَاءَ فِيهِ أَثَرٌ ضَعِيفٌ، وَأَسْمَاءُ اللَّهِ تَوْقِيفِيَّةٌ لَا تُطْلَقُ إِلَّا بِدَلِيلٍ صَحِيحٍ، وَلَوْ ثَبَتَ أَنَّهُ اسِمٌ لَمْ يَلْزَمْ كَرَاهَةٌ، وَالصَّوَابُ مَا ذَهَبَ إِلَيْهِ الْمُحَقِّقُونَ أَنَّهُ لَا كَرَاهَةَ فِي إِطْلَاقِ رَمَضَانَ بِقَرِينَةٍ وَبِلَا قَرِينَةٍ.
٦٣٣ - ٦٢٩ - (مَالِكٌ، عَنْ نَافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ذَكَرَ رَمَضَانَ فَقَالَ: «لَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الْهِلَالَ» ) أَيْ: إِذَا لَمْ يَكْمُلْ شَعْبَانُ ثَلَاثِينَ يَوْمًا، وَظَاهِرُهُ إِيجَابُ الصَّوْمِ مَتَى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute