وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ فَلَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوْا الْهِلَالَ وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ»
ــ
٦٣٤ - ٦٣٠ (مَالِكٌ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «الشَّهْرُ تِسْعٌ وَعِشْرُونَ» ) قَالَ عِيَاضٌ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ قَدْ يَكُونُ تِسْعًا وَعِشْرِينَ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي رِوَايَةٍ يَعْنِي فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّ الشَّهْرَ يَكُونُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا، قَالَ الْحَافِظُ: أَوِ اللَّامُ لِلْعَهْدِ، وَالْمُرَادُ شَهْرٌ بِعَيْنِهِ أَوْ هُوَ مَحْمُولٌ عَلَى الْأَكْثَرِ الْأَغْلَبِ لِقَوْلِ ابْنِ مَسْعُودٍ: " «صُمْنَا مَعَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ تِسْعًا وَعِشْرِينَ أَكْثَرَ مِمَّا صُمْنَا ثَلَاثِينَ» " رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَمِثْلُهُ عَنْ عَائِشَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ بِإِسْنَادٍ جَيِّدٍ.
وَقَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: مَعْنَاهُ حَصْرُهُ مِنْ جِهَةِ أَحَدِ طَرَفَيْهِ؛ أَيْ: أَنَّهُ يَكُونُ تِسْعَةً وَعِشْرِينَ وَهُوَ أَقَلُّهُ، وَيَكُونُ ثَلَاثِينَ وَهُوَ أَكْثَرُهُ، فَلَا تَأْخُذُوا أَنْفُسَكُمْ بِصَوْمِ الْأَكْثَرِ احْتِيَاطًا، وَلَا تَقْتَصِرُوا عَلَى الْأَقَلِّ تَخْفِيفًا، وَلَكِنِ اجْعَلُوا عِبَادَتَكُمْ مُرْتَبِطَةً ابْتِدَاءً وَانْتِهَاءً بِاسْتِهْلَالِهِ كَمَا قَالَ.
( «فَلَا تَصُومُوا حَتَّى تَرَوُا الْهِلَالَ وَلَا تُفْطِرُوا حَتَّى تَرَوْهُ فَإِنْ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَاقْدُرُوا لَهُ» ) قَالَ الْحَافِظُ: اتَّفَقَ الرُّوَاةُ عَنْ مَالِكٍ عَلَى قَوْلِهِ: " فَاقْدُرُوا لَهُ "، وَكَذَا رَوَاهُ إِسْحَاقُ الْحَرْبِيُّ وَغَيْرُهُ فِي الْمُوَطَّأِ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ وَالزَّعْفَرَانِيِّ وَغَيْرِهِ، عَنِ الشَّافِعِيِّ، عَنْ مَالِكٍ بِهِ.
وَرَوَاهُ الْبُخَارِيُّ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ وَالْمُزَنِيِّ، عَنِ الشَّافِعِيِّ كِلَاهُمَا، عَنْ مَالِكٍ بِلَفْظِ: " «فَأَكْمِلُوا الْعِدَّةَ ثَلَاثِينَ» " قَالَ الْبَيْهَقِيُّ: إِنْ كَانَتْ رِوَايَةُ الْقَعْنَبِيِّ وَالشَّافِعِيِّ مِنْ هَذَيْنِ الْوَجْهَيْنِ مَحْفُوظَةً فَيَكُونُ مَالِكٌ قَدْ رَوَاهُ بِاللَّفْظَيْنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ دِينَارٍ.
قُلْتُ: وَمَعَ غَرَابَةِ هَذَا اللَّفْظِ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ فَلَهُ مُتَابَعَاتٌ: مِنْهَا مَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ مِنْ طَرِيقِ سَالِمٍ، عَنِ ابْنِ عُمَرَ: بِتَعْيِينِ الثَلَاثِينَ.
وَمِنْهَا مَا رَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ: " «فَإِنَّ غُمَّ عَلَيْكُمْ فَكَمِّلُوا ثَلَاثِينَ» "، وَلَهُ شَوَاهِدُ عَنْ حُذَيْفَةَ عِنْدَ ابْنِ خُزَيْمَةَ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَابْنِ عَبَّاسٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ وَالنَّسَائِيِّ وَغَيْرِهِمَا، وَعَنْ أَبِي بَكْرَةَ وَطَلْقِ بْنِ عَلِيٍّ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ، وَأَخْرَجَهُ مِنْ طُرُقٍ أُخْرَى عَنْهُمْ وَعَنْ غَيْرِهِمُ، اهـ.
وَتَابَعَ مَالِكًا عَلَيْهِ إِسْمَاعِيلُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنِ ابْنِ دِينَارٍ بِلَفْظِ: " فَاقْدُرُوا لَهُ " عِنْدَ مُسْلِمٍ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute