أَبِي الْأَخْضَرِ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ عِنْدَ الْبَزَّارِ، وَخَالَفَهُمْ هِشَامُ بْنُ سَعْدٍ فَرَوَاهُ، عَنِ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَجَزَمَ الْبَزَّارُ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَأَبُو عَوَانَةَ بِأَنَّ هِشَامَ بْنَ سَعْدٍ أَخْطَأَ فِيهِ، وَقَدْ تَابَعَهُ عَبْدُ الْوَهَّابِ بْنُ عَطَاءٍ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ، فَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْحَدِيثُ عِنْدَ الزُّهْرِيِّ عَنْهُمَا فَقَدْ جَمَعَهُمَا عَنْهُ صَالِحُ بْنُ أَبِي الْأَخْضَرِ، أَخْرَجُهُ الدَّارَقُطْنِيُّ فِي الْعِلَلِ.
وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ جُرَيْجٍ وَأَبِي أُوَيْسٍ عِنْدَ الدَّارَقُطْنِيِّ التَّصْرِيحُ بِالتَّحْدِيثِ بَيْنَ حُمَيْدٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ (أَنَّ رَجُلًا) هُوَ سَلْمَانُ، وَيُقَالُ فِيهِ: سَلَمَةُ بْنُ صَخْرٍ الْبَيَاضِيُّ رَوَاهُ ابْنُ أَبِي شَيْبَةَ وَابْنُ الْجَارُودِ، وَبِهِ جَزَمَ عَبْدُ الْغَنِيِّ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ سَلَمَةَ هُوَ الْمَظَاهِرُ فِي رَمَضَانَ، وَإِنَّمَا أَتَى أَهْلَهُ لَيْلًا رَأَى خَلْخَالَهَا فِي الْقَمَرِ، وَلَكِنْ رَأَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي التَّمْهِيدِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّ الرَّجُلَ الَّذِي وَقَعَ عَلَى أَهْلِهِ فِي رَمَضَانَ فِي عَهْدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ هُوَ سَلْمَانُ بْنُ صَخْرٍ أَحَدُ بَنِي بَيَاضَةَ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَظُنُّ هَذَا وَهَمًا؛ لِأَنَّ الْمَحْفُوظَ أَنَّ سَلَمَةَ أَوْ سَلْمَانَ إِنَّمَا كَانَ مُظَاهِرًا، قَالَ الْحَافِظُ: وَيُحْتَمَلُ أَنَّ قَوْلَهُ وَقَعَ عَلَى امْرَأَتِهِ؛ أَيْ: لَيْلًا بَعْدَ أَنْ ظَاهَرَ فَلَا يَكُونُ وَهَمًا، وَيُحْتَمَلُ وُقُوعُ الْأَمْرَيْنِ لَهُ، قَالَ: وَسَبَبُ ظَنِّهِمْ أَنَّهُ الْمُحْتَرِقُ أَنَّ ظِهَارَهُ مِنَ امْرَأَتِهِ كَانَ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ، وَجَامَعَ لَيْلًا كَمَا هُوَ صَرِيحُ حَدِيثِهِ، وَأَمَّا الْمُحْتَرِقُ فَأَعْرَابِيٌّ جَامَعَ نَهَارًا فَتَغَايَرَا، نَعَمِ؛ اشْتَرَكَا فِي قَدْرِ الْكَفَّارَةِ وَفِي الْإِتْيَانِ بِالتَّمْرِ، وَفِي الْإِعْطَاءِ وَفِي قَوْلِ كُلٍّ مِنْهُمَا: أَعْلَى أَفْقَرَ مِنَّا، وَلَكِنْ لَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ اتِّحَادُهُمَا.
(أَفْطَرَ) قَالَ الْبَاجِيُّ: اخْتَلَفَتْ رُوَاةُ هَذَا الْحَدِيثِ فِي لَفْظِهِ، فَقَالَ أَصْحَابُ الْمُوَطَّأِ وَأَكْثَرُ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ: أَفْطَرَ، وَقَالَ جَمَاعَةٌ: جَامَعَ (فِي رَمَضَانَ) ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: كَذَا رَوَاهُ مَالِكٌ لَمْ يَذْكُرْ بِمَاذَا أَفْطَرَ؟ وَتَابَعَهُ جَمَاعَةٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، وَقَالَ أَكْثَرُ الرُّوَاةِ عَنِ الزُّهْرِيِّ: أَنَّ رَجُلًا وَقَعَ عَلَى امْرَأَتِهِ فِي رَمَضَانَ، فَذَكَرُوا مَا أَفْطَرَ بِهِ، فَتَمَسَّكَ بِهِ أَحْمَدُ وَالشَّافِعِيُّ وَمَنْ وَافَقَهُمَا فِي أَنَّ الْكَفَّارَةَ خَاصَّةٌ بِالْجِمَاعِ؛ لِأَنَّ الذِّمَّةَ بَرِّيَّةٌ فَلَا يَثْبُتُ شَيْءٌ فِيهِ إِلَّا بِيَقِينٍ.
وَقَالَ مَالِكٌ وَأَبُو حَنِيفَةَ وَطَائِفَةٌ: عَلَيْهِ الْكَفَّارَةُ بِتَعَمُّدِ أَكْلٍ أَوْ شُرْبٍ وَنَحْوِهِمَا أَيْضًا؛ لِأَنَّ الصَّوْمَ شَرْعًا الِامْتِنَاعُ مِنَ الطَّعَامِ وَالْجِمَاعِ، فَإِذَا ثَبَتَ فِي وَجْهٍ مِنْ ذَلِكَ شَيْءٌ ثَبَتَ فِي نَظِيرِهِ، وَالْجَامِعُ بَيْنَهُمَا انْتِهَاكُ حُرْمَةِ الشَّهْرِ بِمَا يُفْسِدُ الصَّوْمَ عَمْدًا.
وَلَفْظُ حَدِيثِ مَالِكٍ: يَجْمَعُ كُلَّ فِطْرٍ، لَكِنْ قَالَ عِيَاضٌ: دَعْوَى عُمُومِ قَوْلِهِ: " أَفْطَرَ " ضَعِيفَةٌ، قَالَ الْأَبِيُّ: لِأَنَّ أَفْطَرَ فِعْلٌ فِي سِيَاقِ الثُّبُوتِ، وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنَ الْأُصُولِيِّينَ بِعُمُومِهِ، إِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِيمَا إِذَا كَانَ فِي سِيَاقِ النَّفْيِ ( «فَأَمَرَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَنْ يُكَفِّرَ بِعِتْقِ رَقَبَةٍ أَوْ صِيَامِ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ أَوْ إِطْعَامِ سِتِّينَ مِسْكِينًا» ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هَكَذَا رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مَالِكٌ، وَلَمْ تَخْتَلِفْ رُوَاتُهُ عَلَيْهِ فِيهِ بِلَفْظِ التَّخْيِيرِ، وَتَابَعَهُ ابْنُ جُرَيْجٍ وَأَبُو أُوَيْسٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ، وَرَوَاهُ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِ ابْنِ شِهَابٍ عَلَى تَرْتِيبِ كَفَّارَةِ الظِّهَارِ: " «هَلْ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute