أَئِمَّةٍ كَمَالِكٍ وَمَعْمَرٍ وَالْأَوْزَاعِيُّ وَسَعِيدُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ، وُلِدَ سَنَةَ خَمْسٍ وَمَاتَ سَنَةَ خَمْسٍ وَثَلَاثِينَ وَمِائَةٍ، وَرُبَّمَا كَانَ فِي حِفْظِهِ شَيْءٌ، لِمَالِكٍ عَنْهُ ثَلَاثَةُ أَحَادِيثَ قَالَهُ فِي التَّمْهِيدِ، وَفِي التَّقْرِيبِ أَنَّهُ صَدُوقٌ يَهِمُ كَثِيرًا وَيُرْسِلُ وَيُدَلِّسُ، رَوَى لَهُ مُسْلِمٌ وَالْأَرْبَعَةُ، وَلَمْ يَصِحَّ أَنَّ الْبُخَارِيَّ أَخْرَجَ لَهُ.
(عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ أَنَّهُ قَالَ: جَاءَ أَعْرَابِيٌّ) لَمْ يُسَمِّ أَوْ هُوَ سَلَمَةُ، وَيُقَالُ فِيهِ سَلْمَانُ بْنُ صَخْرٍ أَحَدُ بَنِي بَيَاضَةَ كَمَا مَرَّ (إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هَكَذَا هَذَا الْحَدِيثُ عِنْدَ جَمَاعَةِ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ مُرْسَلًا وَهُوَ مُتَّصِلٌ بِمَعْنَاهُ مِنْ وُجُوهٍ صِحَاحٍ إِلَّا قَوْلَهُ: " «أَنْ تَهْدِيَ بَدَنَةً» " فَغَيْرُ مَحْفُوظٍ، ( «يَضْرِبُ نَحْرَهُ وَيَنْتِفُ شَعْرَهُ» ) زَادَ الدَّارَقُطْنِيُّ: وَيَحْثِي عَلَى رَأْسِهِ التُّرَابَ، وَفِي رِوَايَةٍ: وَيَلْطِمُ وَجْهَهُ وَيَدْعُو وَيْلَهُ، قِيلَ فِيهِ جَوَازُ ذَلِكَ لِمَنْ وَقَعَتْ لَهُ مُصِيبَةٌ فِي الدِّينِ لِمَا يَشْعُرُ بِهِ حَالُهُ مِنْ شِدَّةِ النَّدَمِ وَصِحَّةِ الْإِقْلَاعِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ هَذِهِ الْوَاقِعَةَ قَبْلَ النَّهْيِ عَنْ لَطْمِ الْخُدُودِ وَحَلْقِ الشَّعْرِ عِنْدَ الْمُصِيبَةِ (وَيَقُولُ: هَلَكَ الْأَبْعَدُ) يَعْنِي نَفْسَهُ، وَفِي بَعْضِ الطُّرُقِ: هَلَكْتُ وَأَهْلَكْتُ؛ أَيْ: فَعَلْتُ مَا هُوَ سَبَبٌ لِهَلَاكِي وَهَلَاكِ غَيْرِي، وَهُوَ زَوْجَتُهُ الَّتِي وَطِئَهَا، أَوِ الْمَعْنَى هَلَكْتُ بِوُقُوعِي فِي شَيْءٍ لَا أَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَأَهْلَكْتُ نَفْسِي بِفِعْلِي الَّذِي جَرَّ عَلَيَّ الْإِثْمَ، لَكِنْ زِيَادَةُ " وَأَهْلَكْتُ " حَكَمَ الْبَيْهَقِيُّ وَشَيْخُهُ الْحَاكِمُ بِأَنَّهَا بَاطِلَةٌ وَغَلَطٌ مِمَّنْ قَالَهَا، كَمَا بَسَطَ ذَلِكَ فِي الْفَتْحِ، وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ فَقَالَ: " احْتَرَقْتُ احْتَرَقْتُ "، أَطْلَقَ عَلَى نَفْسِهِ ذَلِكَ مَجَازًا عَنِ الْعِصْيَانِ، أَوْ أَنَّهُ يَحْتَرِقُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لِاعْتِقَادِهِ أَنَّ مُرْتَكِبَ الْإِثْمِ يَسْتَحِقُّ عَذَابَ النَّارِ، وَعَبَّرَ بِالْمَاضِي بِجَعْلِ الْمُتَوَقَّعِ كَالْوَاقِعِ (فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: وَمَا ذَاكَ؟) الَّذِي هَلَكْتَ بِهِ، وَلِأَحْمَدَ: الَّذِي أَهْلَكَكَ (قَالَ: أَصَبْتُ أَهْلِي) أَيْ: جَامَعْتُ زَوْجَتِي، وَفِي رِوَايَةٍ: وَقَعْتُ عَلَى امْرَأَتِي، وَفِي حَدِيثِ عَائِشَةَ: " «وَطِئْتُ امْرَأَتِي» "، (وَأَنَا) أَيْ: وَالْحَالُ أَنِّي (صَائِمٌ فِي رَمَضَانَ) قَالَ الْحَافِظُ: يُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ فِي إِطْلَاقِ اسْمِ الْمُشْتَقِّ بَقَاءُ الْمُشْتَقِّ مِنْهُ حَقِيقَةً لِاسْتِحَالَةِ كَوْنِهِ صَائِمًا مُجَامِعًا فِي حَالَةٍ وَاحِدَةٍ، فَعَلَى هَذَا قَوْلُهُ: " وَطِئْتُ " أَيْ: شَرَعْتُ فِي الْوَطْءِ، أَوْ أَرَادَ جَامَعْتُ بَعْدَ إِذْ أَنَا صَائِمٌ.
(فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: هَلْ تَسْتَطِيعُ) أَيْ: تَقْدِرُ (أَنْ تَعْتِقَ رَقَبَةً؟ فَقَالَ: لَا) أَسْتَطِيعُ، وَفِي رِوَايَةٍ فَقَالَ: " «وَاللَّهِ يَا رَسُولَ اللَّهِ» "، وَفِي أُخْرَى فَقَالَ: " «وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ مَا مَلَكْتُ رَقَبَةً قَطُّ» "، وَاسْتَدَلَ بِهِ الْحَنَفِيَّةُ وَمُوَافِقُوهُمْ عَلَى عَدَمِ اشْتِرَاطِ إِيمَانِ الرَّقَبَةِ لِإِطْلَاقِهِ فِيهَا، وَاشْتَرَطَ إِيمَانَهَا مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ وَالْجُمْهُورُ لِقَوْلِهِ فِي حَدِيثِ السَّوْدَاءِ: " «أَعْتِقْهَا فَإِنَّهَا مُؤْمِنَةٌ» "، وَلِتَقْيِيدِهَا بِالْإِيمَانِ فِي كَفَّارَةِ الْقَتْلِ، فَيُحْمَلُ الْمُطْلَقُ وَهُوَ الصَّوْمُ وَالظِّهَارُ عَلَى الْمُقَيَّدِ، وَتَوَقَّفَ فِي ذَلِكَ الْأَبِيُّ بِأَنَّ حَمْلَ الْمُطَلَّقِ عَلَى الْمُقَيَّدِ إِذَا اتَّحَدَ الْمُوجَبُ، فَإِنِ اخْتَلَفَ كَالظِّهَارِ وَالْقَتْلِ فَالَّذِي يَنْقُلُهُ الْأُصُولِيُّونَ عَنْ مَالِكٍ وَأَكْثَرِ أَصْحَابِهِ عَدَمَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute