يُفْطِرُ وَلَا يُفْطِرُهُ غَيْرُهُ وَلَوْ كَانَ مُبَاحًا كَانَ إِذْنُهُ لَا مَعْنَى لَهُ، وَقَالَ ابْنُ عُمَرَ: ذَلِكَ الْمُتَلَاعِبُ بِدِينِهِ أَوْ قَالَ بِصَوْمِهِ.
وَاحْتَجَّ الْآخَرُونَ بِحَدِيثِ أُمِّ هَانِئٍ: " «دَخَلَ عَلَيَّ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا صَائِمَةٌ فَأُتِيَ بِإِنَاءٍ مِنْ لَبَنٍ فَشَرِبَ ثُمَّ نَاوَلَنِي فَشَرِبْتُ فَقُلْتُ: إِنِّي كُنْتُ صَائِمَةً وَلَكِنِّي كَرِهْتُ أَنْ أَرُدَّ سُؤْرَكَ، فَقَالَ: إِنْ كَانَ مِنْ قَضَاءِ رَمَضَانَ فَاقْضِي يَوْمًا مَكَانَهُ، وَإِنْ كَانَ مِنْ غَيْرِهِ فَإِنْ شِئْتِ فَاقْضِي وَإِنْ شِئْتِ فَلَا تَقْضِي» "، وَحَدِيثُ عَائِشَةَ: " «دَخَلَ عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقُلْتُ: " إِنَّا خَبَّأْنَا لَكَ حَيْسًا، فَقَالَ: أَمَا إِنِّي كُنْتُ أُرِيدُ الصَّوْمَ وَلَكِنْ قَرِّبِيهِ» " انْتَهَى.
وَالْجَوَابُ عَنِ الْحَدِيثَيْنِ أَنَّهُمَا قَضِيَّةُ عَيْنٍ لَا عُمُومَ فِيهِمَا، وَأَمَّا خَبَرُ التِّرْمِذِيِّ وَصَحَّحَهُ الْحَاكِمُ: " «الْمُتَطَوِّعُ أَمِيرُ نَفْسِهِ إِنْ شَاءَ صَامَ وَإِنْ شَاءَ أَفْطَرَ» " فَمَعْنَاهُ مُرِيدُ التَّطَوُّعِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ وَمِنْهَا: {وَلَا تُبْطِلُوا أَعْمَالَكُمْ} [محمد: ٣٣] (سُورَةُ مُحَمَّدٍ: الْآيَةُ ٣٣) .
(قَالَ يَحْيَى: سَمِعْتُ مَالِكًا يَقُولُ: مَنْ أَكَلَ أَوْ شَرِبَ سَاهِيًا أَوْ نَاسِيًا فِي صِيَامِ تَطَوُّعٍ فَلَيْسَ عَلَيْهِ قَضَاءٌ وَلْيُتِمَّ يَوْمَهُ الَّذِي أَكَلَ فِيهِ أَوْ شَرِبَ وَهُوَ مُتَطَوِّعٌ وَلَا يُفْطِرْهُ) حَمْلًا لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «إِذَا نَسِيَ أَحَدُكُمْ فَأَكَلَ أَوْ شَرِبَ فَلْيُتِمَّ صَوْمَهُ فَإِنَّمَا أَطْعَمَهُ اللَّهُ وَسَقَاهُ» " رَوَاهُ الشَّيْخَانِ عَلَى صَوْمِ التَّطَوُّعِ جَمْعًا بَيْنَ الْأَدِلَّةِ.
(وَلَيْسَ عَلَى مَنْ أَصَابَهُ أَمْرٌ يَقْطَعُ صِيَامَهُ وَهُوَ مُتَطَوِّعٌ قَضَاءٌ إِذَا كَانَ إِنَّمَا أَفْطَرَ مِنْ عُذْرٍ) كَمَرَضٍ وَحَيْضٍ، (غَيْرُ مُتَعَمِّدٍ لِلْفِطْرِ) بِخِلَافِ مُتَعَمِّدِهِ حَرَامًا (وَلَا أَرَى عَلَيْهِ قَضَاءَ صَلَاةِ نَافِلَةٍ إِذَا هُوَ قَطَعَهَا مِنْ حَدَثٍ لَا يَسْتَطِيعُ حَبْسَهُ) مَنْعَهُ (مِمَّا يَحْتَاجُ فِيهِ إِلَى الْوُضُوءِ) بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ أَوْ رِيحٍ، (قَالَ مَالِكٌ: وَلَا يَنْبَغِي) لَا يَجُوزُ (أَنْ يَدْخُلَ الرَّجُلُ فِي شَيْءٍ مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ الصَّلَاةِ وَالصِّيَامِ وَالْحَجِّ وَمَا أَشْبَهَ هَذَا) وَهُوَ الْعُمْرَةُ وَالطَّوَافُ وَالِائْتِمَامُ وَالِاعْتِكَافُ (مِنَ الْأَعْمَالِ الصَّالِحَةِ) الْمُتَوَقِّفُ أَوَّلُهَا عَلَى تَمَامِهَا (الَّتِي يَتَطَوَّعُ بِهَا النَّاسُ فَيَقْطَعَهُ) بِالنَّصْبِ فِي جَوَابِ النَّهْيِ (حَتَّى يُتِمَّهُ عَلَى سُنَّتِهِ) طَرِيقَتِهِ لِيَأْتِيَ بِأَقَلِّ مَا يَكُونُ مِنْ جِنْسِ تِلْكَ الْعِبَادَةِ بِعِبَادَةٍ كَامِلَةٍ، (إِذَا كَبَّرَ لَمْ يَنْصَرِفْ حَتَّى يُصَلِّيَ رَكْعَتَيْنِ) وَذَلِكَ أَقَلُّ مَا يَكُونُ مِنْ عِبَادَةِ الصَّلَاةِ.
(وَإِذَا صَامَ لَمْ يُفْطِرْ حَتَّى
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute