للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

يُتِمَّ صَوْمَ يَوْمِهِ) لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {ثُمَّ أَتِمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: ١٨٧] (سُورَةُ الْبَقَرَةِ: الْآيَةُ ١٨٧) ، (وَإِذَا أَهَلَّ) بِالْحَجِّ (لَمْ يَرْجِعْ حَتَّى يُتِمَّ حَجَّهُ) وَكَذَا الْعُمْرَةُ وَهَذَانِ بِاتِّفَاقٍ، (وَإِذَا دَخَلَ فِي الطَّوَافِ) بِالتَّكْبِيرِ لَهُ عِنْدَ الْحَجَرِ الْأَسْوَدِ أَوِ الْمَشْيِ فِيهِ وَإِنْ لَمْ يُكَبِّرْ، (لَمْ يَقْطَعْهُ حَتَّى يُتِمَّ سُبُوعَهُ) مَعَ مَا يَتْبَعُهُ وَهُمَا الرَّكْعَتَانِ بَعْدَهُ وَذَلِكَ أَقَلُّ مَا يَكُونُ مِنْ عِبَادَةِ الطَّوَافِ.

(وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَتْرُكَ شَيْئًا مِنْ هَذَا إِذَا دَخَلَ فِيهِ حَتَّى يَقْضِيَهُ) أَيْ يُتِمَّهُ وَيُؤَدِّيَهُ وَالْقَضَاءُ يَكُونُ بِمَعْنَى الْأَدَاءِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِذَا قُضِيَتِ الصَّلَاةُ} [الجمعة: ١٠] (سُورَةُ الْجُمُعَةِ: الْآيَةُ ١٠) أَيْ أُدِّيَتْ، (إِلَّا مِنْ أَمْرٍ يَعْرِضُ لَهُ مِمَّا يَعْرِضُ) بِكَسْرِ الرَّاءِ، (لِلنَّاسِ مِنَ الْأَسْقَامِ) الْأَمْرَاضِ، (الَّتِي يُعْذَرُونَ بِهَا وَالْأُمُورِ الَّتِي يُعْذَرُونَ بِهَا) كَحَيْضٍ وَنِفَاسٍ، (وَذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ تَبَارَكَ وَتَعَالَى يَقُولُ فِي كِتَابِهِ: {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا} [البقرة: ١٨٧] جَمِيعَ اللَّيْلِ، {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ} [البقرة: ١٨٧] بَيَاضُ النَّهَارِ {مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} [البقرة: ١٨٧] سَوَادُ اللَّيْلِ، قَالَ الْبَيْضَاوِيُّ: شَبَّهَ أَوَّلَ مَا يَبْدُو (مِنَ الْفَجْرِ) الْمُعْتَرِضِ فِي الْأُفُقِ وَمَا يَمْتَدُّ مَعَهُ مِنْ غَبَشِ اللَّيْلِ بِخَيْطَيْنِ أَبْيَضَ وَأَسْوَدَ، وَاكْتَفَى بِبَيَانِ الْخَيْطِ الْأَبْيَضِ بِقَوْلِهِ: " مِنَ الْفَجْرِ " عَنْ بَيَانِ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ لِدَلَالَتِهِ عَلَيْهِ وَلِذَلِكَ خَرَجَا عَنِ الِاسْتِعَارَةِ إِلَى التَّمْثِيلِ، وَيَجُوزُ أَنَّ " مِنْ " لِلتَّبْعِيضِ، فَإِنَّ مَا يَبْدُو بَعْضُ الْفَجْرِ.

{ثُمَّ أَتَمُّوا الصِّيَامَ إِلَى اللَّيْلِ} [البقرة: ١٨٧] فَإِنَّهُ آخِرُ وَقْتِهِ، (فَعَلَيْهِ إِتْمَامُ الصِّيَامِ كَمَا قَالَ اللَّهُ) لِعُمُومِهِ الْفَرْضَ وَالنَّفْلَ.

وَفِي الصَّحِيحَيْنِ «عَنْ عَدِيِّ بْنِ حَاتِمٍ: " لَمَّا نَزَلَتْ {حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: ١٨٧] (سُورَةُ الْبَقَرَةِ: الْآيَةُ ١٨٧) عَمَدْتُ إِلَى عِقَالَيْنِ أَسْوَدَ وَأَبْيَضَ فَجَعَلْتُهُمَا تَحْتَ وِسَادَتِي فَجَعَلْتُ أَنْظُرُ فِي اللَّيْلِ فَلَا يَتَبَيَّنُ لِي، فَغَدَوْتُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَذَكَرْتُ لَهُ ذَلِكَ فَقَالَ: إِنَّمَا ذَلِكَ سَوَادُ اللَّيْلِ وَبَيَاضُ النَّهَارِ» . وَفِيهِمَا عَنْ سَهْلِ بْنِ سَعْدٍ: «لَمَّا نَزَلَتْ {وَكُلُوا وَاشْرَبُوا حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ} [البقرة: ١٨٧] وَلَمْ يَنْزِلْ مِنَ الْفَجْرِ فَكَانَ رِجَالٌ إِذَا أَرَادُوا الصَّوْمَ رَبَطَ أَحَدُهُمْ فِي رِجْلَيْهِ الْخَيْطَ الْأَبْيَضَ وَالْخَيْطَ الْأَسْوَدَ وَلَا يَزَالُ يَأْكُلُ حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَهُ فَأَنْزَلَ اللَّهُ بَعْدَهُ {مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: ١٨٧] » ، قَالَ الْحَافِظُ وَغَيْرُهُ: حَدِيثُ عَدِيٍّ يَقْتَضِي نُزُولَ " مِنَ الْفَجْرِ " مُتَّصِلًا بِمَا قَبْلَهُ، وَحَدِيثُ سَهْلٍ صَرِيحٌ فِي أَنَّهُ إِنَّمَا نَزَلَ

<<  <  ج: ص:  >  >>