بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ) بِضَمِّ الْعَيْنَيْنِ، (عَنْ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) بْنِ عَوْفٍ، (عَنْ عَائِشَةَ زَوْجِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ، هَكَذَا قَالَ أَبُو النَّضْرِ، وَوَافَقَهُ يَحْيَى بْنُ أَبِي كَثِيرٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَمُحَمَّدُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ وَزَيْدُ بْنُ أَبِي غِيَاثٍ عِنْدَ النَّسَائِيِّ، وَمُحَمَّدُ بْنُ عُمَرَ، وَعِنْدَ التِّرْمِذِيِّ كُلُّهُمْ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ، وَخَالَفَهُمْ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ وَسَالِمُ بْنُ أَبِي الْجَعْدِ فَرَوَيَاهُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ أَخْرَجَهُمَا النَّسَائِيُّ.
وَقَالَ التِّرْمِذِيُّ عَقِبَ طَرِيقِ سَالِمٍ: هَذَا إِسْنَادٌ صَحِيحٌ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ أَبَا سَلَمَةَ رَوَاهُ عَنْ كُلٍّ مِنْ عَائِشَةَ وَأُمِّ سَلَمَةَ وَأَيَّدَهُ الْحَافِظُ بِأَنَّ مُحَمَّدَ بْنَ إِبْرَاهِيمَ التَّيْمِيَّ رَوَاهُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ عَائِشَةَ تَارَةً، وَعَنْ أُمِّ سَلَمَةَ تَارَةً أُخْرَى أَخْرَجَهُمَا النَّسَائِيُّ.
(أَنَّهَا قَالَتْ: «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَصُومُ حَتَّى نَقُولَ لَا يُفْطِرُ» ) أَيْ يَنْتَهِي صَوْمُهُ إِلَى غَايَةٍ نَقُولُ لَا يُفْطِرُ، (وَيُفْطِرُ حَتَّى نَقُولَ لَا يَصُومُ) أَيْ يَنْتَهِي فِطْرُهُ إِلَى غَايَةٍ كَذَلِكَ.
( «وَمَا رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ اسْتَكْمَلَ صِيَامَ شَهْرٍ قَطُّ إِلَّا رَمَضَانَ» ) لِئَلَّا يُظَنَّ وُجُوبُهُ.
(وَمَا رَأَيْتُهُ فِي شَهْرٍ أَكْثَرَ) بِالنَّصْبِ ثَانِي مَفْعُولَيْ رَأَيْتُ (صِيَامًا) بِالنَّصْبِ وَرُوِيَ بِالْخَفْضِ، قَالَ السُّهَيْلِيُّ: وَهُوَ وَهْمٌ كَأَنَّهُ كُتِبَ بِلَا أَلْفٍ عَلَى لُغَةِ مَنْ يَقِفُ عَلَى الْمَنْصُوبِ الْمُنَوَّنِ بِدُونِ أَلِفٍ فَتَوَهَّمَهُ مَخْفُوضًا أَوْ ظَنَّ بَعْضُ الرُّوَاةِ أَنَّهُ مُضَافٌ لِأَنَّ صِيغَةَ أَفْعَلُ تُضَافُ كَثِيرًا فَتَوَهَّمَهَا مُضَافَةً وَهِيَ مُمْتَنِعَةٌ هُنَا قَطْعًا، (مِنْهُ فِي شَعْبَانَ) مُتَعَلِّقٌ بِ " صِيَامًا " لِرَفْعِ أَعْمَالِ الْعِبَادِ فِيهِ، فَفِي النَّسَائِيِّ «عَنْ أُسَامَةَ: " قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ أَرَكَ تَصُومُ مِنْ شَهْرٍ مِنَ الشُّهُورِ مَا تَصُومُ مِنْ شَعْبَانَ، قَالَ: ذَلِكَ شَهْرٌ يَغْفُلُ النَّاسُ عَنْهُ بَيْنَ رَجَبٍ وَرَمَضَانَ وَهُوَ شَهْرٌ تُرْفَعُ فِيهِ الْأَعْمَالُ إِلَى رَبِّ الْعَالَمِينَ فَأُحِبُّ أَنْ يُرْفَعَ عَمَلِي وَأَنَا صَائِمٌ» "، فَبَيَّنَ وَجْهَ صِيَامِهِ دُونَ غَيْرِهِ بِرَفْعِ الْأَعْمَالِ فِيهِ وَأَنَّهُ يُغْفَلُ عَنْهُ، لِأَنَّهُ لَمَّا اكْتَنَفَهُ شَهْرَانِ عَظِيمَانِ الشَّهْرُ الْحَرَامِ وَشَهْرُ الصِّيَامِ اشْتَغَلَ النَّاسُ بِهِمَا فَصَارَ مَغْفُولًا عَنْهُ، وَنَحْوَهُ فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ عِنْدَ أَبِي يَعْلَى لَكِنْ قَالَ فِيهِ: " «إِنَّ اللَّهَ يَكْتُبُ كُلَّ نَفْسِ مَيِّتَةٍ تِلْكَ السَّنَةَ فَأُحِبُّ أَنْ يَأْتِيَ أَجَلِي وَأَنَا صَائِمٌ» "، وَلَا يُعَارِضَهُ النَّهْيُ عَنْ تَقَدُّمِ رَمَضَانَ بِيَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ بِحَمْلِهِ عَلَى مَنْ لَمْ يَدْخُلْ فِي صِيَامٍ اعْتَادَهُ.
قَالَ بَعْضُهُمْ: كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يَظُنُّ أَنَّ صِيَامَ رَجَبٍ أَفْضَلُ مِنْهُ لِأَنَّهُ شَهَرٌ حَرَامٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَقَالَ: أَكْثَرُ فِيهِ تَعْظِيمًا لِرَمَضَانَ لِحَدِيثِ أَنَسٍ: " «سُئِلَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَيُّ الصَّوْمِ أَفْضَلُ بَعْدَ رَمَضَانَ؟ قَالَ: شَعْبَانُ لِتَعْظِيمِ رَمَضَانَ» "، رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ وَقَالَ غَرِيبٌ. وَيُعَارِضُهُ خَبَرُ مُسْلِمٍ الْآتِي، وَقِيلَ: لِأَنَّهُ كَانَ يَصُومُ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ مِنْ كُلِّ شَهْرٍ، وَرُبَّمَا مَنَعَهُ مِنْ صَوْمِهَا عُذْرٌ، وَكَانَ يَقْضِيهَا فِي شَعْبَانَ قَبْلَ تَمَامِ عَامِهِ، وَفِيهِ حَدِيثٌ ضَعِيفٌ أَخْرَجَهُ الطَّبَرَانِيُّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute