مُرْسَلٌ، وَصَلَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَأَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ مِنْ طُرُقٍ عَنْ عَطَاءٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى بْنِ أُمَيَّةَ عَنْ أَبِيهِ.
(أَنَّ أَعْرَابِيًّا جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) ، قَالَ الْحَافِظُ: لَمْ أَقِفْ عَلَى اسْمِهِ لَكِنْ فِي تَفْسِيرِ الطَّرْطُوشِيِّ أَنَّ اسْمَهُ عَطَاءُ بْنُ أُمَيَّةَ.
قَالَ ابْنُ فَتْحُونَ: إِنْ ثَبَتَ ذَلِكَ فَهُوَ أَخُو يَعْلَى رَاوِي الْخَبَرِ، وَيَجُوزُ أَنْ يَكُونَ خَطَأً مِنَ اسْمِ الرَّاوِي فَإِنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ عَطَاءٍ عَنْ صَفْوَانَ بْنِ يَعْلَى عَنْ أَبِيهِ، وَمِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَذْكُرْ بَيْنَ عَطَاءٍ وَيَعْلَى أَحَدًا.
وَقَوْلُ شَيْخِنَا ابْنِ الْمُلَقِّنِ: يَجُوزُ أَنَّهُ عَمْرُو بْنُ سَوَادٍ لِأَنَّ فِي الشِّفَاءِ عَنْهُ: " «أَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَنَا مُتَخَلِّقٌ فَقَالَ: وَرْسٌ وَرْسٌ حُطَّ حُطَّ، وَغَشِيَنِي بِقَضِيبٍ فِي بَطْنِي فَأَوْجَعَنِي» " الْحَدِيثَ، لَكِنَّ عَمْرَو هَذَا لَا يُدْرِكُ ذَا فَإِنَّهُ صَاحِبُ ابْنِ وَهْبٍ، مُعْتَرَضٌ، فَأَمَّا أَوَّلًا فَلَيْسَتْ هَذِهِ الْقِصَّةُ شَبِيهَةٌ بِهَذِهِ الْقِصَّةِ حَتَّى يُفَسِّرَ صَاحِبَهَا بِهَا.
وَأَمَا ثَانِيًا فَفِي الِاسْتِدْرَاكِ غَفْلَةٌ عَظِيمَةٌ لِأَنَّ مَنْ يَقُولُ: أَتَيْتُ النَّبِيَّ لَا يُتَخَيَّلُ أَنَّهُ صَاحِبُ صَاحِبِ مَالِكٍ بَلْ إِنْ ثَبَتَ فَهُوَ آخَرُ اتِّفَاقًا فِي الِاسْمِ وَاسْمِ الْأَبِ وَلَمْ يَثْبُتْ لِأَنَّهُ انْقَلَبَ عَلَى شَيْخِنَا، وَإِنَّمَا الَّذِي فِي الشِّفَاءِ سَوَادُ بْنُ عَمْرٍو، وَقِيلَ: سَوَادَةُ بْنُ عَمْرٍو، أَخْرَجَ حَدِيثَهُ الْمَذْكُورَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ فِي مُصَنَّفِهِ وَالْبَغْوَيُّ فِي مُعْجَمِهِ، (وَهُوَ بِحُنَيْنٍ) أَيْ مُنْصَرِفٌ مِنْ غَزْوَتِهَا، وَالْمَوْضِعُ الَّذِي لَقِيَهُ فِيهِ هُوَ الْجِعْرَانَةُ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ.
وَفِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا: " أَنَّ يَعْلَى قَالَ لِعُمَرَ: «أَرِنِي النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حِينَ يُوحَى إِلَيْهِ، قَالَ: فَبَيْنَمَا النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْجِعْرَانَةِ وَمَعَهُ نَفَرٌ مِنْ أَصْحَابِهِ جَاءَهُ رَجُلٌ فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ تَرَى فِي رَجُلٍ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَهُوَ مُتَضَمِّخٌ بِطِيبٍ؟ فَسَكَتَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَهُ الْوَحْيُ وَأَشَارَ عُمَرُ إِلَى يَعْلَى فَجَاءَ يَعْلَى وَعَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَوْبٌ قَدْ أُظِلَّ بِهِ فَأَدْخَلَ رَأْسَهُ فَإِذَا رَسُولُ اللَّهِ مُحْمَرُّ الْوَجْهِ وَهُوَ يَغِطُّ ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ» ".
(وَعَلَى الْأَعْرَابِيِّ قَمِيصٌ) ، وَفِي رِوَايَةٍ: وَعَلَيْهِ جُبَّةٌ (وَبِهِ أَثَرُ صُفْرَةٍ) مِنْ زَعْفَرَانٍ (فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي أَهْلَلْتُ بِعُمْرَةٍ فَكَيْفَ تَأْمُرُنِي أَنْ أَصْنَعَ؟) فِي عُمْرَتِي (فَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) بَعْدَ سُكُوتِهِ حَتَّى نَزَلَ عَلَيْهِ الْوَحْيُ ثُمَّ سُرِّيَ عَنْهُ فَقَالَ: أَيْنَ الَّذِي سَأَلَ عَنِ الْعُمْرَةِ؟ فَأُتِيَ بِهِ فَقَالَ: (انْزِعْ قَمِيصَكَ، وَاغْسِلْ هَذِهِ الصُّفْرَةَ) ، وَلِمُسْلِمٍ: اخْلَعْ هَذِهِ الْجُبَّةَ، وَاغْسِلْ هَذَا الزَّعْفَرَانَ، (عَنْكَ) ، زَادَ الصَّحِيحَانِ: ثَلَاثَ مَرَّاتٍ، قَالَ عِيَاضٌ وَغَيْرُهُ: يُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنْ لَفْظِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَيَكُونُ نَصًّا فِي تَكْرَارِ الْغَسْلِ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنْ كَلَامِ الصَّحَابِيِّ وَأَنَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَعَادَ لَفْظَ اغْسِلْ مَرَّةً ثُمَّ مَرَّةً عَلَى عَادَتِهِ أَنَّهُ كَانَ إِذَا تَكَلَّمَ بِكَلِمَةٍ أَعَادَهَا ثَلَاثًا لِتُفْهَمَ عَنْهُ.
(وَافْعَلْ فِي عُمْرَتِكَ مَا تَفْعَلُ) ، وَفِي رِوَايَةٍ: وَاصْنَعْ فِي عُمْرَتِكَ مَا تَصْنَعُ (فِي حَجِّكَ) مُطَابَقَةً لِقَوْلِهِ: أَنِ اصْنَعْ، وَفِيهِ أَنَّهُ كَانَ يَعْرِفُ أَعْمَالَ الْحَجِّ قَبْلَ ذَلِكَ.
قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ: كَأَنَّهُمْ كَانُوا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute