للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

دُبِغَتْ.

وَقَالَ عِيَاضٌ فِي الْإِكْمَالِ: الْأَصَحُّ عِنْدِي أَنَّ اشْتِقَاقَهَا وَإِضَافَتَهَا إِلَى السِّبْتِ الَّذِي هُوَ الْجِلْدُ الْمَدْبُوغُ أَوْ إِلَى الدِّبَاغَةِ لِأَنَّ السِّينَ مَكْسُورَةٌ، وَلَوْ كَانَتْ مِنَ السَّبْتِ الَّذِي هُوَ الْحَلْقُ كَمَا قَالَ الْأَزْهَرِيُّ وَغَيْرُهُ لَكَانَتِ النِّسْبَةُ سَبْتَيَّةٌ بِالْفَتْحِ، وَلَمْ يَرْوِهَا أَحَدٌ فِي هَذَا الْحَدِيثِ وَلَا غَيْرِهِ وَلَا فِي الشِّعْرِ فِيمَا عَلِمْتُ إِلَّا بِالْكَسْرِ، قَالَ: وَكَانَ مِنْ عَادَةِ الْعَرَبِ لُبْسُ النِّعَالِ بِشَعَرِهَا غَيْرَ مَدْبُوغَةٍ، وَكَانَتِ الْمَدْبُوغَةُ تُعْمَلُ بِالطَّائِفِ وَغَيْرِهِ، وَيَلْبَسُهَا أَهْلُ الرَّفَاهِيَةِ.

(وَرَأَيْتُكَ تَصْبُغُ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَحُكِيَ فَتْحُهَا وَكَسْرُهَا، (بِالصُّفْرَةِ) ثَوْبَكَ أَوْ شَعَرَكَ، (وَرَأَيْتُكَ إِذَا كُنْتَ) مُسْتَقِرًّا (بِمَكَّةَ أَهَلَّ النَّاسُ) أَيْ رَفَعُوا أَصْوَاتَهُمْ بِالتَّلْبِيَةِ لِلْإِحْرَامِ بِحَجٍّ أَوْ عُمْرَةٍ، (إِذَا رَأَوُا الْهِلَالَ) أَيْ هِلَالَ ذِي الْحِجَّةِ، (وَلَمْ تُهْلِلْ) بِلَامَيْنِ بِفَكِّ الْإِدْغَامِ (أَنْتَ حَتَّى يَكُونَ) أَيْ يُوجَدَ، وَفِي رِوَايَةٍ كَانَ أَيْ وُجِدَ (يَوْمُ) بِالرَّفْعِ فَاعِلُ يَكُونُ التَّامَّةِ وَالنَّصْبِ خَبَرٌ عَلَى أَنَّهَا نَاقِصَةٌ، (التَّرْوِيَةِ) ثَامِنُ ذِي الْحِجَّةِ لِأَنَّ النَّاسَ كَانُوا يَرْوُونَ فِيهِ مِنَ الْمَاءِ أَيْ يَحْمِلُونَهُ مِنْ مَكَّةَ إِلَى عَرَفَاتٍ لِيَسْتَعْمِلُوهُ شُرْبًا وَغَيْرَهُ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ.

(فَتُهِلَّ أَنْتَ) وَتَبَيَّنَ مِنْ جَوَابِهِ أَنَّهُ كَانَ لَا يُهِلُّ حَتَّى يَرْكَبَ قَاصِدًا إِلَى مِنًى (فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ: أَمَّا الْأَرْكَانُ فَإِنِّي لَمْ أَرَ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَمَسُّ) ، وَفِي رِوَايَةٍ: يَسْتَلِمُ مِنْهَا (إِلَّا) الرُّكْنَيْنِ (الْيَمَانِيَّيْنِ) بِالتَّخْفِيفِ لِأَنَّهُمَا عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ وَمَسُّهُمَا وَاسْتِلَامُهُمَا مُخْتَلِفٌ، فَالْعِرَاقِيُّ مِنْهُ وَهُوَ اسْتِلَامُهُ بِالتَّقْبِيلِ لِاخْتِصَاصِهِ بِالْحَجَرِ الْأَسْوَدِ إِنْ قَدَرَ وَإِلَّا فَبِيَدِهِ أَوْ بِعُودٍ ثُمَّ وَضْعِهِ عَلَى فِيهِ بِلَا تَقْبِيلٍ، وَالْيَمَانِيُّ مَسُّهُ بِيَدِهِ ثُمَّ يَضَعُهَا عَلَى فِيهِ بِلَا تَقْبِيلٍ، وَلَا يَمَسُّهُ بِفِيهِ بِخِلَافِ الشَّامِيَّيْنِ فَلَيْسَا عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ فَلَمْ يَمَسَّهُمَا فَالْعِلَّةُ ذَلِكَ، قَالَ الْقَابِسِيُّ: لَوْ أُدْخِلَ الْحَجَرُ فِي الْبَيْتِ حَتَّى عَادَ الشَّامِيَّانِ عَلَى قَوَاعِدِ إِبْرَاهِيمَ اسْتُلِمَا، قَالَ ابْنُ الْقَصَّارِ: وَلِذَا لَمَّا بَنَى ابْنُ الزُّبَيْرِ الْكَعْبَةَ عَلَى قَوَاعِدِهِ اسْتَلَمَ الْأَرْكَانَ كُلَّهَا، وَالَّذِي قَالَهُ الْجُمْهُورُ سَلَفًا وَخَلَفًا أَنَّ الشَّامِيَّيْنِ لَا يُسْتَلَمَانِ، قَالَ عِيَاضٌ: وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ أَئِمَّةُ الْأَمْصَارِ وَالْفُقَهَاءُ، وَإِنَّمَا كَانَ الْخِلَافُ فِي ذَلِكَ فِي الْعَصْرِ الْأَوَّلِ مِنْ بَعْضِ الصَّحَابَةِ وَبَعْضِ التَّابِعِينَ ثُمَّ ذَهَبَ، وَقَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: اخْتِصَاصُ الرُّكْنَيْنِ بُيِّنَ بِالسُّنَّةِ وَمُسْتَنَدُ التَّعْمِيمِ الْقِيَاسُ، وَأَجَابَ الشَّافِعِيُّ عَنْ قَوْلِ مَنْ قَالَ لَيْسَ شَيْءٌ مِنَ الْبَيْتِ مَهْجُورًا بِأَنَّا لَمْ نَدَعِ اسْتِلَامَهُمَا هَجْرًا لِلْبَيْتِ، وَكَيْفَ يَهْجُرُهُ وَهُوَ يَطُوفُ بِهِ؟ وَلَكِنَّا نَتَّبِعُ السُّنَّةَ فِعْلًا أَوْ تَرْكًا، وَلَوْ كَانَ تَرْكُ اسْتِلَامِهِمَا هَجْرًا لَهُمَا لَكَانَ تَرْكُ اسْتِلَامِ مَا بَيْنَ الْأَرْكَانِ هَجْرًا لَهَا وَلَا قَائِلَ بِهِ.

(وَأَمَّا النِّعَالُ السِّبْتِيَّةُ فَإِنِّي «رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَلْبَسُ النِّعَالَ الَّتِي لَيْسَ فِيهَا شَعَرٌ» ) أَشَارَ إِلَى تَفْسِيرِهَا

<<  <  ج: ص:  >  >>