- (مَالِكٌ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ) بْنِ نَوْفَلٍ أَبِي الْأَسْوَدِ يَتِيمِ عُرْوَةَ (عَنْ سُلَيْمَانَ بْنِ يَسَارٍ) أَحَدِ الْفُقَهَاءِ التَّابِعِيِّ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ) أَرْسَلَهُ سُلَيْمَانُ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّ أَبَا الْأَسْوَدِ وَصَلَهُ عَنْ عُرْوَةَ عَنْ عَائِشَةَ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ خَرَجَ إِلَى الْحَجِّ) » فِي تِسْعِينَ أَلْفًا، وَيُقَالُ: مِائَةُ أَلْفٍ وَأَرْبَعَةَ عَشَرَ أَلْفًا، وَيُقَالُ: أَكْثَرُ مِنْ ذَلِكَ حَكَاهُ الْبَيْهَقِيُّ وَهَذَا فِي عِدَّةِ الَّذِينَ خَرَجُوا مَعَهُ، وَأَمَّا الَّذِينَ حَجُّوا مَعَهُ فَأَكْثَرُ الْمُقِيمِينَ بِمَكَّةَ وَالَّذِينَ أَتَوْا مِنَ الْيَمَنِ مَعَ عَلِيٍّ وَأَبِي مُوسَى وَفِي حَدِيثٍ: " «إِنَّ اللَّهَ وَعَدَ هَذَا الْبَيْتَ أَنْ يَحُجَّهُ فِي كُلِّ سَنَةٍ سِتُّمِائَةِ أَلْفِ إِنْسَانٍ فَإِنْ نَقَصُوا كَمَّلَهُمُ اللَّهُ بِالْمَلَائِكَةِ» "، قَالَ الْحَافِظُ فِي تَسْدِيدِ الْقَوْسِ: هَذَا الْحَدِيثُ ذَكَرَهُ الْغَزَالِيُّ وَلَمْ يُخْرِجْهُ شَيْخُنَا الْعِرَاقِيُّ.
(فَمِنْ أَصْحَابِهِ مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ) مُفْرَدٍ وَهُمْ أَكْثَرُهُمْ، (وَمِنْهُمْ مَنْ جَمَعَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ) قَرَنَ بَيْنَهُمَا، (وَمِنْهُمْ مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ) فَقَطْ، (فَأَمَّا مَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ، أَوْ جَمَعَ الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ فَلَمْ يَحْلِلْ) حَتَّى كَانَ يَوْمُ النَّحْرِ، (وَأَمَّا مَنْ كَانَ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ فَحَلُّوا) لَمَّا طَافُوا وَسَعَوْا وَحَلَقُوا أَوْ قَصَّرُوا مَنْ لَمْ يَسُقْ هَدْيًا بِإِجْمَاعٍ، وَمَنْ سَاقَهُ عِنْدَ مَالِكٍ وَالشَّافِعِيِّ وَجَمَاعَةٍ قِيَاسًا عَلَى مَنْ لَمْ يَسُقْهُ، وَلِأَنَّهُ يُحِلُّ مِنْ نُسُكِهِ فَوَجَبَ أَنْ يَحِلَّ لَهُ كُلُّ شَيْءٍ، وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ وَأَحْمَدُ وَجَمَاعَةٌ: لَا يُحِلُّ مِنْ عُمْرَتِهِ حَتَّى يَنْحَرَ هَدْيَهُ يَوْمَ النَّحْرِ لِمَا فِي مُسْلِمٍ عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا: " «مَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَلَمْ يُهْدِ فَلْيَتَحَلَّلْ، وَمَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَأَهْدَى فَلَا يُحِلُّ حَتَّى يَنْحَرَ هَدْيَهُ، وَمَنْ أَهَلَّ بِحَجٍّ فَلْيُتِمَّ حَجَّهُ» "، وَهُوَ ظَاهِرٌ فِيمَا قَالُوهُ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ هَذِهِ الرِّوَايَةَ مُخْتَصَرَةٌ مِنَ الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى الْآتِيَةِ فِي الْمُوَطَّأِ وَالصَّحِيحَيْنِ عَنْ عَائِشَةَ مَرْفُوعًا: " «مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهْلِلْ بِالْحَجِّ مَعَ الْعُمْرَةِ ثُمَّ لَا يَحِلُّ حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا» "، فَهَذِهِ مُفَسِّرَةٌ لِلْمَحْذُوفِ مِنْ تِلْكَ، وَتَقْدِيرُهَا: وَمَنْ أَحْرَمَ بِعُمْرَةٍ وَأَهْدَى فَلْيُهْلِلْ بِالْحَجِّ مَعَ الْعُمْرَةِ وَلَا يَحِلُّ حَتَّى يَنْحَرَ هَدْيَهُ، وَهَذَا التَّأْوِيلُ مُتَعَيِّنٌ جَمْعًا بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ لِاتِّحَادِ الْقِصَّةِ وَالرَّاوِي.
(مَالِكٌ أَنَّهُ سَمِعَ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ: مَنْ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ ثُمَّ بَدَا لَهُ أَنْ يُهِلَّ بِحَجٍّ مَعَهَا فَذَلِكَ) جَائِزٌ (لَهُ مَا لَمْ يَطُفْ بِالْبَيْتِ وَ) يَسْعَى (بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ) ، فَإِنْ طَافَ وَصَلَّى رَكْعَتَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute