فَلَيْسَ لَهُ الْإِرْدَافُ وَلَا يَنْعَقِدُ وَأَوْلَى إِنْ سَعَى لَهَا وَلَا قَضَاءَ عَلَيْهِ وَلَا دَمَ لِأَنَّهُ كَالْعَدَمِ لِأَنَّهُ يَصِحُّ الْإِهْلَالُ بِالْحَجِّ بَعْدَ سَعْيِ الْعُمْرَةِ وَقَبْلَ حِلَاقِهَا، لَكِنْ يَحْرُمُ عَلَيْهِ الْحَلْقُ حَتَّى يَفْرُغَ مِنَ الْحَجِّ وَعَلَيْهِ الْهَدْيُ، فَلَوْ حَلَقَ وَجَبَ عَلَيْهِ هَدْيٌ وَفِدْيَةٌ.
(وَقَدْ صَنَعَ ذَلِكَ ابْنُ عُمَرَ حِينَ قَالَ) كَمَا رَوَاهُ الْإِمَامُ بَعْدَ ذَلِكَ عَنْ نَافِعٍ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ حِينَ خَرَجَ إِلَى مَكَّةَ مُعْتَمِرًا فِي الْفِتْنَةِ: (إِنْ صُدِدْتَ عَنِ الْبَيْتِ صَنَعْنَا كَمَا صَنَعْنَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) مِنَ التَّحَلُّلِ حِينَ حُصِرْنَا بِالْحُدَيْبِيَةِ، زَادَ فِي الرِّوَايَةِ الْآتِيَةِ: فَأَهَلَّ بِعُمْرَةٍ مِنْ أَجْلِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَهَلَّ بِعُمْرَةٍ عَامَ الْحُدَيْبِيَةِ، ثُمَّ نَظَرَ عَبْدُ اللَّهِ فِي أَمْرِهِ فَقَالَ: مَا أَمْرُهُمَا إِلَّا وَاحِدٌ.
(ثُمَّ الْتَفَتَ إِلَى أَصْحَابِهِ فَقَالَ) مُخْبِرًا لَهُمْ بِمَا أَدَّى إِلَيْهِ نَظَرُهُ (مَا أَمْرُهُمَا إِلَّا وَاحِدٌ) بِالرَّفْعِ أَيْ فِي حُكْمِ الْحَصْرِ فَإِذَا جَازَ التَّحَلُّلُ فِي الْعُمْرَةِ مَعَ أَنَّهَا غَيْرُ مَحْدُودَةٍ بِوَقْتٍ فَهُوَ فِي الْحَجِّ أَجْوَزُ، وَفِيهِ الْعَمَلُ بِالْقِيَاسِ، (أُشْهِدُكُمْ أَنِّي قَدْ أَوْجَبْتُ الْحَجَّ مَعَ الْعُمْرَةِ) فَأَدْخَلَ الْحَجَّ عَلَيْهَا قَبْلَ أَنْ يَعْمَلَ شَيْئًا مِنْ عَمَلِهَا وَهُوَ جَائِزٌ بِاتِّفَاقٍ وَإِنَّمَا أَشْهَدَ بِذَلِكَ، وَلَمْ يَكْتَفِ بِالنِّيَّةِ لِأَنَّهُ أَرَادَ الْإِعْلَامَ لِمَنْ يُرِيدُ الِاقْتِدَاءَ بِهِ، (قَالَ) ابْنُ عُمَرَ مُحْتَجًّا عَلَى إِدْخَالِ الْحَجِّ عَلَى الْعُمْرَةِ، (وَقَدْ أَهَلَّ أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) أَيْ بَعْضُهُمْ كَمَا فِي حَدِيثِ عَائِشَةَ: (عَامَ حَجَّةِ الْوَدَاعِ بِالْعُمْرَةِ ثُمَّ قَالَ) لَهُمْ (رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَنْ كَانَ مَعَهُ هَدْيٌ فَلْيُهْلِلْ بِالْحَجِّ مَعَ الْعُمْرَةِ) الَّتِي أَهَلَّ بِهَا أَيْ يُدْخِلُهَا عَلَيْهَا، (ثُمَّ لَا يَحِلُّ) مِنْ كُلِّ شَيْءٍ حَرُمَ عَلَى الْمُحْرِمِ (حَتَّى يَحِلَّ مِنْهُمَا جَمِيعًا) يَوْمَ النَّحْرِ بِتَمَامِ طَوَافِ الْإِفَاضَةِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute