للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَحَدَّثَنِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ كَانَ إِذَا اعْتَمَرَ رُبَّمَا لَمْ يَحْطُطْ عَنْ رَاحِلَتِهِ حَتَّى يَرْجِعَ

قَالَ مَالِكٌ الْعُمْرَةُ سُنَّةٌ وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَرْخَصَ فِي تَرْكِهَا

قَالَ مَالِكٌ وَلَا أَرَى لِأَحَدٍ أَنْ يَعْتَمِرَ فِي السَّنَةِ مِرَارًا

قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُعْتَمِرِ يَقَعُ بِأَهْلِهِ إِنَّ عَلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْهَدْيَ وَعُمْرَةً أُخْرَى يَبْتَدِئُ بِهَا بَعْدَ إِتْمَامِهِ الَّتِي أَفْسَدَهَا وَيُحْرِمُ مِنْ حَيْثُ أَحْرَمَ بِعُمْرَتِهِ الَّتِي أَفْسَدَهَا إِلَّا أَنْ يَكُونَ أَحْرَمَ مِنْ مَكَانٍ أَبْعَدَ مِنْ مِيقَاتِهِ فَلَيْسَ عَلَيْهِ أَنْ يُحْرِمَ إِلَّا مِنْ مِيقَاتِهِ

قَالَ مَالِكٌ وَمَنْ دَخَلَ مَكَّةَ بِعُمْرَةٍ فَطَافَ بِالْبَيْتِ وَسَعَى بَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَهُوَ جُنُبٌ أَوْ عَلَى غَيْرِ وُضُوءٍ ثُمَّ وَقَعَ بِأَهْلِهِ ثُمَّ ذَكَرَ قَالَ يَغْتَسِلُ أَوْ يَتَوَضَّأُ ثُمَّ يَعُودُ فَيَطُوفُ بِالْبَيْتِ وَبَيْنَ الصَّفَا وَالْمَرْوَةِ وَيَعْتَمِرُ عُمْرَةً أُخْرَى وَيُهْدِي وَعَلَى الْمَرْأَةِ إِذَا أَصَابَهَا زَوْجُهَا وَهِيَ مُحْرِمَةٌ مِثْلُ ذَلِكَ

قَالَ مَالِكٌ فَأَمَّا الْعُمْرَةُ مِنْ التَّنْعِيمِ فَإِنَّهُ مَنْ شَاءَ أَنْ يَخْرُجَ مِنْ الْحَرَمِ ثُمَّ يُحْرِمَ فَإِنَّ ذَلِكَ مُجْزِئٌ عَنْهُ إِنْ شَاءَ اللَّهُ وَلَكِنْ الْفَضْلُ أَنْ يُهِلَّ مِنْ الْمِيقَاتِ الَّذِي وَقَّتَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَوْ مَا هُوَ أَبْعَدُ مِنْ التَّنْعِيمِ

ــ

٧٧٨ - ٧٦٨ - (مَالِكٌ أَنَّهُ بَلَغَهُ أَنَّ عُثْمَانَ بْنَ عَفَّانَ كَانَ إِذَا اعْتَمَرَ رُبَّمَا لَمْ يَحْطُطْ عَنْ رَاحِلَتِهِ حَتَّى يَرْجِعَ) إِلَى الْمَدِينَةِ، لِأَنَّهُ كَانَ يَنْهَى عَنِ الْمُتْعَةِ، كَمَا مَرَّ، وَلِأَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنَّمَا أَرْخَصَ لِلْمُهَاجِرِ أَنْ يُقِيمَ بِمَكَّةَ بَعْدَ قَضَاءِ نُسُكِهِ ثَلَاثًا، أَيْ لِقَضَاءِ حَاجَتِهِ، فَرَأَى عُثْمَانُ أَنَّهُ مُسْتَغْنٍ عَنِ الرُّخْصَةِ، فَعَجَّلَ الْأَوْبَةَ إِلَى دَارِ مَقَامِهِ، لِقِيَامِهِ بِأُمُورِ الْعَامَّةِ، وَالْخَاصَّةِ.

(قَالَ مَالِكٌ: الْعُمْرَةُ سُنَّةٌ) مُؤَكَّدَةٌ آكَدُ مِنَ الْوَتْرِ، وَهَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ، وَبِهِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ فِي الْمَشْهُورِ عَنْهُ، (وَلَا نَعْلَمُ أَحَدًا مِنَ الْمُسْلِمِينَ أَرْخَصَ فِي تَرْكِهَا) ، حُمِلَ عَلَى السُّنِّيَّةِ لِأَنَّ تَرْكَهَا لَا يُرَخَّصُ فِيهِ، بَلْ ثَمَّةُ سُنَّةٌ يُقَاتَلُ عَلَيْهَا، وَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى الْوُجُوبِ، وَبِهِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ، وَابْنُ الْجَهْمِ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ، عَنْ أَحْمَدَ، وَالشَّافِعِيِّ، احْتَجُّوا بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّهِ} [البقرة: ١٩٦] (سُورَةُ الْبَقَرَةِ: الْآيَةُ ١٩٦) ، لِعَطْفِهَا عَلَى الْحَجِّ الْوَاجِبِ، وَبِأَنَّ الْإِتْمَامَ إِذَا وَجَبَ وَجَبَ الِابْتِدَاءُ، وَبِأَنَّ مَعْنَى أَتِمُّوا: أَقِيمُوا، كَمَا أَنَّ مَعْنَى أَقِيمُوا: أَتِمُّوا فِي قَوْلِهِ تَعَالَى: {فَإِذَا اطْمَأْنَنْتُمْ فَأَقِيمُوا الصَّلَاةَ} [النساء: ١٠٣] (سُورَةُ النِّسَاءِ: الْآيَةُ ١٠٣) ، وَتُعُقِّبَ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنَ الِاقْتِرَانِ بِالْحَجِّ وُجُوبُ الْعُمْرَةِ، فَهُوَ اسْتِدْلَالٌ ضَعِيفٌ، لِضَعْفِ دَلَالَةِ الِاقْتِرَانِ، وَالثَّانِي بِأَنَّ غَيْرَ الْوَاجِبِ يَلْزَمُ إِتْمَامُهُ بِالدُّخُولِ فِيهِ، وَالثَّالِثُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ كَوْنِ أَقِيمُوا بِمَعْنَى أَتِمُّوا، أَنْ يَكُونَ أَتِمُّوا بِمَعْنَى أَقِيمُوا، لِأَنَّ اللُّغَةَ لَا تَثْبُتُ بِالْعَكْسِ، مَعَ أَنَّهُ اخْتُلِفَ فِي مَعْنَى أَتِمُّوا، هَلْ هُوَ كَمَالُهَا بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهَا وَتَرَكِ قَطْعِهَا؟ وَهُوَ أَظْهَرُ بِدَلِيلِ قَوْلِهِ: فَمَنْ تَمَتَّعَ الْآيَةَ، أَوْ إِتْمَامُهَا أَنْ يُحْرِمَ لِكُلِّ وَاحِدٍ عَلَى انْفِرَادِهِ فِي سَفَرَيْنِ وَقِيلَ غَيْرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>