إِنَّمَا تَدْفَعُ مِنَ الْمُزْدَلِفَةِ، وَتَقُولُ نَحْنُ الْحُمْسُ فَلَا نَخْرُجُ مِنَ الْحَرَمِ، وَقَدْ تَرَكُوا الْمَوْقِفَ بِعَرَفَةَ، قَالَ. فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي الْجَاهِلِيَّةِ يَقِفُ مَعَ النَّاسِ بِعَرَفَةَ عَلَى جَمَلٍ لَهُ، ثُمَّ يُصْبِحُ مَعَ قَوْمِهِ بِالْمُزْدَلِفَةِ، فَيَقِفُ مَعَهُمْ، وَيَدْفَعُ إِذَا دَفَعُوا تَوْفِيقًا مِنَ اللَّهِ لَهُ» "، وَفِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ جُبَيْرٍ: " «رَأَيْتُ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَاقِفًا بِعَرَفَةَ فَقُلْتُ: هَذَا وَاللَّهِ مِنَ الْحُمْسِ، فَمَا شَأْنُهُ هَهُنَا» "، وَالْحُمْسُ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ، وَبِالْمِيمِ السَّاكِنَةِ، وَسِينٍ مُهْمَلَةٍ هُمْ قُرَيْشٌ، وَمَنْ أَخَذَ مَأْخَذَهَا مِنَ الْقَبَائِلِ مِنَ التَّحَمُّسِ، وَهُوَ التَّشَدُّدُ.
(فَكَانُوا يَتَجَادَلُونَ) : يَتَخَاصَمُونَ، (يَقُولُ هَؤُلَاءِ: نَحْنُ أَصْوَبُ) لِأَنَّا لَمْ نَخْرُجْ مِنَ الْحَرَمِ، (وَيَقُولُ هَؤُلَاءِ: نَحْنُ أَصْوَبُ) لِأَنَّا اتَّبَعْنَا الشَّرَائِعَ الْقَدِيمَةَ، وَلَمْ نَبْتَدِعْ، (فَقَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا} [الحج: ٣٤]- بِفَتْحِ السِّينِ، وَكَسْرِهَا - شَرِيعَةً، {هُمْ نَاسِكُوهُ} [الحج: ٦٧] : عَامِلُونَ بِهِ، {فَلَا يُنَازِعُنَّكَ فِي الْأَمْرِ} [الحج: ٦٧] ، {وَادْعُ إِلَى رَبِّكَ} [الحج: ٦٧] إِلَى دِينِهِ، {إِنَّكَ لَعَلَى هُدًى} [الحج: ٦٧] : دِينٍ (مُسْتَقِيمٍ فَهَذَا الْجِدَالُ فِيمَا نَرَى) : نَظُنُّ، (وَاللَّهُ أَعْلَمُ) بِمَا أَرَادَ، (وَقَدْ سَمِعْتُ ذَلِكَ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ) ، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِقَوْلِهِ: " «مَنْ حَجَّ هَذَا الْبَيْتَ، فَلَمْ يَرْفُثْ، وَلَمْ يَفْسُقْ، رَجَعَ كَمَا وَلَدَتْهُ أُمُّهُ» "، رَوَاهُ الشَّيْخَانِ، وَلَمْ يَذْكُرِ الْجِدَالَ لِارْتِفَاعِهِ بَيْنَ الْعَرَبِ، وَقُرَيْشٍ بِالْإِسْلَامِ، وَوَقَفَ الْكُلُّ بِعَرَفَةَ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute