للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَذْرُعٍ فَيُصَلِّي يَتَوَخَّى الْمَكَانَ الَّذِي أَخْبَرَهُ بِلَالٌ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - صَلَّى فِيهِ.

وَجَزَمَ بِرَفْعِ هَذِهِ الزِّيَادَةِ مَالِكٌ عَنْ نَافِعٍ عِنْدَ أَبِي دَاوُدَ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ مَهْدِيٍّ، وَالدَّارَقُطْنِيُّ مِنْ طَرِيقِهِ وَطَرِيقِ ابْنِ وَهْبٍ، وَغَيْرِهِمَا عَنْ مَالِكٍ عَنْ نَافِعٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ بِلَفْظِ: " وَصَلَّى وَبَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ ثَلَاثَةُ أَذْرُعٍ "، وَكَذَا رَوَاهُ أَبُو عَوَانَةَ مِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ نَافِعٍ وَهَذَا فِيهِ الْجَزْمُ بِثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ، لَكِنْ رَوَاهُ النَّسَائِيُّ مِنْ طَرِيقِ ابْنِ الْقَاسِمِ، عَنْ مَالِكٍ بِلَفْظِ: " نَحْوًا مِنْ ثَلَاثَةِ أَذْرُعٍ "، وَهَذَا مُوَافِقٌ لِرِوَايَةِ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ.

وَعِنْدَ الْأَزْرَقِيِّ وَالْفَاكِهِيِّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ: " «أَنَّ مُعَاوِيَةَ سَأَلَ ابْنَ عُمَرَ، أَيْنَ صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ فَقَالَ: اجْعَلْ بَيْنَكَ وَبَيْنَ الْجِدَارِ ذِرَاعَيْنِ أَوْ ثَلَاثَةً» " فَعَلَى هَذَا يَنْبَغِي لِمَنْ أَرَادَ اتِّبَاعَهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجِدَارِ ثَلَاثَةَ أَذْرُعٍ، فَإِنَّهُ يَقَعُ قَدَمَاهُ فِي مَكَانِ قَدَمَيْهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِنْ كَانَتْ ثَلَاثَةَ أَذْرُعٍ سَوَاءً، وَتَقَعُ رُكْبَتَاهُ أَوْ يَدَاهُ أَوْ وَجْهُهُ إِنْ كَانَ أَقَلَّ مِنْ ثَلَاثَةٍ ".

وَأَمَّا قَدْرُ الصَّلَاةِ فَفِي الصَّحِيحَيْنِ مِنْ رِوَايَةِ يَحْيَى الْقَطَّانِ عَنْ سَيْفِ بْنِ سُلَيْمَانَ الْمَكِّيِّ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنِ ابْنِ عُمَرَ: " «فَسَأَلْتُ بِلَالًا أَصَلَّى النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ؟ قَالَ: نَعَمْ، رَكْعَتَيْنِ بَيْنَ السَّارِيَتَيْنِ اللَّتَيْنِ عَنْ يَسَارِكَ إِذَا دَخَلْتَ، ثُمَّ خَرَجَ فَصَلَّى فِي وَجْهِ الْكَعْبَةِ رَكْعَتَيْنِ» "، وَاسْتَشْكَلَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَغَيْرُهُ بِأَنَّ الْمَشْهُورَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ مِنْ طَرِيقِ نَافِعٍ وَغَيْرِهِ، أَنَّهُ قَالَ: وَنَسِيْتُ أَنْ أَسْأَلَهُ كَمْ صَلَّى، فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ أَخْبَرَهُ بِالْكَيْفِيَّةِ، وَهِيَ تَعْيِينُ الْمَوْقِفِ فِي الْكَعْبَةِ، وَلَمْ يُخْبِرْهُ بِالْكَمِّيَّةِ، وَنَسِيَ هُوَ أَنْ يَسْأَلَهُ عَنْهَا، وَأُجِيبُ بِاحْتِمَالِ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ اعْتَمَدَ فِي قَوْلِهِ: رَكْعَتَيْنِ عَلَى الْقَدْرِ الْمُحَقِّقِ لَهُ، لِأَنَّ بِلَالًا ثَبَتَ لَهُ أَنَّهُ صَلَّى، وَلَمْ يُنْقَلْ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - تَنَفَّلَ بِالنَّهَارِ بِأَقَلِّ مِنْ رَكْعَتَيْنِ فَتَحَقَّقَ فِعْلُهُمَا لَمَّا اسْتُقْرِئَ مِنْ عَادَتِهِ، فَعَلَى هَذَا قَوْلُهُ: رَكْعَتَيْنِ مِنِ ابْنِ عُمَرَ لَا بِلَالٍ.

وَرَوَى عُمَرُ بْنُ شَبَّةَ عَنْ عَبْدِ الْعَزِيزِ بْنِ أَبِي دَاوُدَ عَنْ نَافِعٍ «عَنِ ابْنِ عُمَرَ: فَاسْتَقْبَلَنِي بِلَالٌ فَقُلْتُ: مَا صَنَعَ رَسُولُ اللَّهِ هَاهُنَا؟ فَأَشَارَ بِيَدِهِ أَنْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ بِالسَّبَّابَةِ وَالْوُسْطَى» ، فَعَلَى هَذَا قَوْلُهُ: نَسِيتُ أَنْ أَسْأَلَهُ كَمْ صَلَّى، مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَسْأَلْهُ لَفْظًا وَلَمْ يُجِبْهُ لَفْظًا، وَإِنَّمَا اسْتَفَادَ مِنْهُ صَلَاةَ الرَّكْعَتَيْنِ بِإِشَارَتِهِ لَا بِنُطْقِهِ.

وَيُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَتَحَقَّقْ هَلْ زَادَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ أَمْ لَا؟ وَجَمَعَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّ ابْنَ عُمَرَ نَسِيَ أَنْ يَسْأَلَ بِلَالًا، ثُمَّ لَقِيَهُ مَرَّةً أُخْرَى فَسَأَلَهُ، فِيهِ نَظَرٌ، لِأَنَّ رَاوِيَ قَوْلِ ابْنِ عُمَرَ وَنَسِيتُ هُوَ نَافِعٌ مَوْلَاهُ، وَيَبْعُدُ مَعَ طُولِ مُلَازَمَتِهِ لَهُ إِلَى مَوْتِهِ أَنْ يَسْتَمِرَّ عَلَى حِكَايَةِ النِّسْيَانِ، وَلَا يَتَعَرَّضَ لِحِكَايَةِ الذِّكْرِ أَصْلًا.

وَنَقَلَ عِيَاضٌ أَنَّ قَوْلَهُ: رَكْعَتَيْنِ غَلَطٌ مِنْ يَحْيَى الْقَطَّانِ لِقَوْلِ ابْنِ عُمَرَ: نَسِيتُ أَنْ أَسْأَلَهُ كَمْ صَلَّى، وَإِنَّمَا دَخَلَ الْوَهْمُ عَلَيْهِ مِنْ ذِكْرِ الرَّكْعَتَيْنِ بَعْدُ مَرْدُودٌ، وَالْمُغَلِّطُ هُوَ الْغَالِطُ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ الرَّكْعَتَيْنِ قَبْلَ وَبَعْدَ، فَلَمْ يَهُمَّ مِنْ مَوْضِعٍ إِلَى مَوْضِعٍ، وَلَمْ يَنْفَرِدْ يَحْيَى الْقَطَّانُ بِذَلِكَ، بَلْ تَابَعَهُ أَبُو نُعَيْمٍ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ وَالنَّسَائِيُّ وَأَبُو عَاصِمٍ عِنْدَ ابْنِ خُزَيْمٍ، وَعُمَرُ بْنُ عَلِيٍّ عِنْدَ الْإِسْمَاعِيلِيِّ، وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ نُمَيْرٍ عِنْدَ أَحْمَدَ، وَلَمْ يَنْفَرِدْ بِهِ مُجَاهِدٌ عَنِ ابْنِ عُمَرَ، فَقَدْ تَابَعَهُ عَلَيْهِ ابْنُ أَبِي مُلَيْكَةَ عِنْدَ أَحْمَدَ، وَالنَّسَائِيُّ وَعَمْرُو بْنُ دِينَارٍ عِنْدَ أَحْمَدَ

<<  <  ج: ص:  >  >>