رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: وَهَلْ يَتَّبِعُونَ إِلَّا سُنَّتَهُ؟ (فَقَالَ: أَهَذِهِ السَّاعَةُ) وَقْتُ الْهَاجِرَةِ (قَالَ: نَعَمْ) هُوَ وَقْتُ الرَّوَاحِ إِلَى الْمَوْقِفِ لِحَدِيثِ ابْنِ عُمَرَ أَيْضًا: " «غَدَا رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ صَلَّى الصُّبْحَ فِي صَبِيحَةِ يَوْمِ عَرَفَةَ حَتَّى أَتَى عَرَفَةَ، فَنَزَلَ نَمِرَةَ وَهُوَ مَنْزِلُ الْإِمَامِ الَّذِي يَنْزِلُ بِهِ بِعَرَفَةَ حَتَّى إِذَا كَانَ عِنْدَ صَلَاةِ الظُّهْرِ رَاحَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَهْجَرًا، فَجَمَعَ بَيْنَ الظُّهْرِ وَالْعَصْرِ، ثُمَّ خَطَبَ النَّاسَ، ثُمَّ رَاحَ فَوَقَفَ» " أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَأَبُو دَاوُدَ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ تَوَجَّهَ مِنْ مِنَى حِينَ صَلَّى الصُّبْحَ بِهَا، لَكِنْ فِي مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ: أَنَّ تَوَجُّهَهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْهَا كَانَ بَعْدَ طُلُوعِ الشَّمْسِ، وَلَفْظُهُ: فَضُرِبَتْ لَهُ قُبَّةٌ بِنَمِرَةَ فَنَزَلَ بِهَا حَتَّى زَاغَتِ الشَّمْسُ أَمَرَ بِالْقَصْوَاءِ، فَرَحَلَتْ، فَأَتَى بَطْنَ الْوَادِي (قَالَ: فَأَنْظِرْنِي) بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَكَسْرِ الظَّاءِ الْمُعْجَمَةِ، أَيْ أَخِّرْنِي، وَيُرْوَى بِأَلِفِ وَصْلٍ وَضَمِّ الظَّاءِ، أَيِ انْتَظِرْنِي (حَتَّى أُفِيضَ عَلَيَّ مَاءً) أَيْ أَغْتَسِلَ (ثُمَّ أَخْرُجَ) بِالنَّصْبِ، عَطْفًا عَلَى أُفِيضَ (فَنَزَلَ عَبْدُ اللَّهِ) عَنْ مَرْكُوبِهِ، وَانْتَظَرَ (حَتَّى خَرَجَ الْحَجَّاجُ) مِنْ مُغْتَسَلِهِ، فَفِيهِ الْغُسْلُ لِوُقُوفِ عَرَفَةَ لِانْتِظَارِ ابْنِ عُمَرَ لَهُ، وَالْعُلَمَاءُ يَسْتَحِبُّونَهُ، قَالَهُ ابْنُ بَطَّالٍ، وَيُحْتَمَلُ أَنَّ ابْنَ عُمَرَ إِنَّمَا انْتَظَرَهُ لِحَمْلِهِ عَلَى أَنَّ اغْتِسَالَهُ عَنْ ضَرُورَةٍ.
(فَسَارَ بَيْنِي وَبَيْنَ أَبِي) عَبْدِ اللَّهِ (فَقُلْتُ لَهُ) أَيِ الْحَجَّاجِ (إِنْ كُنْتَ تُرِيدُ أَنْ تُصِيبَ) : تُوَافِقَ (السُّنَّةَ) النَّبَوِيَّةَ (الْيَوْمَ، فَاقْصُرِ الْخُطْبَةَ) بِوَصْلِ الْهَمْزَةِ وَضَمِّ الصَّادِ وَقَطْعِهَا وَكَسْرِ الصَّادِ.
وَقَدْ أَخْرَجَ مُسْلِمٌ فِي الْجُمْعَةِ أَثْنَاءَ حَدِيثٍ لِعَمَّارٍ الْأَمْرَ بِإِقْصَارِ الْخُطْبَةِ، قَالَ ابْنُ التِّينِ: أَطْلَقَ أَصْحَابُنَا الْعِرَاقِيُّونَ أَنَّ الْإِمَامَ لَا يَخْطُبُ يَوْمَ عَرَفَةَ.
وَقَالَ الْمَدَنِيُّونَ وَالْمَغَارِبَةُ، وَهُوَ قَوْلُ الْجُمْهُورِ: وَمَعْنَى قَوْلِ الْعِرَاقِيِّينَ أَنَّهُ لَيْسَ لِمَا يَأْتِي بِهِ مِنَ الْخُطْبَةِ تَعَلُّقٌ بِالصَّلَاةِ كَخُطْبَةِ الْجُمُعَةِ، وَكَأَنَّهُمْ أَخَذُوهُ مِنْ قَوْلِ مَالِكٍ: كُلُّ صَلَاةٍ يُخْطَبُ لَهَا يُجْهَرُ فِيهَا بِالْقِرَاءَةِ، فَقِيلَ لَهُ، فَعَرَفَةُ يُخْطَبُ فِيهَا، وَلَا يُجْهَرُ بِالْقِرَاءَةِ، فَقَالَ: إِنَّمَا تِلْكَ لِلتَّعْلِيمِ.
(وَعَجِّلِ الصَّلَاةَ) هَكَذَا رَوَاهُ الْجُمْهُورُ كَيَحْيَى وَابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ وَهْبٍ، وَرَوَاهُ الْقَعْنَبِيُّ وَابْنُ يُوسُفَ وَأَشْهَبُ، وَعَجِّلِ الْوُقُوفَ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَهُوَ غَلَطٌ لِأَنَّ أَكْثَرَ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ قَالُوا: الصَّلَاةَ، قَالَ: لَكِنْ لَهَا وَجْهٌ، لِأَنَّ تَعْجِيلَ الْوُقُوفِ يَسْتَلْزِمُ تَعْجِيلَ الصَّلَاةِ، قَالَهُ الْحَافِظُ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ الِاخْتِلَافَ فِيهِ مِنْ مَالِكٍ، وَكَأَنَّهُ ذَكَّرَ بِاللَّازِمِ لِأَنَّ الْغَرَضَ بِتَعْجِيلِ الصَّلَاةِ حِينَئِذٍ تَعْجِيلُ الْوُقُوفِ.
(قَالَ) سَالِمٌ: (فَجَعَلَ) الْحَجَّاجُ (يَنْظُرُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ كَيْمَا يَسْمَعَ ذَلِكَ) الَّذِي قُلْتُ لَهُ (مِنْهُ) فَفِيهِ الْفَهْمُ بِالْإِشَارَةِ وَالنَّظَرِ لِقَوْلِهِ: (فَلَمَّا رَأَى ذَلِكَ) نَظَرُهُ إِلَيْهِ (عَبْدُ اللَّهِ قَالَ: صَدَقَ سَالِمٌ) وَفِيهِ أَنَّ إِقَامَةَ الْحَاجِّ إِلَى الْخُلَفَاءِ، وَأَنَّ الْأَمِيرَ يَعْمَلُ فِي الدِّينِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute