(مَالِكٌ عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ) بِضَمِّ الْعَيْنِ وَسُكُونِ الْقَافِ، الْمَدَنِيِّ (عَنْ كُرَيْبٍ) بِضَمِّ الْكَافِ وَفَتْحِ الرَّاءِ وَسُكُونِ التَّحْتِيَّةِ، وَمُوَحَّدَةٍ (مَوْلَى ابْنِ عَبَّاسٍ) الْمَدَنِيِّ الْمُتَوَفَّى سَنَةَ ثَمَانٍ وَتِسْعِينَ (عَنْ أُسَامَةَ بْنِ زَيْدٍ) قَالَ أَبُو عُمَرَ: كَذَا رَوَاهُ الْحُفَّاظُ الْأَثْبَاتُ عَنْ مَالِكٍ إِلَّا أَشْهَبَ، وَابْنَ الْمَاجِشُونِ، فَقَالَا عَنْ كُرَيْبٍ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ أُسَامَةَ، وَالصَّحِيحُ إِسْقَاطُ ابْنِ عَبَّاسٍ مِنْ إِسْنَادِهِ (أَنَّهُ سَمِعَهُ يَقُولُ: دَفَعَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مِنْ عَرَفَةَ) ، أَيْ رَجَعَ مِنْ وُقُوفِ عَرَفَةَ بِعَرَفَاتٍ، لِأَنَّ عَرَفَةَ اسْمٌ لِلْيَوْمِ، وَعَرَفَاتٌ بِلَفْظِ الْجَمْعِ اسْمٌ لِلْمَوْضِعِ، وَحِينَئِذٍ فَيَكُونُ الْمُضَافُ إِلَيْهِ مَحْذُوفًا، لَكِنْ عَلَى مَذْهَبِ مَنْ يَقُولُ: إِنَّ عَرَفَةَ اسْمٌ لِلْمَكَانِ أَيْضًا لَا حَاجَةَ إِلَى التَّقْدِيرِ (حَتَّى إِذَا كَانَ بِالشِّعْبِ) بِكَسْرِ الْمُعْجَمَةِ وَإِسْكَانِ الْمُهْمَلَةِ، وَاللَّامُ لِلْعَهْدِ، وَالْمُرَادُ الَّذِي دُونَ الْمُزْدَلِفَةِ كَمَا فِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَرْمَلَةَ، عَنْ مُوسَى بْنِ عُقْبَةَ فِي الصَّحِيحَيْنِ: (نَزَلَ فَبَالَ) وَلِمُسْلِمٍ مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ كُرَيْبٍ: لَمَّا أَتَى الشِّعْبُ الَّذِي يَنْزِلُهُ الْأُمَرَاءُ، وَلَهُ مِنْ طَرِيقِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ عُقْبَةَ عَنْ كُرَيْبٍ: الشِّعْبُ الَّذِي يُنِيخُ النَّاسُ فِيهِ لِلْمَغْرِبِ، وَلِلْفَاكِهِيِّ عَنْ عَطَاءٍ: الشِّعْبُ الَّذِي يُصَلِّي فِيهِ الْخُلَفَاءُ الْآنَ الْمَغْرِبَ، وَالْمُرَادُ بِالْخُلَفَاءِ وَالْأُمَرَاءِ بَنُو أُمَيَّةَ، كَانُوا يُصَلُّونَ فِيهِ الْمَغْرِبَ قَبْلَ دُخُولِ وَقْتِ الْعِشَاءِ هُوَ خِلَافُ السُّنَّةِ، وَقَدْ أَنْكَرَهُ عِكْرِمَةُ فَقَالَ: اتَّخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَبَالًا وَاتَّخَذْتُمُوهُ مُصَلًّى، رَوَاهُ الْفَاكِهِيُّ، وَلِابْنِ الْمُنْذِرِ عَنْ جَابِرٍ: " «لَا صَلَاةَ إِلَّا بِجَمْعٍ» "، وَسَنَدُهُ صَحِيحٌ.
وَنُقِلَ عَنِ الْكُوفِيِّينَ وَابْنِ الْقَاسِمِ وُجُوبُ الْإِعَادَةِ، وَالْجُمْهُورُ عَلَى الْإِجْزَاءِ، وَقَالَهُ أَبُو يُوسُفَ وَأَحْمَدُ (فَتَوَضَّأَ) بِمَاءِ زَمْزَمَ، كَمَا رَوَاهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي زَوَائِدِ مُسْنَدِ أَبِيهِ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ عَنْ عَلِيٍّ، وَفِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ مَنَعَ اسْتِعْمَالَهُ لِغَيْرِ الشُّرْبِ (فَلَمْ يُسْبِغِ الْوُضُوءَ) أَيْ خَفَّفَهُ، فَفِي رِوَايَةِ مُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَرْمَلَةَ: فَتَوَضَّأَ وَضَوْءًا خَفِيفًا، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ تَوَضَّأَ مَرَّةً مَرَّةً، أَوْ خَفَّفَ اسْتِعْمَالَ الْمَاءِ بِالنِّسْبَةِ إِلَى غَالِبِ عَادَتِهِ، أَوِ الْمُرَادُ اللُّغَوِيُّ وَاسْتُبْعِدَ، وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: أَيِ اسْتَنْجَى بِهِ، وَأُطْلِقَ عَلَيْهِ اسْمُ الْوُضُوءِ اللُّغَوِيِّ؛ لِأَنَّهُ مِنَ الْوَضَاءَةِ وَهِيَ النَّظَافَةُ، وَمَعْنَى الْإِسْبَاغِ الْإِكْمَالُ، أَيْ لَمْ يُكْمِلْ وُضُوءَهُ فَيَتَوَضَّأُ لِلصَّلَاةِ، قَالَ: وَقَدْ قِيلَ: إِنَّهُ تَوَضَّأَ وُضُوءًا خَفِيفًا، لَكِنَّ الْأُصُولَ تَدْفَعُهُ لِأَنَّهُ لَا يُشْرَعُ الْوُضُوءُ لِصَلَاةٍ وَاحِدَةٍ مَرَّتَيْنِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ فِي رِوَايَةِ مَالِكٍ، وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَمْ يَتَوَضَّأْ فِي جَمِيعِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ، بَلِ اقْتَصَرَ عَلَى بَعْضِهَا وَهُوَ ضَعِيفٌ.
وَحَكَى ابْنُ بَطَّالٍ أَنَّ عِيسَى بْنَ دِينَارٍ سَبَقَ أَبَا عُمَرَ إِلَى مَا اخْتَارَهُ، قَالَ الْحَافِظُ: وَهُوَ مُتَعَقَّبٌ بِهَذِهِ الرِّوَايَةِ الصَّرِيحَةِ، وَقَدْ تَابَعَ مُحَمَّدَ بْنَ أَبِي حَرْمَلَةَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute