تَخْفِيفٌ وَأَصْلُهُ خِلَافُ الْقُبُلِ مِنْ كُلِّ شَيْءٍ (وَأَوَّلُ ذَلِكَ تَكْبِيرُ الْإِمَامِ وَالنَّاسُ مَعَهُ دُبُرَ صَلَاةِ الظُّهْرِ مِنْ يَوْمِ النَّحْرِ، وَآخِرُ ذَلِكَ تَكْبِيرُ الْإِمَامِ وَالنَّاسُ مَعَهُ دُبُرَ صَلَاةِ الصُّبْحِ مِنْ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، ثُمَّ يَقْطَعُ التَّكْبِيرَ) احْتُجَّ بِالْعَمَلِ، لِأَنَّهُ لَمْ يُرْوَ فِي ذَلِكَ حَدِيثٌ.
قَالَ الْحَافِظُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: اخْتَلَفَ الْعُلَمَاءُ فِيهِ فَمِنْهُمْ مَنْ قَصَرَهُ عَلَى أَعْقَابِ الصَّلَوَاتِ، وَمِنْهُمْ مَنْ خَصَّهُ بِالْمَكْتُوبَاتِ دُونَ النَّوَافِلِ، وَمِنْهُمْ مَنْ خَصَّهُ بِالرِّجَالِ دُونَ النِّسَاءِ، وَبِالْجَمَاعَةِ دُونَ الْمُنْفَرِدِ، وَبِالْمُؤَدَّاةِ دُونَ الْمَقْضِيَّةِ، وَبِالْمُقِيمِ دُونَ الْمُسَافِرِ، وَبِسَاكِنِ الْمِصْرِ دُونَ الْقَرْيَةِ، وَاخْتُلِفَ أَيْضًا فِي ابْتِدَائِهِ وَانْتِهَائِهِ، فَقِيلَ: مِنْ صُبْحِ يَوْمِ عَرَفَةَ، وَقِيلَ: مِنْ ظُهْرِهِ، وَقِيلَ: مِنْ عَصْرِهِ، وَقِيلَ: مِنْ صُبْحِ يَوْمِ النَّحْرِ، وَقِيلَ: مِنْ ظُهْرِهِ، وَفِي الِانْتِهَاءِ إِلَى ظُهْرِ يَوْمِ النَّحْرِ، أَوْ عَصْرِهِ، أَوْ ظُهْرِ ثَانِيهِ، أَوْ صُبْحِ آخِرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ، أَوْ ظُهْرِهِ أَوْ عَصْرِهِ، وَلَمْ يَثْبُتْ فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حَدِيثٌ وَاضِحٌ، مَا وَرَدَ فِيهِ عَنِ الصَّحَابَةِ قَوْلُ عَلِيٍّ وَابْنِ مَسْعُودٍ: " مِنْ صُبْحِ يَوْمِ عَرَفَةَ إِلَى آخِرِ أَيَّامِ مِنًى "، أَخْرَجَهُمَا ابْنُ الْمُنْذِرِ وَغَيْرُهُ.
وَأَمَّا صِفَةُ التَّكْبِيرِ فَأَصَحُّ مَا وَرَدَ فِيهِ مَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ بِسَنَدٍ صَحِيحٍ عَنْ سَلْمَانَ، قَالَ: " كَبِّرُوا اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ كَبِيرًا "، وَزَادَ الشَّافِعِيُّ: " وَلِلَّهِ الْحَمْدُ "، وَقِيلَ: يُكَبَّرُ ثَلَاثًا وَيُزَادُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ. . . إِلَخْ.
وَقِيلَ: يُكَبَّرُ ثِنْتَيْنِ بَعْدَهُمَا لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَاللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ، جَاءَ ذَلِكَ عَنِ ابْنِ عُمَرَ وَابْنِ مَسْعُودٍ وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ وَإِسْحَاقُ، وَقَدْ أُحْدِثَ فِي هَذَا الزَّمَانِ زِيَادَةٌ لَا أَصْلَ لَهَا، انْتَهَى.
(قَالَ) مَالِكٌ: (وَالتَّكْبِيرُ فِي أَيَّامِ التَّشْرِيقِ عَلَى الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ) خِلَافًا لِمَنْ خَصَّهُ بِالرِّجَالِ.
وَفِي الْبُخَارِيِّ: " كَانَ النِّسَاءُ يُكَبِّرْنَ خَلْفَ أَبَانِ بْنِ عُثْمَانَ وَعُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ لَيَالِيَ التَّشْرِيقِ مَعَ الرِّجَالِ فِي الْمَسْجِدِ ".
(مَنْ كَانَ فِي جَمَاعَةٍ، أَوْ وَحْدَهُ بِمِنًى، أَوْ بِالْآفَاقِ كُلُّهَا وَاجِبٌ) مَنْدُوبٌ مُتَأَكَّدٌ (وَإِنَّمَا يَأْتَمُّ) يَقْتَدِي (النَّاسُ فِي ذَلِكَ بِإِمَامِ الْحَاجِّ وَبِالنَّاسِ بِمِنًى) فِي رَمْيِ الْجِمَارِ وَالتَّكْبِيرِ (لِأَنَّهُمْ إِذَا رَجَعُوا وَانْقَضَى الْإِحْرَامُ ائْتَمُّوا بِهِمْ حَتَّى يَكُونُوا مِثْلَهُمْ فِي الْحِلِّ، فَأَمَّا مَنْ لَمْ يَكُنْ حَاجًّا) مِنْ أَهْلِ الْآفَاقِ كُلِّهِمْ، وَمَنْ فَاتَهُ الْحَجُّ وَأَقَامَ بِمَكَّةَ أَيَّامَ مِنًى، قَالَهُ أَبُو عُمَرَ (فَإِنَّهُ لَا يَأْتَمُّ بِهِمْ إِلَّا فِي تَكْبِيرِ أَيَّامِ التَّشْرِيقِ) وَحِكْمَتُهُ كَمَا قَالَ الْحَطَّابُ إِنَّ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute