بِأَنَّهُ إِنَّمَا أُبِيحَتْ لَهُ سَاعَةُ الدُّخُولِ حَتَّى اسْتَوْلَى عَلَيْهَا وَقَتَلَ ابْنَ خَطَلٍ بَعْدَ ذَلِكَ، وَتُعُقِّبَ بِأَنَّ السَّاعَةَ مَا بَيْنَ أَوَّلِ النَّهَارِ وَدُخُولِ وَقْتِ الْعَصْرِ، كَمَا فِي مُسْنَدِ أَحْمَدَ، وَقَتْلُ ابْنِ خَطَلٍ كَانَ قَبْلَ ذَلِكَ قَطْعًا، لِقَوْلِهِ: فَلَمَّا نَزَعَ الْمِغْفَرَ، وَذَلِكَ عِنْدَ اسْتِقْرَارِهِ بِمَكَّةَ فَلَا يَسْتَقِيمُ هَذَا الْجَوَابُ.
وَهَذَا الْحَدِيثُ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ هُنَا، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ يُوسُفَ، وَفِي الْجِهَادِ عَنْ إِسْمَاعِيلَ، وَفِي الْمَغَازِي عَنْ يَحْيَى بْنِ قَزَعَةَ، بِفَتْحِ الْقَافِ وَالزَّايِ وَالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، وَفِي اللِّبَاسِ عَنْ أَبِي الْوَلِيدِ هِشَامِ بْنِ عَبْدِ الْمَلِكِ، وَمُسْلِمٌ عَنِ الْقَعْنَبِيِّ وَيَحْيَى بْنِ يَحْيَى وَقُتَيْبَةَ بْنِ سَعِيدٍ السَّبْعَةُ عَنْ مَالِكٍ بِهِ.
قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: حَدِيثٌ انْفَرَدَ بِهِ مَالِكٌ لَا يُحْفَظُ عَنْ غَيْرِهِ، وَلَمْ يَرْوِهِ أَحَدٌ عَنِ الزُّهْرِيِّ سِوَاهُ مِنْ طَرِيقٍ صَحِيحٍ. وَقَدْ رُوِيَ عَنِ ابْنِ أَخِي ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَمِّهِ، وَلَا يَكَادُ يَصِحُّ.
وَرُوِيَ أَيْضًا مِنْ غَيْرِ هَذَا الْوَجْهِ، وَلَا يُثْبِتُ الْعُلَمَاءُ بِالنَّقْلِ إِسْنَادًا غَيْرَ إِسْنَادِ مَالِكٍ، وَقَدْ رَوَاهُ عَنْهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْأَئِمَّةِ يَطُولُ ذِكْرُهُمْ مِنْ أَجَلِّهِمُ ابْنُ جُرَيْجٍ، وَكَذَا قَالَ الصَّلَاحُ وَغَيْرُهُ: أَنَّ مَالِكًا تَفَرَّدَ بِهِ، وَقَدْ تَعَقَّبَهُ الْحَافِظُ الزَّيْنُ الْعِرَاقِيُّ فِي نُكَتِهِ، بِأَنَّهُ وَرَدَ مِنْ عِدَّةِ طُرُقٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ أَخِي الزُّهْرِيِّ عِنْدَ الْبَزَّارِ، وَأَبِي أُوَيْسٍ عِنْدَ ابْنِ سَعْدٍ وَابْنِ عَدِيٍّ وَمَعْمَرٍ ذَكَرَهُ ابْنُ عَدِيٍّ فِي الْكَامِلِ، وَالْأَوْزَاعِيُّ ذَكَرَهُ الْمِزِّيُّ، قَالَ: وَرَوَى ابْنُ مُسْدَى فِي مُعْجَمِ شُيُوخِهِ: أَنَّ أَبَا بَكْرِ بْنَ الْعَرَبِيِّ، قَالَ لِأَبِي جَعْفَرِ بْنِ الْمُرْخِي حِينَ ذَكَرَ: أَنَّهُ لَا يُعْرَفُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ: قَدْ رَوَيْتُهُ مِنْ ثَلَاثَ عَشَرَةَ طَرِيقًا غَيْرَ طَرِيقِ مَالِكٍ فَقَالُوا لَهُ: أَفِدْنَا هَذِهِ الْفَوَائِدَ، فَوَعَدَهُمْ وَلَمْ يُخْرِجْ لَهُمْ شَيْئًا، قَالَ الْحَافِظُ فِي نُكَتِهِ: قَدِ اسْتَبْعَدَ أَهْلُ إِشْبِيلِيَّةَ قَوْلَ ابْنِ الْعَرَبِيِّ حَتَّى قَالَ قَائِلُهُمْ:
يَا أَهْلَ حِمْصَ وَمَنْ بِهَا أُوصِيكُمُ ... بِالْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَصِيَّةَ مُشْفِقِ
فَخُذُوا عَنِ الْعَرَبِيِّ أَسْمَارَ الدُّجَى ... وَخُذُوا الرِّوَايَةَ عَنْ إِمَامٍ مُتَّقِ
إِنَّ الْفَتَى ذَرِبُ اللِّسَانِ مُهَذَّبٌ ... إِنْ لَمْ يَجِدْ خَبَرًا صَحِيحًا يَخْلَقُ
وَعَنَى بِأَهْلِ حِمْصَ أَهَّلَ إِشْبِيلِيَّةَ، قَالَ: وَقَدْ تَتَبَّعْتُ الْإِشَارَةَ فَوَجَدْتُهُ كَمَا قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ، بَلْ أَزْيَدُ، فَرَوَيْنَاهُ مِنْ طَرِيقِ الْأَرْبَعَةِ الَّذِينَ ذَكَرَهُمْ شَيْخُنَا - يَعْنِي الْعِرَاقِيَّ - وَرِوَايَةِ مَعْمَرٍ فِي مُعْجَمِ أَبِي بَكْرِ بْنِ الْمُقْرِيِّ، وَرِوَايَةِ الْأَوْزَاعِيِّ فِي فَوَائِدِ تَمَّامٍ، وَمِنْ رِوَايَةِ عُقَيْلِ بْنِ خَالِدٍ فِي مُعْجَمِ أَبِي الْحُسَيْنِ بْنِ جُمَيْعٍ وَيُونُسَ بْنِ يَزِيدَ فِي الْإِرْشَادِ لِلْخَلِيلِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ أَبِي حَفْصَةَ فِي رُوَاةِ مَالِكٍ لِلْخَطِيبِ، وَسُفْيَانَ بْنِ عُيَيْنَةَ فِي مُسْنَدِ أَبِي يَعْلَى، وَأُسَامَةَ بْنِ اللَّيْثِيِّ فِي الضُّعَفَاءِ لِابْنِ حِبَّانَ، وَابْنِ أَبِي ذِئْبٍ فِي الْحِلْيَةِ لِأَبِي نُعَيْمٍ، وَعَبْدِ الرَّحْمَنِ، وَمُحَمَّدٍ أَبِي عَبْدِ الْعَزِيزِ فِي فَوَائِدِ أَبِي مُحَمَّدٍ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ إِسْحَاقَ الْخُرَاسَانِيِّ، وَمُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ فِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute