للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فِي الْقَسَمِ آلَلَّهِ لَأَفْعَلَنَّ بِمَدِّ الْهَمْزَةِ وَقَصْرِهَا، فَكَأَنَّهُمْ عَوَّضُوا مِنَ الْهَمْزَةِ هَاءٌ فَقَالُوا هَا اللَّهِ لِتَقَارُبِ مَخْرَجَيْهِمَا وَلِذَا قَالُوا بِالْمَدِّ وَالْقَصْرِ، وَتَحْقِيقُهُ أَنَّ الَّذِي مَدَّ مَعَ الْهَاءِ كَأَنَّهُ نَطَقَ بِهَمْزَتَيْنِ أُبْدِلَ مِنْ أَحَدِهِمَا أَلِفًا اسْتِثْقَالًا لِاجْتِمَاعِهِمَا كَمَا تَقُولُ: أَأَللَّهُ، وَالَّذِي قَصَرَ كَأَنَّهُ نَطَقَ بِهَمْزَةٍ وَاحِدَةٍ كَمَا تَقُولُ أَلِلَّهِ.

وَأَمَّا إِذًا فَهِيَ بِلَا شَكٍّ حِرَفُ جَزَاءٍ وَتَعْلِيلٍ مِثْلُ «قَوْلِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَقَدْ سُئِلَ عَنْ بَيْعِ الرُّطَبِ بِالتَّمْرِ فَقَالَ: " أَيَنْقُصُ الرُّطَبُ إِذَا جَفَّ؟ قَالُوا: نَعَمْ، قَالَ: فَلَا إِذًا» " فَلَوْ قَالَ فَلَا وَاللَّهِ إِذًا لَسَاوَى مَا هُنَا مِنْ كُلِّ وَجْهٍ لَكِنَّهُ لَمْ يَحْتَجْ لِلْقَسَمِ فَتَرَكَهُ، فَقَدْ وَضَحَ تَقْدِيرُ الْكَلَامِ وَمُنَاسَبَتُهُ مِنْ غَيْرِ حَاجَةٍ إِلَى تَكَلُّفٍ بَعِيدٍ يَخْرُجُ عَنِ الْبَلَاغَةِ وَلَا سِيَّمَا مَنْ جَعَلَ الْهَاءَ لِلتَّنْبِيهِ وَذَا لِلْإِشَارَةِ وَفَصَلَ بَيْنَهُمَا بِالْمُقْسَمِ بِهِ، وَلَيْسَ هَذَا قِيَاسًا فَيَطَّرِدَ وَلَا فَصِيحًا فَيُحْمَلَ عَلَيْهِ كَلَامُ الْفَصِيحِ، وَلَا مَرْوِيًّا بِرِوَايَةٍ ثَابِتَةٍ، وَمَا وُجِدَ لِلْعُذْرِيِّ وَالْعَبْدَرِيِّ فِي مُسْلِمٍ أَنَّهُ لَاهَا اللَّهِ ذَا فَإِصْلَاحٌ مِمَّنِ اغْتَرَّ بِكَلَامِ النُّحَاةِ وَالْحَقُّ أَحَقُّ أَنْ يُتَّبَعَ وَقَالَ أَبُو جَعْفَرٍ الْغِرْنَاطِيُّ مِمَّنْ أَدْرَكْنَاهُ: اسْتَرْسَلَ جَمَاعَةٌ مِنَ الْقُدَمَاءِ إِلَى أَنِ اتَّهَمُوا الْأَثْبَاتَ بِالتَّصْحِيفِ فَقَالُوا الصَّوَابُ ذَا بَاسِمِ الْإِشَارَةِ، وَيَا عَجَبًا مِنْ قَوْمٍ يَقْبَلُونَ التَّشْكِيكَ عَلَى الرِّوَايَاتِ الثَّابِتَةِ وَيَطْلُبُونَ لَهَا تَأْوِيلَاتٍ، وَجَوَابُهُمْ أَنَّ هَا اللَّهِ لَا يَسْتَلْزِمُ اسْمَ الْإِشَارَةِ كَمَا قَالَ ابْنُ مَالِكٍ، وَأَمَّا جَعْلُ لَا يَعْمِدُ جَوَابَ فَأَرْضِهِ فَهُوَ سَبَبُ الْغَلَطِ وَلَا يَصِحُّ وَإِنَّمَا هُوَ جَوَابُ شَرْطٍ مَقْدُورٍ دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ صَدَقَ فَأَرْضِهِ، فَكَأَنَّ أَبَا بَكْرٍ قَالَ إِذَا صَدَقَ فِي أَنَّهُ صَاحِبُ السَّلَبِ إِذًا لَا يَعْمِدُ فَيُعْطِيكَ حَقَّهُ فَالْجَزَاءُ صَحِيحٌ لِأَنَّ صِدْقَهُ سَبَّبَ أَنْ لَا يَفْعَلَ ذَلِكَ وَهَذَا وَاضِحٌ لَا تَكَلُّفَ فِيهِ انْتَهَى.

وَهُوَ تَوْجِيهٌ حَسَنٌ، وَالَّذِي قَبْلَهُ أَقْعَدُ، وَيُؤَيِّدُهُ كَثْرَةُ وُقُوعِ هَذِهِ الْجُمْلَةِ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَحَادِيثِ كَحَدِيثِ عَائِشَةَ فِي قِصَّةِ بَرَيْرَةَ لَمَّا ذَكَرَتْ أَنَّ أَهْلَهَا يَشْتَرِطُونَ الْوَلَاءَ قَالَتْ: فَقُلْتُ: لَا وَاللَّهِ إِذًا، وَفِي «قِصَّةِ جُلَيْبِيبٍ بِالْجِيمِ وَمُوَحَّدَتَيْنِ مُصَغَّرٌ أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - خَطَبَ عَلَيْهِ امْرَأَةً مِنَ الْأَنْصَارِ إِلَى أَبِيهَا فَقَالَ: حَتَّى أَسْتَأْمِرَ أُمَّهَا قَالَ: فَنَعَمْ إِذًا فَذَهَبَ إِلَى امْرَأَتِهِ، فَقَالَتْ: لَا هَاءَ اللَّهِ إِذًا وَقَدْ مَنَعْنَاهَا فُلَانًا» ، صَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ عَنْ أَنَسٍ.

وَأَخْرَجَ أَحْمَدُ فِي الزُّهْدِ عَنْ مَالِكِ بْنِ دِينَارٍ أَنَّهُ قَالَ لِلْحَسَنِ: يَا أَبَا سَعِيدٍ لَوْ لَبِسْتَ مِثْلَ عَبَاءَتِي هَذِهِ، قَالَ: لَا هَاءَ اللَّهِ إِذًا لَا أَلْبَسُ مِثْلَ عَبَاءَتِكَ هَذِهِ.

وَفِي تَهْذِيبِ الْكَمَالِ فِي تَرْجَمَةِ ابْنِ أَبِي عَتِيقٍ أَنَّهُ دَخَلَ عَلَى عَائِشَةَ فِي مَرَضِهَا فَقَالَ: كَيْفَ أَصْبَحْتِ جَعَلَنِي اللَّهُ فِدَاكِ؟ قَالَتْ: أَصْبَحْتُ ذَاهِبَةً، قَالَ: فَلَا إِذًا وَكَانَ فِيهِ دُعَابَةٌ.

وَوَقَعَ أَيْضًا فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَحَادِيثِ فِي سِيَاقِ الْإِثْبَاتِ بِقَسَمٍ وَبِغَيْرِ قَسَمٍ كَحَدِيثِ عَائِشَةَ فِي «قِصَّةِ صَفِيَّةَ لَمَّا قَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - أَحَابِسَتُنَا هِيَ؟ فَقِيلَ: إِنَّهَا طَافَتْ فَقَالَ: فَلَا إِذًا» .

وَحَدِيثُ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِي فِي «سُؤَالِهِ عَنْ أَحَبِّ النَّاسِ فَقَالَ: عَائِشَةُ، قَالَ: لَمْ أَعْنِ النِّسَاءَ؟ قَالَ: فَأَبَوْهَا إِذًا» .

وَحَدِيثُ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي «قِصَّةِ الْأَعْرَابِيِّ الَّذِي أَصَابَتْهُ الْحُمَّى فَقَالَ: بَلْ هِيَ حُمَّى تَفُورُ عَلَى شَيْخٍ كَبِيرٍ تُزِيرُهُ الْقُبُورَ، قَالَ: فَنَعَمْ إِذًا» .

وَرَوَى الْفَاكِهِيُّ عَنْ سُفْيَانَ: لَقِيتُ لِيطَةَ بْنَ

<<  <  ج: ص:  >  >>