أَنَّهُ كَانَ أَحْمَقَ وَأَنَّهُ وَفَدَ عَلَى مُعَاوِيَةَ.
قَالَ أَبُو عُمَرَ: كَانَ صَبِيغٌ مِنَ الْخَوَارِجِ فِي مَذَاهِبِهِمْ قَالَ: وَإِنَّمَا أَتَى مَالِكٌ بِحَدِيثِ ابْنِ عَبَّاسٍ بَعْدَ حَدِيثِ أَبِي قَتَادَةَ تَفْسِيرًا لِلسَّلَبِ لِأَنَّ سَلَبَ قَتِيلِهِ كَانَ دِرْعًا وَزَادَ ابْنُ عَبَّاسٍ مِنْ قَوْلِهِ الْفَرَسُ، وَفِي رِوَايَةِ غَيْرِ مَالِكٍ وَالرُّمْحُ وَذَلِكَ كُلُّهُ آلَاتُ الْمُقَاتِلِ لَا ذَهَبٌ وَفِضَّةٌ لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ آلَاتِهِ.
(سُئِلَ مَالِكٌ عَمَّنْ قَتَلَ قَتِيلًا مِنَ الْعَدُوِّ أَيَكُونُ لَهُ سَلَبُهُ بِغَيْرِ إِذْنِ الْإِمَامِ؟ فَقَالَ: لَا يَكُونُ ذَلِكَ لِأَحَدٍ بِغَيْرِ إِذْنِ الْإِمَامِ) أَيْ أَمِيرِ الْجَيْشِ (وَلَا يَكُونُ ذَلِكَ مِنَ الْإِمَامِ إِلَّا عَلَى وَجْهِ الِاجْتِهَادِ) مِنْهُ بِمَا يَرَاهُ مَصْلَحَةً، وَوَافَقَهُ عَلَى ذَلِكَ أَبُو حَنِيفَةَ وَطَائِفَةٌ.
وَعَنْ مَالِكٍ أَيْضًا: يُخَيَّرُ الْإِمَامُ بَيْنَ أَنْ يُعْطِيَهُ السَّلَبَ أَوْ يُخَمِّسَهُ وَاخْتَارَهُ إِسْمَاعِيلُ الْقَاضِي.
وَعَنْ مَكْحُولٍ وَالثَّوْرِيِّ وَالشَّافِعِيِّ يُخَمَّسُ مُطْلَقًا لِعُمُومِ قَوْلِهِ: {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ} [الأنفال: ٤١] (سُورَةُ الْأَنْفَالِ: الْآيَةُ ٤١) وَلَمْ يَسْتَثْنِ شَيْئًا.
وَذَهَبَ الْجُمْهُورُ إِلَى أَنَّ الْقَاتِلَ يَسْتَحِقُّ السَّلَبَ سَوَاءٌ قَالَ أَمِيرُ الْجَيْشِ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ أَوْ لَا.
وَأَجَابُوا عَنْ عُمُومِ الْآيَةِ بِأَنَّهُ مَخْصُوصٌ بِحَدِيثِ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا. . . إِلَخْ، وَتُعُقِّبَ بِقَوْلِهِ: ( «وَلَمْ يَبْلُغْنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ إِلَّا يَوْمَ حُنَيْنٍ» ) وَهِيَ آخِرُ مَغَازِيهِ الَّتِي وَقَعَ فِيهَا قِتَالٌ وَغَنِيمَةٌ.
وَأُجِيبَ بِأَنَّ ذَلِكَ حُفِظَ عَنْهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ بَدْرٍ كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ أَنَّهُ قَضَى بِسَلَبِ أَبِي جَهْلٍ لِمُعَاذِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْجَمُوحِ.
وَعِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ أَنَّ حَاطِبَ بْنَ أَبِي بَلْتَعَةَ قَتَلَ رَجُلًا يَوْمَ أُحُدٍ فَسَلَّمَ لَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَلَبَهُ.
وَحَدِيثُ جَابِرٍ أَنَّ عَقِيلَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ قَتَلَ يَوْمَ مُؤْتَةَ رَجُلًا فَنَفَّلَهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - سَلَبَهُ.
ثُمَّ كَانَ ذَلِكَ مُقَرَّرًا عِنْدَ الصَّحَابَةِ كَمَا فِي مُسْلِمٍ عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ وَإِنْكَارِهِ عَلَى خَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ أَخْذَ السَّلَبِ مِنَ الْقَاتِلِ.
وَرَوَى الْحَاكِمُ وَالْبَيْهَقِيُّ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ: أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَحْشٍ قَالَ لَهُ يَوْمَ أُحُدٍ: تَعَالَ بِنَا نَدْعُو فَقَالَ سَعْدٌ: اللَّهُمَّ ارْزُقْنِي رَجُلًا شَدِيدًا بَأْسُهُ فَأُقَاتِلُهُ وَيُقَاتِلُنِي ثُمَّ ارْزُقْنِي عَلَيْهِ الظَّفَرَ حَتَّى أَقْتُلَهُ وَآخُذَ سَلَبَهُ " الْحَدِيثَ.
وَفِي مَغَازِي ابْنِ إِسْحَاقَ: " أَنَّ عُمَرَ قَالَ لِعَلِيٍّ لَمَّا قَتَلَ عَمْرَو بْنَ عَبْدِ وُدٍّ: هَلَّا اسْتَلَبْتَ دِرْعَهُ فَإِنَّهُ لَيْسَ لِلْعَرَبِ خَيْرٌ مِنْهَا؟ فَقَالَ إِنَّهُ اتَّقَانِي بِسَوْءَتِهِ " وَلِأَحْمَدَ بِإِسْنَادٍ قَوِيٍّ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الزُّبَيْرِ قَالَ: كَانَتْ صَفِيَّةُ فِي حِصْنِ حَسَّانَ يَوْمَ الْخَنْدَقِ فَذُكِرَ الْحَدِيثُ فِي قِصَّةِ قَتْلِهَا الْيَهُودِيَّ وَقَوْلِهَا لِحَسَّانَ انْزِلْ فَاسْلُبْهُ مِنْ حَاجَةٍ كَذَا فِي فَتْحِ الْبَارِي وَلَيْسَ فِي هَذَا كُلِّهِ أَنَّهُ قَالَ مَنْ قَتَلَ قَتِيلًا فَلَهُ سَلَبُهُ قَبْلَ يَوْمِ حُنَيْنٍ وَإِعْطَاؤُهُ السَّلَبَ فِي هَذِهِ الْمَوَاطِنِ لِأَنَّهُ لِلْإِمَامِ يَجْتَهِدُ فِيهِ بِمَا شَاءَ، وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَوْمَ حُنَيْنٍ بَعْدَ انْقِضَاءِ الْقِتَالِ كَمَا هُوَ صَرِيحٌ حَدِيثُ أَبِي قَتَادَةَ، وَلِذَا قَالَ مَالِكٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ: يُكْرَهُ أَنْ يَقُولَ الْإِمَامُ