طَرِيقِ حَمَّادِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ إِسْحَاقَ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ، وَأَخْرَجَهُ النَّسَائِيُّ أَيْضًا بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ (أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ صَدَرَ) رَجَعَ (مِنْ حُنَيْنٍ وَهُوَ يُرِيدُ الْجِعْرَانَةَ) بِكَسْرِ الْجِيمِ وَسُكُونِ الْعَيْنِ وَخِفَّةِ الرَّاءِ وَبِكَسْرِ الْعَيْنِ وَشَدِّ الرَّاءِ وَالْأُولَى أَفْصَحُ (سَأَلَهُ النَّاسُ) وَزَادَ فِي الطَّرِيقِ الْمَوْصُولَةِ فَقَالُوا: اقْسِمْ عَلَيْنَا فَيْئَنَا (حَتَّى دَنَتْ بِهِ نَاقَتُهُ مِنْ شَجَرَةٍ) أَيْ سَمَرَةَ بِفَتْحِ الْمِيمِ مِنْ شَجَرِ الْبَادِيَةِ ذَاتِ شَوْكٍ، فَفِي الصَّحِيحِ عَنْ جُبَيْرِ بْنِ مُطْعِمٍ: أَنَّهُ بَيْنَمَا هُوَ يَسِيرُ مَعَ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مُقْفِلَةً مِنْ حُنَيْنٍ فَعَلِقَتِ النَّاسُ الْأَعْرَابُ يَسْأَلُونَهُ حَتَّى اضْطَرُّوهُ إِلَى سَمَرَةَ (فَتَشَبَّكَتْ بِرِدَائِهِ) أَيْ عَلَقَ شَوْكُهَا بِهِ (حَتَّى نَزْعَتْهُ عَنْ ظَهْرِهِ) وَفِي حَدِيثِ جُبَيْرٍ: فَخَطِفَتْ رِدَاءَهُ وَهُوَ مَجَازٌ وَالْمُرَادُ خَطِفَتْهُ الْأَعْرَابُ (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) زَادَ النَّسَائِيُّ: يَا أَيُّهَا النَّاسُ (رُدُّوا عَلَيَّ رِدَائِي) وَفِي حَدِيثِ جُبَيْرٍ فَوَقَفَ وَقَالَ: أَعْطُونِي رِدَائِي يَعْنِي خَلِّصُوهُ مِنَ الشَّجَرَةِ وَأَعْطُوهُ لِي، وَإِنْ كَانُوا خَطَفُوهُ فَالرَّدُّ بِلَا تَخْلِيصٍ (أَتَخَافُونَ أَنْ لَا أُقْسِمَ بَيْنَكُمْ مَا أَفَاءَ) رَدَّ (اللَّهُ عَلَيْكُمْ) مِنَ الْغَنِيمَةِ، وَأَصْلُ الْفَيْءِ الرَّدُّ وَالرُّجُوعُ، وَمِنْهُ سُمِّي الظِّلُّ بَعْدَ الزَّوَالِ فَيْئًا لِرُجُوعِهِ مِنْ جَانِبٍ إِلَى جَانِبٍ، فَكَأَنَّ أَمْوَالَ الْكُفَّارِ سُمِّيَتْ فَيْئًا لِأَنَّهَا كَانَتْ فِي الْأَصْلِ لِلْمُؤْمِنِينَ إِذِ الْإِيمَانُ هُوَ الْأَصْلُ وَالْكَفْرُ طَارٍ عَلَيْهِ.
(وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ) إِنْ شَاءَ أَبْقَاهَا وَإِنْ شَاءَ أَخَذَهَا وَهُوَ قَسَمٌ كَانَ يُقْسِمُ بِهِ كَثِيرًا (لَوْ أَفَاءَ) بِالْهَمْزِ وَلَا يَجُوزُ الْإِبْدَالُ (اللَّهُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ سَمَرِ) بِفَتْحِ الْمِيمِ شَجَرٌ (تِهَامَةَ) جَمْعُ سَمَرَةٍ بِالتَّاءِ شَجَرَةٌ طَوِيلَةٌ مُتَفَرِّقَةُ الرَّأْسِ قَلِيلَةُ الظِّلِّ صَغِيرَةُ الْوَرَقِ وَالشَّوْكِ صُلْبَةُ الْخَشَبِ قَالَهُ ابْنُ التِّينِ، وَقَالَ الدَّاوُدِيُّ: هِيَ الْعِضَاهُ بِكَسْرِ الْمُهْمَلَةِ وَفَتْحِ الْمُعْجَمَةِ الْخَفِيفَةِ آخِرُهُ هَاءٌ وَصْلًا وَوَقْفًا شَجَرُ الشَّوْكِ كَطَلْحٍ وَعَوْسَجٍ وَسِدْرٍ، وَقَالَ الْخَطَّابِيُّ: وَرَقُ السُّمَرَةِ أَثْبَتُ وَظِلُّهَا أَكْثَفُ وَيُقَالُ هِيَ شَجَرَةُ الطَّلْحِ، وَلِلنَّسَائِيِّ: " لَوْ أَنَّ لَكُمْ بِعَدَدِ شَجَرِ تِهَامَةَ " وَفِي حَدِيثِ جُبَيْرٍ: " لَوْ كَانَ لِي عَدَدُ هَذِهِ الْعِضَاهِ " (نَعَمًا) بِفَتْحَتَيْنِ وَالنَّصْبُ عَلَى التَّمْيِيزِ (لَقَسَمْتُهُ عَلَيْكُمْ) وَفِي رِوَايَةٍ بَيْنَكُمْ (ثُمَّ لَا تَجِدُونِي) بِنُونٍ وَاحِدَةٍ، وَفِي رِوَايَةٍ: تَجِدُونَنِي بِنُونَيْنِ (بَخِيلًا وَلَا جَبَانًا وَلَا كَذَّابًا) أَيْ إِذَا جَرَّبْتُمُونِي لَا تَجِدُونِي ذَا بُخْلٍ وَلَا ذَا جُبْنٍ وَلَا ذَا كَذِبٍ، فَالْمُرَادُ نَفْيُ الْوَصْفِ مِنْ أَصْلِهِ لَا نَفْيُ الْمُبَالَغَةِ الَّتِي دَلَّ عَلَيْهَا الثَّلَاثَةُ ; لِأَنَّ كَذَّابًا مِنْ صِيَغِ الْمُبَالَغَةِ، وَجَبَانًا صِفَةٌ مُشَبَّهَةٌ، وَبَخِيلًا مُحْتَمِلُ الْأَمْرَيْنِ، قَالَ ابْنُ الْمُنِيرِ: وَفِي
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute