للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

الْحَدِيثُ لِمُحَمَّدٍ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْحَدِيثِ وَلَا رَوَاهُ بِوَجْهٍ مِنَ الْوُجُوهِ، وَقَدْ حَدَّثَ بِهِ ابْنُ وَضَّاحٍ عَلَى الصِّحَّةِ فَقَالَ ابْنُهُ.

(أَنَّهُ سَمِعَ عُرْوَةَ بْنَ الزُّبَيْرِ يَقُولُ: دَخَلْتُ عَلَى مَرْوَانَ بْنِ الْحَكَمِ) بْنِ أَبِي الْعَاصِي بْنِ أَبِي أُمَيَّةَ الْأُمَوِيِّ الْمَدَنِيِّ لَا يَثْبُتُ لَهُ صُحْبَةٌ، وَلِيَ الْخِلَافَةِ فِي آخِرِ سَنَةِ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَمَاتَ فِي رَمَضَانَ سَنَةَ خَمْسٍ وَلَهُ ثَلَاثٌ أَوْ إِحْدَى وَسِتُّونَ سَنَةً، (فَتَذَاكَرْنَا مَا يَكُونُ مِنْهُ الْوُضُوءُ فَقَالَ مَرْوَانُ: وَمَنْ مَسَّ الذَّكَرَ الْوُضُوءَ، قَالَ عُرْوَةُ: مَا عَلِمْتُ هَذَا) قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: هَذَا مَعَ مَنْزِلَتِهِ مِنَ الْعِلْمِ وَالْفَضْلِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّ الْجَهْلَ بِبَعْضِ الْمَعْلُومَاتِ لَا يُدْخِلُ نَقِيصَةً عَلَى الْعَالِمِ إِذَا كَانَ عَالِمًا بِالسُّنَنِ إِذِ الْإِحَاطَةُ بِجَمِيعِ الْمَعْلُومَاتِ لَا سَبِيلَ إِلَيْهَا.

(فَقَالَ مَرْوَانُ بْنُ الْحَكَمِ: أَخْبَرَتْنِي بُسْرَةُ) بِضَمِّ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ (بِنْتُ صَفْوَانَ) بْنِ نَوْفَلِ بْنِ أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى الْأَسَدِيَّةُ صَحَابِيَّةٌ لَهَا سَابِقَةٌ وَهِجْرَةٌ، عَاشَتْ إِلَى خِلَافَةِ مُعَاوِيَةَ (أَنَّهَا سَمِعَتْ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «إِذَا مَسَّ أَحَدُكُمْ ذَكَرَهُ» ) بِلَا حَائِلٍ بِبَطْنِ الْكَفِّ لِحَدِيثِ: " «مَنْ أَفْضَى بِيَدِهِ إِلَى فَرْجِهِ لَيْسَ دُونَهُ حِجَابٌ» " وَالْإِفْضَاءُ لُغَةً الْمَسُّ بِبَطْنِ الْكَفِّ (فَلْيَتَوَضَّأْ) .

وَفِي رِوَايَةِ التِّرْمِذِيِّ: " «فَلَا يُصَلِّي حَتَّى يَتَوَضَّأَ» " أَيْ لِانْتِقَاضِ وُضُوئِهِ، فَهَذَا نَصٌّ فِي مَوْضِعِ النِّزَاعِ، وَقَدْ رَوَاهُ أَيْضًا الشَّافِعِيُّ وَأَحْمَدُ وَأَصْحَابُ السُّنَنِ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ الْجَارُودِ وَالْحَاكِمُ الثَّلَاثَةُ فِي صِحَاحِهِمْ، وَصَرَّحَ أَحْمَدُ وَابْنُ مَعِينٍ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالْحَاكِمُ وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَالْبَيْهَقِيُّ وَالْحَازِمِيُّ بِأَنَّهُ حَدِيثٌ صَحِيحٌ وَهُوَ عَلَى شَرْطِ الْبُخَارِيِّ بِكُلِّ حَالٍ، وَإِنْ كَانَ الْمُخَالِفُ يَقُولُ أَنَّهُ مِنْ رِوَايَةِ مَرْوَانَ وَلَا صُحْبَةَ لَهُ وَلَا كَانَ مِنَ التَّابِعِينِ بِإِحْسَانٍ، فَقَدْ قَالَ الْحَافِظُ: فِي مُقَدِّمَةِ فَتْحِ الْبَارِي: يُقَالُ لَهُ رُؤْيَةٌ فَإِنْ ثَبَتَتْ فَلَا يُعَرَّجُ عَلَى مَنْ تَكَلَّمَ فِيهِ وَإِلَّا فَقَدْ قَالَ عُرْوَةُ كَانَ مَرْوَانُ لَا يُتَّهَمُ فِي الْحَدِيثِ وَقَدْ رَوَى عَنْهُ سَهْلُ بْنُ سَعْدٍ الصَّحَابِيُّ اعْتِمَادًا عَلَى صِدْقِهِ، وَإِنَّمَا نَقَمُوا عَلَيْهِ أَنَّهُ رَمَى طَلْحَةَ بْنَ عُبَيْدِ اللَّهِ يَوْمَ الْجَمَلِ بِسَهْمٍ فَقَتَلَهُ ثُمَّ شَهَرَ السَّيْفَ فِي طَلَبِ الْخِلَافَةِ حَتَّى جَرَى مَا جَرَى، فَأَمَّا قَتْلُ طَلْحَةَ فَكَانَ مُتَأَوَّلًا كَمَا قَرَّرَهُ الْإِسْمَاعِيلِيُّ وَغَيْرُهُ، وَأَمَّا بَعْدَ ذَلِكَ فَإِنَّمَا حَمَلَ عَنْهُ سَهْلٌ وَعُرْوَةُ وَعَلِيُّ بْنُ الْحُسَيْنِ وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْحَارِثِ وَهَؤُلَاءِ أَخْرَجَ الْبُخَارِيُّ أَحَادِيثَهُمْ عَنْهُ فِي صَحِيحِهِ لَمَّا كَانَ أَمِيرًا عِنْدَهُمْ بِالْمَدِينَةِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ مِنْهُ الْخِلَافُ عَلَى ابْنِ الزُّبَيْرِ مَا بَدَا، وَقَدِ اعْتَمَدَ مَالِكٌ عَلَى حَدِيثِهِ وَالْبَاقُونَ سِوَى مُسْلِمٍ اه.

وَكَانَ ابْنُ حَنْبَلٍ يُصَحِّحُ حَدِيثَ بُسْرَةَ هَذَا وَيُفْتِي بِهِ، وَقَالَ ابْنُ مَعِينٍ: لَوْلَا رَوَاهُ مَالِكٌ لَقُلْتُ يَصِحُّ فِي مَسِّ الذَّكَرِ شَيْءٌ، وَذَكَرَ أَحْمَدُ حَدِيثَ أُمِّ

<<  <  ج: ص:  >  >>