حَبِيبَةَ: " سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «مَنْ مَسَّ فَرْجَهُ فَلْيَتَوَضَّأْ» "، وَقَالَ: هُوَ حَسَنُ الْإِسْنَادِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: فِيهِ انْقِطَاعٌ لِأَنَّ مَكْحُولًا رَوَاهُ عَنْ عَنْبَسَةَ وَلَمْ يُسْمَعْ مِنْهُ، وَصَحَّحَ ابْنُ السَّكَنِ حَدِيثَ أَبِي هُرَيْرَةَ: أَنَّ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ: " «مَنْ أَفْضَى بِيَدِهِ إِلَى فَرْجِهِ لَيْسَ دُونَهُ حِجَابٌ فَقَدْ وَجَبَ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ» " وَلَا يُعَارِضُ هَذَا حَدِيثَ طَلْقٍ إِمَّا لِأَنَّهُ بِفَرْضِ صِحَّتِهِ مَنْسُوخٌ كَمَا مَرَّ، وَإِمَّا لِأَنَّهُ مَحْمُولٌ عَلَى الْمَسِّ بِحَائِلٍ وَإِنْ كَانَ خِلَافَ الْأَصْلِ.
وَزَعْمُ الْحَنَفِيَّةِ أَنَّ مَسَّ الذَّكَرِ فِي حَدِيثِ بُسْرَةَ كِنَايَةٌ عَمَّا يَخْرُجُ مِنْهُ، قَالُوا: وَهُوَ مِنْ أَسْرَارِ الْبَلَاغَةِ يُكَنَّى عَنِ الشَّيْءِ وَيُرْمَزُ إِلَيْهِ بِذِكْرِ مَا هُوَ مِنْ رَوَادِفِهِ، فَلَمَّا كَانَ مَسُّ الذَّكَرِ غَالِبًا يُرَادِفُ خُرُوجَ الْحَدَثِ مِنْهُ وَيُلَازِمُ عَبَّرَ بِهِ عَنْهُ كَمَا عَبَّرَ بِالْمَجِيءِ مِنَ الْغَائِطِ عَمَّا قُصِدَ الْغَائِطُ لِأَجْلِهِ، وَهَذَا مِنْ تَأْوِيلَاتِهِمُ الْبَعِيدَةِ، وَقَالُوا أَيْضًا: إِنَّ خَبَرَ الْوَاحِدِ لَا يُعْمَلُ بِهِ فِيمَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى، وَمَثَّلُوا بِهَذَا الْحَدِيثِ لِأَنَّ مَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى لِأَنَّ مَا تَعُمُّ بِهِ الْبَلْوَى يَكْثُرُ السُّؤَالُ عَنْهُ فَتَقْضِي الْعَادَةُ بِنَقْلِهِ تَوَاتُرًا لِتَوَفُّرِ الدَّوَاعِي عَلَى نَقْلِهِ فَلَا يُعْمَلُ بِخَبَرِ الْآحَادِ فِيهِ، وَتُعُقِّبَ بِأَنْ لَا نُسَلِّمَ قَضَاءَ الْعَادَةِ بِذَلِكَ وَبِأَنَّ الْحَدِيثَ مُتَوَاتِرٌ، رَوَاهُ سَبْعَةُ عَشَرَ صَحَابِيًّا نَقَلَهُ ابْنُ الرِّفْعَةِ عَنِ الْقَاضِي أَبِي الطَّيِّبِ، وَقَدْ عَدَّهُ السُّيُوطِيُّ فِي الْأَحَادِيثِ الْمُتَوَاتِرَةِ، وَاللَّهُ أَعْلَمُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute