أَعْمَالِهِ وَأَكْثَرَهَا (دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّلَاةِ) قَالَ الْحَافِظُ: وَمَعْنَى الْحَدِيثِ أَنَّ كُلَّ عَامِلٍ يُدْعَى مِنْ بَابِ ذَلِكَ الْعَمَلِ، وَقَدْ جَاءَ ذَلِكَ صَرِيحًا مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ بِلَفْظِ: " «لِكُلِّ عَامِلٍ بَابٌ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ يُدْعَى مِنْهُ بِذَلِكَ الْعَمَلِ» " أَخْرَجَهُ أَحْمَدُ وَابْنُ أَبِي شَيْبَةَ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ.
( «وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الْجِهَادِ دُعِيَ مِنْ بَابِ الْجِهَادِ» ) مَحَلُّ الشَّاهِدِ مِنَ الْحَدِيثِ (وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصَّدَقَةِ) الْمُكْثِرِينَ مِنْهَا (دُعِيَ مِنْ بَابِ الصَّدَقَةِ) وَلَيْسَ هَذَا بِتَكْرَارٍ مَعَ قَوْلِهِ فِي صَدْرِ الْحَدِيثِ: مَنْ أَنْفَقَ زَوْجَيْنِ، لِأَنَّ الْإِنْفَاقَ وَلَوْ قَلَّ خَيْرٌ مِنَ الْخَيْرَاتِ الْعَظِيمَةِ وَذَلِكَ حَاصِلٌ مِنْ كُلِّ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ وَهَذَا اسْتِدْعَاءٌ خَاصٌّ.
(وَمَنْ كَانَ مِنْ أَهْلِ الصِّيَامِ) الْمُكْثِرِينَ مِنْهُ ( «دُعِيَ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ» ) مُشْتَقٌّ مِنَ الرِّيِّ فَخُصَّ بِذَلِكَ لِمَا فِي الصَّوْمِ مِنَ الصَّبْرِ عَلَى أَلَمِ الْعَطَشِ وَالطُّمَأْنِينَةِ فِي الْهَوَاجِرِ قَالَهُ الْبَاجِيُّ، وَقَالَ الْحَرْبِيُّ: إِنْ كَانَ الرَّيَّانُ عَلَمًا لِلْبَابِ فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ كَانَ صِفَةً فَهُوَ مِنَ الرَّوَاةِ الَّذِي يَرْوِي، وَالْمَعْنَى أَنَّ الصَّائِمَ لِتَعْطِيشِهِ نَفْسَهُ فِي الدُّنْيَا يَدْخُلُ مِنْ بَابِ الرَّيَّانِ لِيَأْمَنَ مِنَ الْعَطَشِ ثَوَابًا لَهُ عَلَى ذَلِكَ، وَفِي التَّعْبِيرِ بِالرَّيَّانِ إِيمَاءٌ إِلَى زِيَادَةِ أَمْرِ الصَّوْمِ وَمُبَادَرَةِ الْقَبُولِ لَهُ، وَاحْتِمَالُ أَنَّهُ يُدْعَى إِلَيْهِ كُلُّ مَنْ رَوِيَ مِنْ حَوْضِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -، رَدَّهُ عِيَاضٌ بِأَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ الْحَوْضُ بِالصَّائِمِينَ وَالْبَابُ مُخْتَصٌّ بِهِمْ قَالَ: وَعَلَى أَنَّهُ اسْمٌ لِلْبَابِ فَسُمِّيَ بِذَلِكَ لِاخْتِصَاصِ الدَّاخِلِينَ فِيهِ بِالرِّيِّ، قَالَ الْحَافِظُ: فَذَكَرَ أَرْبَعَةَ أَبْوَابٍ مِنْ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ وَهِيَ ثَمَانِيَةٌ وَبَقِيَ الْحَجُّ فَلَهُ بَابٌ بِلَا شَكٍّ، وَالثَّلَاثَةُ بَابُ الْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ الْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ، رَوَاهُ أَحْمَدُ عَنِ الْحَسَنِ مُرْسَلًا: " «إِنَّ لِلَّهِ بَابًا فِي الْجَنَّةِ لَا يَدْخُلُهُ إِلَّا مَنْ عَفَا عَنْ مَظْلَمَةٍ» " وَالْبَابُ الْأَيْمَنُ الَّذِي يَدْخُلُ مِنْهُ مَنْ لَا حِسَابَ عَلَيْهِ وَلَا عَذَابَ وَالثَّامِنُ لَعَلَّهُ بَابُ الذِّكْرِ، فَفِي التِّرْمِذِيَّ مَا يُومِي إِلَيْهِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ بَابُ الْعِلْمِ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَبْوَابِ الَّتِي يُدْعَى مِنْهَا أَبْوَابٌ مِنْ دَاخِلِ أَبْوَابِ الْجَنَّةِ الْأَصْلِيَّةِ لِأَنَّ الْأَعْمَالَ الصَّالِحَةَ أَكْثَرُ عَدَدًا مِنْ ثَمَانِيَةٍ انْتَهَى.
وَلَا يَرِدُ عَلَيْهِ أَنَّ الَّذِينَ لَا حِسَابَ عَلَيْهِمْ يَتَسَوَّرُونَ كَمَا وَرَدَ لِاحْتِمَالِ أَنَّ هَذَا الْبَابَ مِنْ أَسْفَلِ الْجَنَّةِ الَّتِي يَتَسَوَّرُونَ مِنْهَا، فَأُطْلِقَ عَلَيْهِ أَنَّهُمْ دَخَلُوا مِنْهَا مَجَازًا أَوْ أَنَّهُ مُعَدٌّ لَهُمْ تَكْرِيمًا وَإِنْ لَمْ يَدْخُلُوا مِنْهُ، وَتَبِعَ فِي عَدِّ الْبَابِ الْأَيْمَنِ عِيَاضًا، وَقَدْ تَعَقَّبَهُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْأَبِيُّ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِالْأَيْمَنِ مَا عَنْ يَمِينِ الدَّاخِلِ وَذَلِكَ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ الدَّاخِلِينَ وَإِنَّمَا يَكُونُ بَابًا إِذَا كَانَ اسْمًا وَعَلَمًا عَلَى بَابٍ مُعَيَّنٍ.
(فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ) زَادَ مَعْنٌ: بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي (مَا عَلَى مَنْ يُدْعَى مِنْ هَذِهِ الْأَبْوَابِ مِنْ ضَرُورَةٍ) قَالَ الْمُظَهَّرِيُّ: " مَا " نَافِيَةٌ وَ " مِنْ "
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute