سَاكِنُهَا (حَتَّى أَتَى الرَّجُلَ الَّذِي أَفْتَاهُ بِذَلِكَ فَأَمَرَهُ أَنْ يُفَارِقَ امْرَأَتَهُ) رَوَى عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنِ الثَّوْرِيِّ عَنْ أَبِي فَرْوَةَ عَنْ أَبِي عَمْرٍو الشَّيْبَانِيِّ عَنِ ابْنِ مَسْعُودٍ " أَنَّ رَجُلًا مِنْ بَنِي فَزَارَةَ تَزَوَّجَ امْرَأَةً ثُمَّ رَأَى أُمَّهَا فَعَجِبَتْهُ فَأَفْتَاهُ ابْنُ مَسْعُودٍ أَنْ يُفَارِقَهَا وَيَتَزَوَّجَ أُمَّهَا إِنْ كَانَ لَمْ يَمَسَّهَا فَتَزَوَّجَهَا وَوَلَدَتْ لَهُ أَوْلَادًا، ثُمَّ أَتَى ابْنُ مَسْعُودٍ الْمَدِينَةَ فَسَأَلَ فَأُخْبِرَ أَنَّهَا لَا تَحِلُّ فَلَمَّا رَجَعَ إِلَى الْكُوفَةِ قَالَ لِلرَّجُلِ: إِنَّهَا عَلَيْكَ حَرَامٌ فَفَارِقْهَا " قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: وَأَخْبَرَنِي مَعْمَرٌ عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبِي زِيَادٍ أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ هُوَ الَّذِي رَدَّ ابْنَ مَسْعُودٍ عَنْ قَوْلِهِ ذَلِكَ فِيمَا أَحْسَبُ.
وَقَوْلُهُ فَفَارِقْهَا يَحْتَمِلُ أَنَّهُ أَمْرٌ وَأَنَّهُ فِعْلٌ فَيَكُونُ الرَّجُلُ امْتَثَلَ وَفِي هَذَا وَنَحْوِهِ الِاحْتِجَاجُ بِعَمَلِ الْمَدِينَةِ لِرُجُوعِ ابْنِ مَسْعُودٍ عَنِ اجْتِهَادِهِ الَّذِي أَفْتَى بِهِ إِلَيْهِمْ لِأَنَّهُ إِنَّمَا أَفْتَى بِالِاجْتِهَادِ، وَقَدْ ذَهَبَ بَعْضُ الْأَئِمَّةِ الْمُتَقَدِّمِينَ إِلَى جَوَازِ نِكَاحِ الْأُمِّ إِذَا لَمْ يُدْخَلْ بِالْبِنْتِ وَقَالَ: الشَّرْطُ الَّذِي فِي آخِرِ الْآيَةِ يَعُمُّ الْأُمَّهَاتِ وَالرَّبَائِبَ، وَجُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ عَلَى خِلَافِهِ لِقَوْلِ أَهْلِ الْعَرَبِيَّةِ: إِنَّ الْخَبَرَيْنِ إِذَا اخْتَلَفَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُوصَفَ الِاسْمَانِ بِوَصْفٍ وَاحِدٍ، فَلَا يُقَالُ: قَامَ زَيْدٌ وَقَعَدَ عَمْرٌو الظَّرِيفَانِ، وَعَلَّلَهُ سِيبَوَيْهِ بِاخْتِلَافِ الْعَامِلِ لِأَنَّ الْعَامِلَ فِي الصِّفَةِ هُوَ الْعَامِلُ فِي الْمَوْصُوفِ، وَبَيَانُهُ فِي الْآيَةِ أَنَّ قَوْلَهُ: {اللَّاتِي دَخَلْتُمْ بِهِنَّ} [النساء: ٢٣] [سُورَةُ النِّسَاءِ: الْآيَةُ ٢٣] يَعُودُ عِنْدَ هَذَا الْقَائِلِ إِلَى نِسَائِكُمْ وَهُوَ مَخْفُوضٌ بِالْإِضَافَةِ وَإِلَى رَبَائِبِكُمْ وَهُوَ مَرْفُوعٌ، وَالصِّفَةُ الْوَاحِدَةُ لَا تَتَعَلَّقُ بِمُخْتَلِفَيِ الْإِعْرَابِ وَلَا بِمُخْتَلِفَيِ الْعَامِلِ.
(قَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَكُونُ تَحْتَهُ الْمَرْأَةُ ثُمَّ يَنْكِحُ أُمَّهَا فَيُصِيبُهَا أَنَّهَا تَحْرُمُ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ وَيُفَارِقُهُمَا جَمِيعًا وَيَحْرُمَانِ عَلَيْهِ أَبَدًا إِذَا كَانَ قَدْ أَصَابَ الْأُمَّ فَإِنْ لَمْ يُصِبِ الْأُمَّ لَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ وَفَارَقَ الْأُمَّ) وَبَقِيَ عَلَى امْرَأَتِهِ الْبِنْتِ.
(وَقَالَ مَالِكٌ فِي الرَّجُلِ يَتَزَوَّجُ الْمَرْأَةَ ثُمَّ يَنْكِحُ أُمَّهَا) يَعْقِدُ عَلَيْهَا (فَيُصِيبُهَا أَنَّهُ لَا تَحِلُّ لَهُ أُمُّهَا أَبَدًا وَلَا تَحِلُّ لِأَبِيهِ وَلَا لِابْنِهِ وَلَا تَحِلُّ لَهُ ابْنَتُهَا وَتَحْرُمُ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ) لِمَسِّهِمَا مَعًا، فَإِنْ لَمْ يَمَسَّ الْأُمَّ فَارَقَهَا وَلَمْ تَحْرُمْ عَلَيْهِ امْرَأَتُهُ كَمَا قَالَ قَبْلُ.
(قَالَ مَالِكٌ) هَذَا كُلُّهُ فِي النِّكَاحِ (فَأَمَّا الزِّنَى فَإِنَّهُ لَا يُحَرِّمُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ) الْمَذْكُورِ فَإِنْ كَانَ مُتَزَوِّجًا بِالْبِنْتِ فَزَنَى بِالْأُمِّ أَوْ عَكْسُهُ لَا تَحْرُمُ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute