للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَحَسَّنَهُ عَنْ نَبْهَانَ «عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ: " أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَالَ لَهَا وَلِمَيْمُونَةَ وَقَدْ دَخَلَ عَلَيْهِمَا ابْنُ أُمِّ مَكْتُومٍ: احْتَجِبَا مِنْهُ، فَقَالَتَا: إِنَّهُ أَعْمَى، فَقَالَ: أَفَعَمْيَاوَانِ أَنْتُمَا؟ أَلَسْتُمَا تُبْصِرَانِهِ» ؟ ". وَأَجَابَ عِيَاضٌ بِأَنَّهُ تَغْلِيظٌ عَلَى أَزْوَاجِهِ فِي الْحِجَابِ لِحُرْمَتِهِنَّ، فَكَمَا غَلَّظَ الْحِجَابَ عَلَى الرِّجَالِ فِيهِنَّ غَلَّظَ عَلَيْهِنَّ أَنْ يَنْظُرْنَ إِلَى الرِّجَالِ، وَلَا خِلَافَ أَنَّ عَلَى الْمَرْأَةِ أَنْ تَغُضَّ بَصَرَهَا كَمَا عَلَى الرَّجُلِ غَضُّهُ كَمَا نَصَّ اللَّهُ، وَإِنَّمَا خَصَّ ابْنَ أُمِّ مَكْتُومٍ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي مَا يَنْكَشِفُ مِنْهَا، أَلَا تَرَى قَوْلَهُ: " «تَضَعِينَ ثِيَابَكِ وَإِذَا وَضَعْتِ خِمَارَكِ لَمْ يَرَكِ» ". فَلَا يُخْشَى لِعَمَاهُ مَا يُخْشَى مِنْ غَيْرِهِ مِنَ النَّظَرِ لِتَرَدُّدِهِ لِلْمُجَاوِرَةِ وَالْمُلَازَمَةِ، وَلِمَا عَلَيْهَا مِنَ الْمَشَقَّةِ فِي التَّحَرُّزِ مِنَ النَّظَرِ إِلَيْهَا، وَإِلَى هَذَا أَشَارَ أَبُو دَاوُدَ وَغَيْرُهُ، قَالَ الزَّوَاوِيُّ: وَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ أَبَاحَ لَهَا الِاعْتِدَادَ عِنْدَ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ لِضَرُورَتِهَا إِلَى ذَلِكَ، وَلَا ضَرُورَةَ بِأَزْوَاجِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فِي النَّظَرِ إِلَيْهِ مَعَ أَنَّ قَوْلَهُ تَعَالَى: {يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنَ النِّسَاءِ} [الأحزاب: ٣٢] (سُورَةُ الْأَحْزَابِ: الْآيَةُ ٣٢) يَدُلُّ عَلَى صِحَّةِ مَا، قَالَهُ أَبُو دَاوُدَ وَمَنْ وَافَقَهُ.

(فَإِذَا حَلَلْتِ فَآذِنِينِي) بِمَدِّ الْهَمْزَةِ، أَعْلِمِينِي. وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: " «لَا تَفُوتِينِي بِنَفْسِكِ» " وَفِي أُخْرَى لَهُ: " «وَأَرْسَلَ إِلَيْهَا أَنْ لَا تَسْبِقِينِي بِنَفْسِكِ» " قِيلَ: فِيهِ جَوَازُ التَّعْرِيضِ، وَاسْتَبْعَدَهُ عِيَاضٌ بِأَنَّهُ لَيْسَ فِي قَوْلِهِ آذِنِينِي وَلَا تَسْبِقِينِي بِنَفْسِكِ غَيْرُ أَمْرِهَا بِالتَّرَبُّصِ دُونَ تَسْمِيَةِ زَوْجٍ، وَالتَّعْرِيضُ إِنَّمَا هُوَ مِنَ الزَّوْجِ أَوْ نَائِبِهِ، أَمَّا الْمَجْهُولُ فَلَا تَعْرِيضَ فِيهِ وَلَا مُوَاعَدَةَ، وَلَوْ أَنَّ الْوَلِيَّ أَوْ أَجْنَبِيًّا قَالَ لَهَا: إِذَا حَلَلْتِ زَوَّجْتُكِ أَوْ لَا تَتَزَوَّجِي أَحَدًا حَتَّى تُشَاوِرِينِي، لَمْ يَكُنْ تَعْرِيضًا وَلَا مُوَاعَدَةً فِي الْعِدَّةِ، وَلَكِنَّ الْحَدِيثَ حُجَّةٌ فِي مَنْعِ التَّعْرِيضِ وَالْمُوَاعَدَةِ وَالْخِطْبَةِ فِي الْعِدَّةِ ; إِذْ لَمْ يَفْعَلْ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ، وَرَدَّهُ الزَّوَاوِيُّ وَالْأَبِيُّ بِأَنَّ اللَّهَ قَدْ أَبَاحَ التَّعْرِيضَ فِي الْقُرْآنِ، قَالَ الزَّوَاوِيُّ: وَالتَّرْكُ لَا يَدُلُّ عَلَى الْمَنْعِ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ لَا لِمَعْنًى مِنَ الْمَعَانِي أَوْ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إِلَيْهِ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ أَوْ لِمَعْنًى عَادِيٍّ أَوْ طَبْعِيٍّ. وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: كَرِهَ جَمَاعَةٌ أَنْ يَقُولَ: لَا تَفُوتِينِي بِنَفْسِكِ، وَالْحَدِيثُ يَرُدُّ عَلَيْهِ، وَنَظَرَ فِيهِ الْأَبِيُّ بِأَنَّهُ كَرِهَ هَذَا مِنَ الْخَاطِبِ لِنَفْسِهِ أَوْ لِمَنْ وَكَّلَهُ وَلَمْ يَكُنْ خَاطِبًا لِنَفْسِهِ وَلَا لِغَيْرِهِ. (قَالَتْ: فَلَمَّا حَلَلْتُ ذَكَرْتُ لَهُ أَنَّ مُعَاوِيَةَ بْنَ أَبِي سُفْيَانَ) صَخْرِ بْنِ حَرْبٍ الْأُمَوِيِّ، وَالْقَوْلُ بِأَنَّهُ غَيْرُهُ، قَالَ النَّوَوِيُّ: غَلَطٌ صَرِيحٌ (وَأَبَا جَهْمٍ) بِفَتْحِ الْجِيمِ، مُكَبِّرٌ عَلَى الْمَعْرُوفِ وَلَا يُنْكَرُ فِيهِ التَّصْغِيرُ، وَاسْمُهُ حُذَيْفَةُ الْعَدَوِيُّ، وَهُوَ صَاحِبُ الْإَنْبِجَانِيَّةِ، وَذَكَرَهُ النَّاسُ كُلُّهُمْ وَلَمْ يَنْسُبُوهُ إِلَّا يَحْيَى الْأَنْدَلُسِيُّ فَقَالَ: (ابْنَ هِشَامٍ) وَهُوَ غَلَطٌ وَلَا يُعْرَفُ فِي الصَّحَابَةِ أَحَدٌ يُقَالُ لَهُ أَبُو جَهْمِ بْنُ هِشَامٍ، وَلَمْ يُوَافِقْ يَحْيَى عَلَى ذَلِكَ أَحَدٌ مِنْ رُوَاةِ الْمُوَطَّأِ وَلَا غَيْرِهِمْ، قَالَهُ عِيَاضٌ كَابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: اسْمُهُ عَامِرُ بْنُ حُذَيْفَةَ بْنِ غَانِمٍ الْعَدَوِيُّ، وَيُقَالُ اسْمُهُ عُبَيْدُ بْنُ حُذَيْفَةَ، قَالَ: وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ الْقَاسِمِ " ابْنُ هِشَامٍ " كَرِوَايَةِ يَحْيَى (خَطَبَانِي) وَفِي رِوَايَةٍ لِمُسْلِمٍ: فَخَطَبَنِي

<<  <  ج: ص:  >  >>