بِضَمِّ الْمُهْمَلَةِ وَإِسْكَانِ الزَّايِ، فَقْدُ الْأَزْوَاجِ وَالنِّكَاحِ، وَهَذَا يُشْبِهُ عَطْفَ الْعِلَّةِ عَلَى الْمَعْلُولِ. وَفِي رِوَايَةِ إِسْمَاعِيلَ بْنِ جَعْفَرٍ: وَطَالَتْ عَلَيْنَا الْعُزْبَةُ. قَالَ الْقُرْطُبِيُّ: أَيْ تَعَذَّرَ عَلَيْنَا النِّكَاحُ لِتَعَذُّرِ أَسْبَابِهِ، لَا أَنَّ ذَلِكَ لِطُولِ الْإِقَامَةِ ; لِأَنَّ غَيْبَتَهُمْ عَنِ الْمَدِينَةِ لَمْ تَطُلْ. اهـ. وَفِيهِ نَظَرٌ، فَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ سَعْدٍ وَغَيْرُهُ أَنَّ غَيْبَتَهُمْ فِي هَذِهِ الْغَزْوَةِ كَانَتْ ثَمَانِيَةً وَعِشْرِينَ يَوْمًا (وَأَحْبَبْنَا الْفِدَاءَ) وَلِمُسْلِمٍ: وَرَغِبْنَا فِي الْفِدَاءِ (فَأَرَدْنَا أَنْ نَعْزِلَ) خَوْفًا مِنَ الْحَمْلِ الْمَانِعِ مِنَ الْفِدَاءِ الَّذِي أَحْبَبْنَاهُ (فَقُلْنَا نَعْزِلُ وَرَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بَيْنَ أَظْهُرِنَا) أَيْ بَيْنَنَا، وَأَظْهُرُ زَائِدَةٌ (قَبْلَ أَنْ نَسْأَلَهُ) عَنِ الْحُكْمِ ; لِأَنَّهُ وَقَعَ فِي نُفُوسِهِمْ أَنَّهُ مِنَ الْوَأْدِ الْخَفِيِّ كَالْفِرَارِ مِنَ الْقَدَرِ، قَالَهُ الْمَازِرِيُّ. وَفِي رِوَايَةٍ: وَكُنَّا نَعْزِلُ ثُمَّ سَأَلْنَا، فَجَمَعَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّ مِنْهُمْ مَنْ سَأَلَ قَبْلَ الْعَزْلِ وَمِنْهُمْ مَنْ سَأَلَ بَعْدَهُ، وَبِأَنَّ مَعْنَى نَعْزِلُ عَزْمُنَا عَلَيْهِ فَيَرْجِعُ مَعْنَاهَا إِلَى الْأُولَى. (فَسَأَلْنَاهُ عَنْ ذَلِكَ) زَادَ فِي رِوَايَةِ جُوَيْرِيَةَ عَنْ مَالِكٍ فَقَالَ: أَوَإِنَّكُمْ لَتَفْعَلُونَ، قَالَهَا ثَلَاثًا. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَا اطَّلَعَ عَلَى فِعْلِهِمْ فَيُشْكَلُ مَعَ «قَوْلِ جَابِرٍ فِي الصَّحِيحِ: كُنَّا نَعْزِلُ عَلَى عَهْدِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَالْقُرْآنُ يَنْزِلُ» ; لِأَنَّ الصَّحَابِيَّ إِذَا قَالَ: كُنَّا نَفْعَلُ كَذَا عَلَى عَهْدِ النَّبِيِّ يَكُونُ مَرْفُوعًا ; لِأَنَّ الظَّاهِرَ اطِّلَاعُهُ عَلَيْهِ. وَأُجِيبُ بِأَنَّ دَوَاعِيَهُمْ كَانَتْ مُتَوَفِّرَةً عَلَى سُؤَالِهِ عَنْ أُمُورِ الدِّينِ فَإِذَا عَمِلُوا شَيْئًا وَعَلِمُوا أَنَّهُ لَمْ يَطَّلِعْ عَلَيْهِ بَادَرُوا إِلَى السُّؤَالِ عَنْ حُكْمِهِ، فَيَكُونُ الظُّهُورُ مِنْ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ.
(فَقَالَ: مَا عَلَيْكُمْ) بَأْسٌ (أَنْ لَا تَفْعَلُوا) أَيْ لَيْسَ عَدَمُ الْفِعْلِ وَاجِبًا عَلَيْكُمْ، أَوْ لَا زَائِدَةٌ، أَيْ لَا بَأْسَ عَلَيْكُمْ فِي فِعْلِهِ. وَحَكَى ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ عَنِ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ أَنَّ مَعْنَاهُ النَّهْيَ أَيْ لَا تَفْعَلُوا الْعَزْلَ (مَا مِنْ نَسَمَةٍ) بِفَتَحَاتٍ، أَيْ نَفْسٍ (كَائِنَةٍ) أَيْ قُدِّرَ كَوْنُهَا فِي عِلْمِ اللَّهِ (إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ إِلَّا وَهِيَ كَائِنَةٌ) أَيْ مَوْجُودَةٌ فِي الْخَارِجِ، سَوَاءٌ عَزَلْتُمْ أَمْ لَا، فَلَا فَائِدَةَ فِي الْعَزْلِ، فَإِنَّهُ إِنْ كَانَ خَلْقُهَا سَبَقَكُمُ الْمَاءُ فَلَا يَنْفَعُكُمُ الْحِرْصُ وَقَدْ خَلَقَ اللَّهُ آدَمَ مِنْ غَيْرِ ذَكَرٍ وَلَا أُنْثَى، وَخَلَقَ حَوَّاءَ مِنْ ضِلَعٍ مِنْهُ، وَعِيسَى مِنْ غَيْرِ ذَكَرٍ. وَعِنْدَ أَحْمَدَ وَالْبَزَّارِ وَصَحَّحَهُ ابْنُ حِبَّانَ عَنْ أَنَسٍ: " «أَنَّ رَجُلًا سَأَلَ عَنِ الْعَزْلِ، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: لَوْ أَنَّ الْمَاءَ الَّذِي يَكُونُ مِنْهُ الْوَلَدُ أَهْرَقْتَهُ عَلَى صَخْرَةٍ لَأَخْرَجَ اللَّهُ مِنْهَا وَلَدًا، أَوْ يُخْرِجُ اللَّهُ مِنْهَا وَلَدًا، لِيَخْلُقَنَّ اللَّهُ نَفْسًا هُوَ خَالِقُهَا» ". وَفِي مُسْلِمٍ عَنْ جَابِرٍ: " «أَنَّ رَجُلًا أَتَى النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ: إِنَّ لِي جَارِيَةً هِيَ خَادِمُنَا وَسَانِيَتُنَا، وَأَنَا أَطُوفُ عَلَيْهَا، وَأَنَا أَكْرَهُ أَنْ تَحْمِلَ، فَقَالَ: اعْزِلْ عَنْهَا إِنْ شِئْتَ فَإِنَّهُ سَيَأْتِيهَا مَا قُدِّرَ لَهَا، فَلَبِثَ الرَّجُلُ ثُمَّ أَتَاهُ فَقَالَ: إِنَّ الْجَارِيَةَ قَدْ حَبِلَتْ، فَقَالَ: قَدْ أَخْبَرْتُكَ أَنَّهُ سَيَأْتِيهَا مَا قُدِّرَ لَهَا ". وَفِي رِوَايَةٍ لَهُ: " فَقَالَ أَنَا عَبْدُ اللَّهِ وَرَسُولُهُ» ". قَالَ أَبُو عُمَرَ فِي حَدِيثِ الْبَابِ: إِنَّهُمُ انْطَلَقُوا عَلَى وَطْءِ مَا وَقَعَ فِي سِهَامِهِمْ مِنَ النِّسَاءِ، وَإِنَّمَا يَكُونُ ذَلِكَ بَعْدَ الِاسْتِبْرَاءِ، بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ الْأَمَةُ كِتَابِيَّةً فَإِنْ كَانَ سَبْيُ بَنِي الْمُصْطَلِقِ كِتَابِيَّاتٍ ; لِأَنَّ مِنَ الْعَرَبِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute