أَبِي سَلَمَةَ) بْنِ عَبْدِ الْأَسَدِ الْمَخْزُومِيَّةِ الصَّحَابِيَّةِ، رَبِيبَتِهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَاتَتْ سَنَةَ ثَلَاثٍ وَسَبْعِينَ (أَنَّهَا أَخْبَرَتْهُ) أَيْ حُمَيْدًا (بِهَذِهِ الْأَحَادِيثِ الثَّلَاثَةِ) الَّتِي بَيَّنَتْهَا لَهُ حَيْثُ (قَالَتْ زَيْنَبُ: دَخَلْتُ عَلَى أُمِّ حَبِيبَةَ) رَمْلَةَ (زَوْجِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ تُوُفِّيَ أَبُوهَا أَبُو سُفْيَانَ) صَخْرُ (بْنُ حَرْبٍ) سَنَةَ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ عِنْدَ الْجُمْهُورِ، وَقِيلَ: سَنَةَ ثَلَاثٍ، وَوَقَعَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ فِي الْجَنَائِزِ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عُيَيْنَةَ: لَمَّا جَاءَ نَعْيُ أَبِي سُفْيَانَ مِنَ الشَّامِ، قَالَ الْحَافِظُ: وَفِيهِ نَظَرٌ ; لِأَنَّهُ مَاتَ بِالْمَدِينَةِ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَهْلِ الْأَخْبَارِ، وَلَمْ أَرَ فِي شَيْءٍ مِنْ طُرُقِ هَذَا الْحَدِيثِ تَقْيِيدَهُ بِذَلِكَ إِلَّا فِي رِوَايَةِ ابْنِ عُيَيْنَةَ هَذِهِ وَأَظُنُّهَا وَهْمًا، وَلِابْنِ أَبِي شَيْبَةَ وَالدَّارِمِيِّ مِنْ طَرِيقِ شُعْبَةَ عَنْ نَافِعٍ: جَاءَ نَعْيٌ لِأَخِي أُمِّ حَبِيبَةَ أَوْ حَمِيمٌ لَهَا فَدَعَتْ بِصُفْرَةٍ فَلَطَّخَتْ بِهِ ذِرَاعَهَا. وَرَوَاهُ أَحْمَدُ بِلَفْظِ: أَنَّ حَمِيمًا لَهَا مَاتَ، بِلَا تَرَدُّدٍ، وَإِطْلَاقُ الْحَمِيمِ عَلَى الْأَخِ الْأَقْرَبِ مِنْ إِطْلَاقِهِ عَلَى الْأَبِ، فَقَوِيَ الظَّنُّ أَنَّ الْقِصَّةَ تَعَدَّدَتْ لِزَيْنَبَ مَعَ أُمِّ حَبِيبَةَ لَمَّا جَاءَهَا نَعْيُ أَخِيهَا مِنَ الشَّامِ سَنَةَ ثَمَانِيَ عَشْرَةَ أَوْ تِسْعَ عَشْرَةَ، ثُمَّ وَفَاةُ أَبِيهَا أَبِي سُفْيَانَ بِالْمَدِينَةِ، لَا مَانِعَ مِنْ ذَلِكَ (فَدَعَتْ أُمُّ حَبِيبَةَ بِطِيبٍ) أَيْ طَلَبَتْ طِيبًا (فِيهِ صُفْرَةٌ خَلُوقٌ) بِوَزْنِ صَبُورٍ، نَوْعٌ مِنَ الطِّيبِ (أَوْ غَيْرُهُ) بِرَفْعِهِمَا وَجَرِّهِمَا رِوَايَتَانِ، اقْتَصَرَ النَّوَوِيُّ عَلَى الْأُولَى (فَدَهَنَتْ بِهِ جَارِيَةً) بِالنَّصْبِ قَالَ الْحَافِظُ: لَمْ أَعْرِفِ اسْمَهَا (ثُمَّ مَسَحَتْ) أُمُّ حَبِيبَةَ (بِعَارِضَيْهَا) أَيْ جَانِبَيْ وَجْهِهَا، وَجَعْلُ الْعَارِضَيْنِ مَاسِحَيْنِ تَجَوُّزٌ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهَا جَعَلَتِ الصُّفْرَةَ فِي يَدَيْهَا وَمَسَحَتْهَا بِعَارِضَيْهَا، وَالْبَاءُ لِلْإِلْصَاقِ أَوْ الِاسْتِعَانَةِ، وَمَسَحَ يَتَعَدَّى بِنَفْسِهِ وَبِالْبَاءِ، تَقُولُ: مَسَحْتُ بِرَأْسِي وَرَأْسِي. وَفِي الْإِكْمَالِ قَالَ ابْنُ دُرَيْدٍ: الْعَارِضَانِ صَفْحَتَا الْعُنُقِ وَمَا بَعْدَ الْأَسْنَانِ، وَفِي كِتَابِ الْعَيْنِ: عَارِضَةُ الْوَجْهِ مَا يَبْدُو مِنْهُ وَمَبْسَمَا الْفَمِ وَالثَّنَايَا، وَالْمُرَادُ هُنَا الْأَوَّلُ. وَفِي الْمُفْهِمِ: الْعَوَارِضُ مَا بَعْدَ الْأَسْنَانِ، أُطْلِقَتْ فِي الْخَدَّيْنِ هُنَا مَجَازًا ; لِأَنَّهُمَا عَلَيْهِمَا فَهُوَ مِنْ مَجَازِ الْمُجَاوَرَةِ أَوْ تَسْمِيَةِ الشَّيْءِ بِمَا كَانَ مِنْ سَبَبِهِ، زَادَ فِي رِوَايَةٍ لَهُمَا: وَذِرَاعَيْهَا (ثُمَّ قَالَتْ: وَاللَّهِ مَا لِي بِالطِّيبِ حَاجَةٌ) وَفِي رِوَايَةٍ بِزِيَادَةِ " مِنْ " (غَيْرَ أَنِّي سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - يَقُولُ: «لَا يَحِلُّ لِامْرَأَةٍ تُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ» ) نَفْيٌ بِمَعْنَى النَّهْيِ عَلَى سَبِيلِ التَّأْكِيدِ (أَنْ تُحِدَّ) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ الْحَاءِ مِنَ الرُّبَاعِي، وَلَمْ يَعْرِفِ الْأَصْمَعِيُّ سِوَاهُ، وَحَكَى غَيْرُهُ فَتْحَ ثَانِيهِ مِنَ الثُّلَاثِي، يُقَالُ: حَدَّتِ الْمَرْأَةُ وَأَحَدَّتْ بِمَعْنًى (عَلَى مَيْتٍ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ) فَلَهَا أَنْ تُحِدَّ عَلَى الْقَرِيبِ ثَلَاثًا فَأَقَلَّ، فَإِنْ مَاتَ فِي بَقِيَّةِ يَوْمٍ أَوْ بَقِيَّةِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute