رَدِيئًا كَمَا يَأْتِي، وَفِي رِوَايَةِ النَّسَائِيِّ: عَمَدَتْ إِلَى شَرِّ بَيْتٍ لَهَا فَجَلَسَتْ فِيهِ (وَلَبِسَتْ شَرَّ ثِيَابِهَا) أَرْدَأَهَا، وَهَذِهِ تَفْسِيرٌ لِلرِّوَايَةِ الْأُخْرَى فِي الصَّحِيحَيْنِ: شَرَّ أَحْلَاسِهَا، بِمُهْمَلَتَيْنِ جَمْعُ حِلْسٍ بِكَسْرٍ فَسُكُونٍ، ثَوْبٌ أَوْ كِسَاءٌ رَقِيقٌ يُجْعَلُ عَلَى ظَهْرِ الدَّابَّةِ تَحْتَ الْبَرْدَعَةِ (وَلَمْ تَمْسَسْ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَسُكُونِ الْمِيمِ، وَفِي رِوَايَةٍ: وَلَمْ تَمَسَّ، بِفَتْحِهِمَا بِالْإِدْغَامِ (طِيبًا وَلَا شَيْئًا) تَتَزَيَّنُ بِهِ (حَتَّى تَمُرَّ بِهَا سَنَةٌ) مِنْ مَوْتِ زَوْجِهَا (ثُمَّ تُؤْتَى) بِضَمِّ أَوَّلِهِ وَفَتْحِ ثَالِثِهِ (بِدَابَّةٍ حِمَارٍ) بِالْجَرِّ وَالتَّنْوِينِ، بَدَلٌ (أَوْ شَاةٍ أَوْ طَيْرٍ) بِأَوْ لِلتَّنْوِيعِ، وَإِطْلَاقُ الدَّابَّةِ عَلَيْهِمَا حَقِيقَةٌ لُغَوِيَّةٌ، قَالَ الْمَجْدُ: الدَّابَّةُ مَا دَبَّ مِنَ الْحَيَوَانِ وَغَلَبَ عَلَى مَا يُرْكَبُ وَيَقَعُ عَلَى الْمُذَكَّرِ (فَتَفْتَضُّ بِهِ) بِفَاءٍ فَفَوْقِيَّةٍ فَفَاءٍ ثَانِيَةٍ سَاكِنَةٍ، فَفَوْقِيَّةٍ أُخْرَى فَضَادٍ مُعْجَمَةٍ ثَقِيلَةٍ (فَقَلَّمَا تَفْتَضُّ بِشَيْءٍ) مِمَّا ذُكِرَ، وَمَا مَصْدَرِيَّةٌ أَيِ: افْتِضَاضُهَا بِشَيْءٍ (إِلَّا مَاتَ، ثُمَّ تَخْرُجُ فَتُعْطَى) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَفَتْحِ الطَّاءِ (بَعْرَةً) مِنْ بَعْرِ الْإِبِلِ أَوِ الْغَنَمِ (فَتَرْمِي بِهَا) أَمَامَهَا فَيَكُونُ ذَلِكَ إِحْلَالًا لَهَا، كَذَا فِي رِوَايَةِ ابْنِ الْمَاجِشُونِ عَنْ مَالِكٍ، وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ وَهْبٍ عَنْهُ: مِنْ وَرَاءِ ظَهْرِهَا ; إِشَارَةً إِلَى أَنَّ مَا فَعَلَتْهُ مِنَ التَّرَبُّصِ وَالصَّبْرِ عَلَى الْبَلَاءِ الَّذِي كَانَتْ فِيهِ هَيِّنٌ بِالنِّسْبَةِ إِلَى فَقْدِ زَوْجِهَا وَمَا يَسْتَحِقُّهُ مِنَ الْمُرَاعَاةِ كَمَا يَهُونُ الرَّامِي بِالْبَعْرَةِ بِهَا (ثُمَّ تُرَاجِعُ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ فِرَاءٍ فَأَلِفٍ فَجِيمٍ مَكْسُورَةٍ فَمُهْمَلَةٍ (بَعْدُ) أَيْ بَعْدَ مَا ذُكِرَ مِنَ الِافْتِضَاضِ وَالرَّمْيِ (مَا شَاءَتْ مِنْ طِيبٍ أَوْ غَيْرِهِ) مِمَّا كَانَتْ مَمْنُوعَةً مِنْهُ فِي الْعِدَّةِ، وَهَذَا التَّفْسِيرُ لَمْ تُسْنِدْهُ زَيْنَبُ، وَسَاقَهُ شُعْبَةُ عَنْ حُمَيْدِ بْنِ نَافِعٍ مَرْفُوعًا، وَلَفْظُهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ عَنْ زَيْنَبَ عَنْ أُمِّهَا: " «أَنَّ امْرَأَةً تُوُفِّيَ زَوْجُهَا فَخَافُوا عَلَى عَيْنَيْهَا فَأَتَوْا رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَاسْتَأْذَنُوهُ فِي الْكُحْلِ، فَقَالَ: لَا، قَدْ كَانَتْ إِحْدَاكُنَّ تَكُونُ فِي شَرِّ بَيْتِهَا فِي أَحْلَاسِهَا أَوْ شَرَسِهَا فَإِذَا كَانَ حَوْلٌ فَمَرَّ كَلْبٌ رَمَتْ بِبَعْرَةٍ فَخَرَجَتْ، أَفَلَا أَرْبَعَةَ أَشْهُرٍ وَعَشْرًا» ". قَالَ الْحَافِظُ: حَدِيثُ الْبَابِ لَا يَقْتَضِي الْإِدْرَاجَ فِي رِوَايَةِ شُعْبَةَ ; لِأَنَّهُ مَنْ أَحْفَظِ النَّاسِ فَلَا يُقْضَى عَلَى رِوَايَتِهِ بِرِوَايَةِ غَيْرِهِ بِالِاحْتِمَالِ اهـ. وَقَدْ يُرَدُّ عَلَيْهِ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ بِالِاحْتِمَالِ، فَقَدْ صَرَّحَ هُوَ فِي شَارِحِ نُخْبَتِهِ تَبَعًا لِغَيْرِهِ بِأَنَّ مِمَّا يُعْرَفُ بِهِ الْإِدْرَاجُ مَجِيءُ رِوَايَةٍ مُبَيِّنَةٍ لِلْقَدْرِ الْمُدَرَجِ وَمَا هُنَا مِنْ ذَلِكَ، فَإِنَّ رِوَايَةَ مَالِكٍ عَنْ شَيْخِهِ عَنْ حُمَيْدٍ بَيَّنَتْ أَنَّ التَّفْسِيرَ مِنْ زَيْنَبَ، وَكَوْنُ شُعْبَةَ مِنَ الْحُفَّاظِ لَا يَقْتَضِي أَنَّهُ لَا يَرْوِي مَا فِيهِ الْمُدَرَجُ، فَلَمْ تَزَلِ الْحُفَّاظُ يَرْوُونَهُ كَثِيرًا كَابْنِ شِهَابٍ وَغَيْرِهِ.
(قَالَ مَالِكٌ: الْحِفْشُ الْبَيْتُ الرَّدِيءُ) وَلِلْقَعْنَبِيِّ عَنْهُ: الصَّغِيرُ جِدًّا، وَهُمَا بِمَعْنَى: فَرَدَاءَتُهُ لِصِغَرِهِ، وَلِابْنِ الْقَاسِمِ عَنْهُ: الْحِفْشُ الْخُصُّ وَهُوَ بِضَمِّ الْمُعْجَمَةِ وَمُهْمَلَةٍ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute