للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لَتُدْرِكُ الْفَارِسَ فَتُعْثِرُهُ عَنْ فَرَسِهِ أَوْ قَالَ عَنْ سَرْجِهِ» " أَيْ يَضْعُفُ فَيَسْقُطُ عَنْهُ. وَقَالَ الشَّاعِرُ:

فَوَارِسُ لَمْ يُغَالُوا فِي رَضَاعٍ ... فَتَنْبُو فِي أَكُفِّهِمُ السُّيُوفُ

وَلَوْ كَانَ مَا قَالَهُ الْأَخْفَشُ حَقًّا لَنَهَى عَنْهُ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - إِرْشَادًا ; لِأَنَّهُ رَؤُوفٌ بِالْمُؤْمِنِينَ اهـ. وَفِي الْأَبِيِّ: احْتَجَّ مَنْ قَالَ إِنَّهَا وَطْءُ الْمُرْضِعِ، بِأَنَّ إِرْضَاعَ الْحَامِلِ مُضِرٌّ وَدَلِيلُهُ الْعِيَانُ، فَلَا يَصِحُّ حَمْلُ الْحَدِيثِ عَلَيْهِ لِأَنَّ الْغِيلَةَ الَّتِي فِيهِ لَا تَضُرُّ وَهَذِهِ تَضُرُّ. وَقَالَ ابْنُ الْقَيِّمِ: وَالْخَبَرُ - يَعْنِي حَدِيثَ الْبَابِ - لَا يُنَافِيهِ خَبَرٌ: " «لَا تَغِيلُوا أَوْلَادَكُمْ سِرًّا» " فَإِنَّ هَذَا كَالْمَشُورَةِ عَلَيْهِمْ وَالْإِرْشَادِ لَهُمْ إِلَى تَرْكِ مَا يُضْعِفُ الْوَلَدَ وَيُغِيلُهُ، فَإِنَّ الْمَرْأَةَ الْمُرْضِعَ إِذَا بَاشَرَهَا الرَّجُلُ حَرَّكَ مِنْهَا دَمَ الطَّمْثِ وَأَهَاجَهُ لِلْخُرُوجِ، فَلَا يَبْقَى اللَّبَنُ عَلَى اعْتِدَالِهِ وَطِيبِهِ، وَرُبَّمَا حَمَلَتِ الْمَوْطُوءَةُ فَيَكُونُ مِنْ أَضَرِّ الْأُمُورِ عَلَى الرَّضِيعِ لِأَنَّ جِهَةَ الدَّمِ حِينَئِذٍ تَنْصَرِفُ فِي تَغْذِيَةٍ فَيَصِيرُ لَبَنُهَا رَدِيئًا فَيَضْعُفُ الرَّضِيعُ، فَهَذَا وَجْهُ الْإِرْشَادِ لَهُمْ إِلَى تَرْكِهِ، وَلَمْ يُحَرِّمْهُ عَلَيْهِمْ وَلَا نَهَى عَنْهُ لِأَنَّهُ لَا يَقَعُ دَائِمًا لِكُلِّ مَوْلُودٍ.

<<  <  ج: ص:  >  >>