وَقَالَ الْبُخَارِيُّ وَابْنُ مَعِينٍ وَأَبُو حَاتِمٍ الرَّازِيُّ وَابْنُ حَبَّانَ: لَا يَصِحُّ لَهُ صُحْبَةٌ، قَالَ ابْنُ حَبَّانَ: مَنْ زَعَمَ أَنَّ لَهُ صُحْبَةً فَقَدْ وَهِمَ، قَالَ ابْنُ مَنْدَهْ: وَحَدِيثُ سَلَمَةَ عَنْهُ كُنَّا عِنْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَهْمٌ، صَوَابُهُ عَنْ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ أَيْ كَمَا رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى مِنْ طَرِيقِ ابْنِ أَبِي فُدَيْكٍ عَنْ سَلَمَةَ عَنْ أَنَسٍ، وَذَكَرَهُ ابْنُ الْبَرْقِيِّ فِيمَنْ رَأَى النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَمْ يَثْبُتْ لَهُ عَنْهُ رِوَايَةٌ، وَابْنُ سَعْدٍ فِيمَنْ أَدْرَكَهُ وَرَآهُ وَلَمْ يَحْفَظْ عَنْهُ شَيْئًا، وَذَكَرَهُ أَيْضًا فِي الطَّبَقَةِ الْأُولَى مِنَ التَّابِعِينَ وَقَالَ: كَانَ قَدِيمًا وَلَكِنَّهُ تَأَخَّرَ إِسْلَامُهُ وَلَمْ يَبْلُغْنَا أَنَّ لَهُ رُؤْيَةً وَلَا رِوَايَةً مَاتَ سَنَةَ اثْنَتَيْنِ وَتِسْعِينَ فِي قَوْلِ الْجُمْهُورِ قِيلَ سَنَةَ إِحْدَى وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ وَتِسْعِينَ (أَنَّهُ الْتَمَسَ صَرْفًا) بِفَتْحِ الصَّادِ وَإِسْكَانِ الرَّاءِ مِنَ الدَّرَاهِمِ، وَفِي رِوَايَةٍ لِلْبُخَارِيِّ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ عِنْدَهُ صَرْفٌ؟ فَقَالَ طَلْحَةُ: أَنَا.
وَلِمُسْلِمٍ: مَنْ يَصْطَرِفُ الدَّرَاهِمَ (بِمِائَةِ دِينَارٍ) ذَهَبًا كَانَتْ مَعَهُ (قَالَ) مَالِكٌ: (فَدَعَانِي طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِ اللَّهِ) بِضَمِّ الْعَيْنِ أَحَدُ الْعَشَرَةِ (فَتَرَاوَضْنَا) بِإِسْكَانِ الضَّادِ الْمُعْجَمَةِ أَيْ تَجَارَيْنَا حَدِيثَ الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ وَسَوْمًا بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ مِنَ الزِّيَادَةِ وَالنُّقْصَانِ لِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ يُرَوِّضُ صَاحِبَهُ، وَقِيلَ: هِيَ الْمُوَاضَعَةُ بِالسِّلْعَةِ بِأَنْ يَصِفَ كُلٌّ مِنْهُمَا سِلْعَتَهُ لِلْآخَرِ (حَتَّى اصْطَرَفَ مِنِّي) مَا كَانَ مَعِي (فَأَخَذَ الذَّهَبَ يُقَلِّبُهَا فِي يَدِهِ) وَالذَّهَبُ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ فَلَا حَاجَةَ إِلَى أَنَّهُ ضَمَّنَ الذَّهَبَ مَعْنَى الْعَدَدِ وَهُوَ الْمِائَةُ فَأَنَّثَهُ لِذَلِكَ (ثُمَّ قَالَ حَتَّى) أَيِ اصْبِرْ إِلَى أَنْ (يَأْتِيَنِي خَازِنِي) لَمْ يُسَمَّ (مِنَ الْغَابَةِ) بِغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ فَأَلِفٍ فَمُوَحَّدَةٍ مَوْضِعٌ قُرْبَ الْمَدِينَةِ بِهِ أَمْوَالٌ لِأَهْلِهَا وَكَانَ لِطَلْحَةَ بِهَا مَالٌ وَنَخْلٌ وَغَيْرُهُ، وَإِنَّمَا قَالَ ذَلِكَ طَلْحَةُ لِظَنِّهِ جَوَازَهُ كَسَائِرِ الْبُيُوعِ وَمَا كَانَ بَلَغَهُ حُكْمُ الْمَسْأَلَةِ، قَالَ الْمَازِرِيُّ: وَأَنَّهُ كَانَ يَرَى جَوَازَ الْمُوَاعَدَةِ فِي الصَّرْفِ كَمَا هُوَ قَوْلٌ عِنْدَنَا أَوْ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهَا وَإِنَّمَا أَخَذَهَا يُقَلِّبُهَا (وَعُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ يَسْمَعُ) ذَلِكَ (فَقَالَ عُمَرُ) لِمَالِكِ بْنِ أَوْسٍ: (وَاللَّهِ لَا تُفَارِقْهُ حَتَّى تَأْخُذَ مِنْهُ) عِوَضَ الذَّهَبِ.
وَفِي رِوَايَةٍ: وَاللَّهِ لَتُعْطِيَنَّهُ وَرِقَهُ، وَهَذَا خِطَابٌ لِطَلْحَةَ، وَفِيهِ تَفَقُّدُ عُمَرَ أَحْوَالَ رَعِيَّتِهِ فِي دِينِهِمْ وَالِاهْتِمَامُ بِهِمْ وَتَأْكِيدُ الْأَمْرِ بِالْيَمِينِ وَأَنَّ الْخَلِيفَةَ أَوِ السُّلْطَانَ إِذَا سَمِعَ أَوْ رَأَى مَا لَا يَجُوزُ وَجَبَ عَلَيْهِ النَّهْيُ عَنْهُ وَالْإِرْشَادُ إِلَى الْحَقِّ.
(ثُمَّ قَالَ) مُسْتَدِلًّا عَلَى الْمَنْعِ بِالسُّنَّةِ لِأَنَّهَا الْحُجَّةُ عَنِ التَّنَازُعِ ( «فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الذَّهَبُ بِالْوَرِقِ» ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِ الرَّاءِ أَيِ الْفِضَّةِ هَكَذَا رَوَاهُ أَكْثَرُ أَصْحَابِ الزُّهْرِيِّ كَمَالِكٍ وَمَعْمَرٍ وَابْنِ عُيَيْنَةَ لَمْ يَقُولُوا الذَّهَبُ بِالذَّهَبِ فِي كُلِّ حَدِيثِ عُمَرَ وَهُمُ الْحُجَّةُ عَلَى مَا خَالَفَهُمْ وَهُوَ الْمُنَاسِبُ لِسِيَاقِ الْقِصَّةِ (رِبًا) فِي جَمِيعِ الْأَحْوَالِ ( «إِلَّا هَاءَ وَهَاءَ» )
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute