للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَضَى بِالْيَمِينِ مَعَ الشَّاهِدِ، وَمُعَارَضَتُهُ بِالرَّأْيِ وَالِاسْتِنْبَاطِ لَا تُعْتَبَرُ.

(وَلَكِنَّ الْمَرْءَ قَدْ يُحِبُّ أَنْ يَعْرِفَ وَجْهَ الصَّوَابِ وَمَوْقِعَ الْحُجَّةِ) فَلِذَا ذَكَرْتُهُ. (فَفِي هَذَا بَيَانُ مَا أَشْكَلَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ) لِلتَّبَرُّكِ، وَقَدْ تَعَسَّفُوا الْجَوَابَ عَنِ الْحَدِيثِ بِأَنَّ الْمُرَادَ قَضَى بِيَمِينِ الْمُنْكِرِ مَعَ الشَّاهِدِ الطَّالِبِ، وَالْمُرَادُ أَنَّ الشَّاهِدَ الْوَاحِدَ لَا يَكْفِي فِي ثُبُوتِ الْحَقِّ، فَتَجِبُ الْيَمِينُ عَلَى الْمُدَّعَى عَلَيْهِ بِحَمْلِهِ عَلَى صُورَةٍ مَخْصُوصَةٍ، وَهِيَ أَنَّ رَجُلًا اشْتَرَى مِنْ آخَرَ عَبْدًا مَثَلًا فَادَّعَى الْمُشْتَرِي أَنَّ بِهِ عَيْبًا وَأَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا فَقَالَ الْبَائِعُ: بِعْتُهُ بِالْبَرَاءَةِ، فَحَلَفَ الْمُشْتَرِي أَنَّهُ مَا اشْتَرَى بِالْبَرَاءَةِ: وَأَبْطَلَهُمَا ابْنُ الْعَرَبِيِّ بِأَنَّهُ جَهْلٌ بِاللُّغَةِ لِأَنَّ الْمَعِيَّةَ تَقْتَضِي أَنْ يَكُونَ مِنْ شَيْئَيْنِ فِي جِهَةٍ وَاحِدَةٍ لَا فِي الْمُتَضَادَّيْنِ، وَالثَّانِي أَيْضًا بِأَنَّهَا صُورَةٌ نَادِرَةٌ لَا يُحْمَلُ عَلَيْهَا الْخَبَرُ. قَالَ الْحَافِظُ: وَفِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَحَادِيثِ مَا يُبْطِلُ هَذَا التَّأْوِيلَ. اهـ. وَأَجَابُوا أَيْضًا بِاحْتِمَالِ أَنَّ الشَّاهِدَ خُزَيْمَةُ بْنُ ثَابِتٍ ; لِأَنَّهُ جَعَلَ شَهَادَتَهُ بِشَهَادَتَيْنِ. وَأَبْطَلَهُ الْبَاجِيُّ بِأَنَّهُ لَوْ كَانَ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ لِلْيَمِينِ وَجْهٌ، قَالَ: وَإِنَّمَا كَانَ ذَلِكَ لِخُزَيْمَةَ خُصُوصًا لِلنَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَلَا تَرَى أَنَّ خُزَيْمَةَ لَمْ يَشْهَدْ بِأَمْرِ شَاهِدِهِ وَإِنَّمَا شَهِدَ بِمَا سَمِعَهُ مِنْهُ لِعِلْمِهِ بِصِدْقِهِ، وَهَذَا بِاتِّفَاقٍ لَا يَتَعَدَّى إِلَى غَيْرِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.

<<  <  ج: ص:  >  >>