للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لِذَلِكَ، قَالَ الْحَافِظُ: وَاسْمُ عَرِيفِ عُمَرَ سِنَانٌ فِيمَا ذَكَرَهُ الشَّيْخُ أَبُو حَامِدٍ الْإِسْفِرَايِينِي (يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّهُ رَجُلٌ صَالِحٌ) لَا يُتَّهَمُ (فَقَالَ عُمَرُ: أَكَذَلِكَ) هُوَ (قَالَ: نَعَمْ، فَقَالَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ: اذْهَبْ فَهُوَ حُرٌّ وَلَكَ وَلَاؤُهُ وَعَلَيْنَا نَفَقَتُهُ) مِنْ بَيْتِ الْمَالِ، بِدَلِيلِ رِوَايَةِ الْبَيْهَقِيِّ: وَنَفَقَتُهُ فِي بَيْتِ الْمَالِ. قَالَ أَبُو عُمَرَ: حُكْمُهُ بِأَنَّهُ حُرٌّ يَقْتَضِي أَنْ لَا وَلَاءَ عَلَيْهِ لِأَحَدٍ ; إِذْ لَا وَلَاءَ عَلَى حُرٍّ لِقَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: " «إِنَّمَا الْوَلَاءُ لِمَنْ أَعْتَقَ» ". فَنَفَى الْوَلَاءَ عَنْ غَيْرِ الْمُعْتِقِ، وَلِذَا (قَالَ مَالِكٌ: الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي الْمَنْبُوذِ أَنَّهُ حُرٌّ وَأَنَّ وَلَاءَهُ لِلْمُسْلِمِينَ هُمْ يَرِثُونَهُ وَيَعْقِلُونَ عَنْهُ) وَقَالَ مُحَمَّدٌ: قَالَ مَالِكٌ: لَوْ عُلِمَ أَنَّ عُمَرَ قَالَهُ مَا خُولِفَ. قَالَ الْبَاجِيُّ: الْحَدِيثُ صَحِيحٌ لَا شَكَّ فِيهِ، وَلَكِنَّ لَفْظَهُ يَحْتَمِلُ التَّأْوِيلَ إِذْ لَعَلَّهُ أَرَادَ أَنْ يَتَوَلَّى تَرْبِيَتَهُ وَالْقِيَامَ بِأَمْرِهِ لِأَنَّ مُلْتَقِطَهُ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ، فَإِنْ نَزَعَهُ مِنْهُ غَيْرُهُ رُدَّ إِلَيْهِ إِنْ كَانَ قَوِيًّا عَلَى مُؤْنَتِهِ، قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَإِنْ كَانَا سَوَاءً أَوْ مُتَقَارِبَيْنِ فَالْأَوَّلُ أَوْلَى، وَإِنْ خِيفَ أَنْ يَضِيعَ عِنْدَ الْأَوَّلِ فَالثَّانِي أَوْلَى، إِلَّا لِطُولِ مُكْثِهِ عِنْدَ الْأَوَّلِ وَلَا ضَرَرَ فَهُوَ أَحَقُّ، قَالَهُ أَشْهَبُ.

وَخَرَّجَ قَاسِمُ بْنُ أَصْبَغَ وَالْبَيْهَقِيُّ حَدِيثَ سُنَيْنٍ بِأَتَمِّ أَلْفَاظٍ مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ، قَالَ: " وَجَدْتُ مَنْبُوذًا عَلَى عَهْدِ عُمَرَ، فَذَكَرَهُ عَرِيفِي لِعُمَرَ، فَأَرْسَلَ إِلَيَّ فَجِئْتُ وَالْعَرِيفُ عِنْدَهُ، فَلَمَّا رَآنِي مُقْبِلًا قَالَ: عَسَى الْغُوَيْرُ أَبْؤُسًا، كَأَنَّهُ اتَّهَمَهُ، فَقَالَ لَهُ عَرِيفُهُ: يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ إِنَّهُ غَيْرُ مُتَّهَمٍ، فَقَالَ عُمَرُ: عَلَامَ أَخَذْتَ هَذِهِ النَّسَمَةَ؟ قُلْتُ: وَجَدْتُ نَفْسًا بِمَضْيَعَةٍ فَخِفْتُ أَنْ يُؤَاخِذَنِي اللَّهُ عَلَيْهَا، فَقَالَ عُمَرُ: هُوَ حُرٌّ وَلَكَ وَلَاؤُهُ وَعَلَيْنَا نَفَقَتُهُ ". قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: " قَوْلُهُ: عَسَى الْغُوَيْرُ أَبْؤُسًا " مَثَلٌ لِلْعَرَبِ إِذَا تَوَقَّعَتْ شَرًّا، قَالَ ابْنُ الْكَلْبِيِّ: الْغُوَيْرُ مَكَانٌ مَعْرُوفٌ فِيهِ مَاءٌ لَبَنِي كَلْبٍ كَانَ فِيهِ نَاسٌ يَقْطَعُونَ الطَّرِيقَ وَكَانَ مَنْ مَرَّ يَتَوَاصَوْنَ بِالْحِرَاسَةِ، وَأَوَّلُ مَنْ تَكَلَّمَ بِهَذَا الْمَثَلِ الزَّبَّاءُ، بِفَتْحِ الزَّايِ وَشَدِّ الْمُوَحَّدَةِ وَالْمَدِّ، إِذْ بَعَثَتْ قَصِيرًا اللَّخْمِيَّ، بِفَتْحِ الْقَافِ وَكَسْرِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ، وَكَانَ يَطْلُبُهَا بِدَمِ جَذِيمَةَ بْنِ الْأَبْرَشِ، فَتَوَاطَأَ هُوَ وَعَمْرُو ابْنُ أُخْتِ جَذِيمَةَ عَلَى أَنْ يَقْطَعَ أَنْفَ قَصِيرٍ، فَأَظْهَرَ أَنَّهُ هَرَبَ مِنْهُ إِلَى الزَّبَّاءِ، فَأَمِنَتْ إِلَيْهِ ثُمَّ أَرْسَلَتْهُ تَاجِرًا فَرَجَعَ إِلَيْهَا بِرِبْحٍ كَثِيرٍ مِرَارًا، ثُمَّ رَجَعَ الْمَرَّةَ الْأَخِيرَةَ وَمَعَهُ الرِّجَالُ فِي الْأَعْدَالِ، فَنَظَرَتْ إِلَى الْجِمَالِ تَمْشِي رُوَيْدًا لِثِقَلِ مَنْ عَلَيْهَا، فَقَالَتْ عَسَى الْغُوَيْرُ أَبْؤُسًا، أَيْ لَعَلَّ الشَّرَّ يَأْتِيكُمْ مِنْ قِبَلِ الْغُوَيْرِ، وَكَانَ قَصِيرٌ أَعْلَمَهَا أَنَّهُ يَسْلُكُ فِي هَذِهِ الْمَرَّةِ طَرِيقَ الْغُوَيْرِ، فَلَمَّا دَخَلَتِ الْأَحْمَالُ قَصْرَهَا خَرَجَ الرِّجَالُ مَنِ الْأَعْدَالِ فَهَلَكَتْ. وَقَالَ الْأَصْمَعِيُّ: الْغُوَيْرُ تَصْغِيرُ

<<  <  ج: ص:  >  >>