غَارٍ دَخَلَهُ قَوْمٌ يَبِيتُونَ فِيهِ فَانْهَارَ عَلَيْهِمْ. وَقِيلَ: وَجَدُوا فِيهِ عَدُوًّا لَهُمْ فَقَتَلَهُمْ فِيهِ، وَالْأَبْؤُسُ الْبَائِسُ. قَالَ أَبُو عَبِيدٍ: وَقَوْلُ الْكَلْبِيِّ أَشْبَهُ بِالصَّوَابِ. اهـ.
وَنُصِبَ أَبْؤُسًا بِتَقْدِيرِ: يَكُونُ أَبْؤُسًا، جَمْعُ بُؤْسٍ وَهُوَ الشِّدَّةُ، وَفِيهِ تَثَبُّتُ عُمَرَ فِي الْأَحْكَامِ، وَأَنَّ الْحَاكِمَ إِذَا تَوَقَّفَ فِي أَمْرِ أَحَدٍ لَمْ يَقْدَحْ ذَلِكَ فِيهِ، وَرُجُوعُ الْحَاكِمِ إِلَى قَوْلِ أَمِينِهِ، وَأَنَّ الثَّنَاءَ عَلَى الرَّجُلِ فِي وَجْهِهِ عِنْدَ الْحَاجَةِ لَا يُكْرَهُ، وَإِنَّمَا يُكْرَهُ الْإِطْنَابُ، وَالِاكْتِفَاءُ بِوَاحِدٍ فِي التَّزْكِيَةِ، وَعَلَيْهِ الْأَكْثَرُ تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَةَ الْحُكْمِ، وَلَا يُشْتَرَطُ فِيهِ الْعَدَدُ. وَالْمُرَجَّحُ عِنْدَ الْمَالِكِيَّةِ وَالشَّافِعِيَّةِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْحَسَنِ اشْتِرَاطُ اثْنَيْنِ كَالشَّهَادَةِ، وَاخْتَارَهُ الطَّحَاوِيُّ ; إِذْ لَيْسَ فِي الْقِصَّةِ أَنَّهُ لَمْ يَشْهَدْ لَهُ إِلَّا عَرِيفُهُ وَحْدُهُ. وَفِي الْمَظَالِمِ مِنَ الْبُخَارِيِّ: أَنَّ عُمَرَ لَمَّا اتَّهَمَ أَبَا جَمِيلَةَ شَهِدَ لَهُ جَمَاعَةٌ بِالسَّتْرِ، وَاسْتَثْنَى كَثِيرٌ مِنْهُمْ بِطَانَةَ الْحَاكِمِ ; لِأَنَّهُ يَنْزِلُ مَنْزِلَةَ الْحَاكِمِ لِأَنَّهُ نَائِبُهُ، وَالْحَاكِمُ لَا يُشْتَرَطُ تَعَدُّدُهُ، وَقِيلَ: لَا يُقْبَلُ أَقَلُّ مِنْ ثَلَاثَةٍ لِحَدِيثِ مُسْلِمٍ فِيمَنْ تَحِلُّ لَهُ الْمَسْأَلَةُ حَتَّى يَقُومَ ثَلَاثَةٌ مِنْ ذَوِي الْحِجَا يَشْهَدُونَ لَهُ، فَإِذَا كَانَ هَذَا فِي حَقِّ الْحَاجَةِ فَغَيْرُهَا أَوْلَى، وَتَابَعَ مَالِكًا يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ الْأَنْصَارِيُّ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ بِهِ عِنْدَ الْبَيْهَقِيِّ وَعَلَّقَهُ الْبُخَارِيُّ فِي الشَّهَادَاتِ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute