للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

عَنْكَ، مَرَّتَيْنِ» ". وَهَذَا لَا يَصِحُّ لِأَنَّهُ لَوْ قُتِلَ يَوْمَئِذٍ كَيْفَ كَانَ يُوصِي أَخَاهُ سَعْدًا؟ وَقَدْ يُقَالُ: لَعَلَّهُ ذَكَرَ ذَلِكَ لَهُ قَبْلَ وُقُوعِ الْحَرْبِ احْتِيَاطًا، وَبِالْجُمْلَةِ فَلَيْسَ فِي شَيْءٍ مِنَ الْآثَارِ مَا يَدُلُّ عَلَى إِسْلَامِهِ، بَلْ فِيهَا مَا يُصَرِّحُ بِمَوْتِهِ عَلَى الْكُفْرِ فَلَا مَعْنًى لِإِيرَادِهِ فِي الصَّحَابَةِ، وَقَدِ اسْتَدَلَّ ابْنُ مَنْدَهْ بِمَا لَا دِلَالَةَ فِيهِ عَلَى إِسْلَامِهِ وَهُوَ قَوْلُهُ: كَانَ عُتْبَةُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ (عَهِدَ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ وَكَسْرِ الْهَاءِ، أَيْ أَوْصَى (إِلَى أَخِيهِ سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ) أَحَدِ الْعَشَرَةِ وَأَوَّلِ مَنْ رَمَى بِسَهْمٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَأَحَدِ مَنْ فَدَاهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَبِيهِ وَأُمِّهِ. رَوَى ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْهُ: مَا حَرَصْتُ عَلَى قَتْلِ رَجُلٍ قَطُّ حِرْصِي عَلَى قَتْلِ أَخِي عُتْبَةَ ; لِمَا صَنَعَ بِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَقَدْ كَفَانِي مِنْهُ قَوْلُهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «اشْتَدَّ غَضَبُ اللَّهِ عَلَى مَنْ دَمَّى وَجْهَ رَسُولِهِ» .

(أَنَّ ابْنَ وَلِيدَةَ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَكَسْرِ اللَّامِ، أَيْ جَارِيَةَ (زَمْعَةَ) بِفَتْحِ الزَّايِ وَسُكُونِ الْمِيمِ وَقَدْ تُفْتَحُ، وَصَوَّبَهُ الْوَقَشِيُّ. وَزَمْعَةُ بْنُ قَيْسٍ الْعَامِرِيُّ وَالِدُ سَوْدَةَ أُمِّ الْمُؤْمِنِينَ وَلَمْ تُسَمَّ الْوَلِيدَةُ، نَعَمْ، ذَكَرَ مُصْعَبٌ الزُّبَيْرِيُّ وَابْنُ أَخِيهِ الزُّبَيْرُ بْنُ بَكَّارٍ فِي نَسَبِ قُرَيْشٍ أَنَّهَا كَانَتْ أَمَةً يَمَانِيَّةً وَأَمَّا ابْنُهَا فَصَحَابِيٌّ صَغِيرٌ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: لَمْ يَخْتَلِفِ النَّسَّابُونَ أَنَّ اسْمَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ. قَالَ فِي الْإِصَابَةِ: وَخَلَطَ ابْنُ مَنْدَهْ وَتَبِعَهُ أَبُو نُعَيْمٍ فِي نَسَبِهِ فَجَعَلَاهُ مِنْ بَنِي أَسَدِ بْنِ عَبْدِ الْعُزَّى، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَوَهِمَ ابْنُ قَانِعٍ فَجَعَلَهُ الْمُخَاصِمَ لِسَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ وَكَأَنَّهُ انْقَلَبَ عَلَيْهِ فَإِنَّهُ الْمُخَاصَمُ فِيهِ لَا الْمُخَاصِمُ فَإِنَّهُ عَبْدٌ بِغَيْرِ إِضَافَةٍ بِلَا نِزَاعٍ (مِنِّي) أَيِ ابْنِي (فَاقْبِضْهُ) بِهَمْزَةِ وَصْلٍ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ (إِلَيْكَ) وَأَصْلُ هَذِهِ الْقِصَّةِ أَنَّهُ كَانَتْ لَهُمْ فِي الْجَاهِلِيَّةِ إِمَاءٌ يَزْنِينَ وَكَانَتْ سَادَاتُهُنَّ تَأْتِيهِنَّ فِي خِلَالِ ذَلِكَ، فَإِذَا أَتَتْ إِحْدَاهُنَّ بِوَلَدٍ فَرُبَّمَا يَدَّعِيهِ السَّيِّدُ وَرُبَّمَا يَدَّعِيهِ الزَّانِي، فَإِنْ مَاتَ السَّيِّدُ وَلَمْ يَكُنِ ادَّعَاهُ وَلَا أَنْكَرَهُ فَادَّعَاهُ وَرَثَتُهُ لَحِقَ بِهِ إِلَّا أَنَّهُ لَا يُشَارِكُ مُسْتَلْحِقَهُ فِي مِيرَاثِهِ إِلَّا أَنْ يَسْتَلْحِقَهُ قَبْلَ الْقِسْمَةِ، وَإِنْ كَانَ أَنْكَرَهُ السَّيِّدُ لَمْ يَلْحَقْ بِهِ، وَكَانَ لِزَمْعَةَ بْنِ قَيْسٍ أَمَةٌ عَلَى مَا وُصِفَ وَعَلَيْهَا ضَرِيبَةٌ وَهُوَ يُلِمُّ بِهَا فَظَهَرَ بِهَا حَمْلٌ كَانَ يَظُنُّ أَنَّهُ مِنْ عُتْبَةَ أَخِي سَعْدٍ، فَعَهِدَ عُتْبَةُ إِلَى أَخِيهِ سَعْدٍ قَبْلَ مَوْتِهِ أَنْ يَسْتَلْحِقَ الْحَمْلَ الَّذِي بِأَمَةِ زَمْعَةَ. (قَالَتْ) عَائِشَةُ (فَلَمَّا كَانَ عَامُ الْفَتْحِ) لِمَكَّةَ، بِرَفْعِ عَامٍ، اسْمُ كَانَ، وَفِي رِوَايَةٍ بِنَصْبِهِ بِتَقْدِيرِ فِي (أَخَذَهُ سَعْدٌ وَقَالَ) هُوَ (ابْنُ أَخِي) عُتْبَةَ، وَفِي رِوَايَةِ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ: فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ رَأَى سَعْدٌ الْغُلَامَ فَعَرَفَهُ بِالشَّبَهِ فَاحْتَضَنَهُ إِلَيْهِ وَقَالَ: ابْنُ أَخِي وَرَبِّ الْكَعْبَةِ (قَدْ كَانَ عَهِدَ) أَوْصَى (إِلَيَّ فِيهِ) فَاحْتَجَّ بِاسْتِلْحَاقِ عُتْبَةَ عَلَى عَادَةِ الْجَاهِلِيَّةِ (فَقَامَ إِلَيْهِ عَبْدُ) بِلَا إِضَافَةٍ (ابْنُ زَمْعَةَ) بْنِ قَيْسٍ الْقُرَشِيِّ الْعَامِرِيِّ، أَسْلَمَ يَوْمَ الْفَتْحِ، رَوَى ابْنُ أَبِي عَاصِمٍ بِسَنَدٍ حَسَنٍ عَنْ عَائِشَةَ: " «تَزَوَّجَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ سَوْدَةَ بِنْتَ زَمْعَةَ، فَجَاءَ أَخُوهَا عَبْدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>