للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

فَسَأَلَهُ عَمَّا يَلْتَقِطُهُ، زَادَ مُسْلِمٌ مِنْ طَرِيقِ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ يَزِيدَ: الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ، وَهُوَ كَالْمِثَالِ وَإِلَّا فَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ الْجَوْهَرِ وَاللُّؤْلُؤِ وَغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يُسْتَمْتَعُ بِهِ غَيْرَ الْحَيَوَانِ فِي تَسْمِيَتِهِ لُقَطَةً، وَإِعْطَائِهِ حُكْمَهَا وَهُوَ: (فَقَالَ: اعْرِفْ عِفَاصَهَا) بِكَسْرِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ فَفَاءٍ خَفِيفَةٍ فَأَلِفٍ فَصَادٍ مُهْمَلَةٍ، أَيْ وِعَائِهَا الَّذِي يَكُونُ فِيهِ النَّفَقَةُ جِلْدًا كَانَ أَوْ غَيْرَهَا، مِنَ الْعَفْصِ وَهُوَ الْمُثَنَّى، أَيْ لِأَنَّ الْوِعَاءَ يُثَنَّى عَلَى مَا فِيهِ (وَوِكَاءَهَا) بِكَسْرِ الْوَاوِ الثَّانِيَةِ وَبِالْهَمْزَةِ مَمْدُودُ الْخَيْطِ الَّذِي يُشَدُّ بِهِ الصُّرَّةُ وَالْكِيسُ وَنَحْوُهُمَا، زَادَ مُسْلِمٌ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ زَيْدٍ: وَعَدَدُهَا، وَكَذَا فِي حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ: لِيُعْرَفَ صِدْقُ مُدَّعِيهَا عِنْدَ طَلَبِهَا، وَفِي وُجُوبِ هَذِهِ الْمَعْرِفَةِ وَنَدْبِهَا قَوْلَانِ أَظْهَرُهُمَا الْأَمْرُ، وَقِيلَ: يَجِبُ عِنْدَ الِالْتِقَاطِ وَيُسْتَحَبُّ بَعْدَهُ، فَعَلَى الْوُجُوبِ إِذَا عَرَّفَ بَعْضَ الصِّفَاتِ دُونَ بَعْضٍ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا بُدَّ مِنْ ذِكْرِ جَمِيعِهَا، وَكَذَا قَالَ أَصْبَغُ لَكِنْ قَالَ: لَا يُشْتَرَطُ مَعْرِفَةُ الْعَدَدِ، قِيلَ: وَقَوْلُ ابْنُ الْقَاسِمِ أَقْوَى لِثُبُوتِ ذِكْرِ الْعَدَدِ فِي الرِّوَايَةِ الْأُخْرَى، وَزِيَادَةُ الْحَافِظِ حُجَّةٌ. (ثُمَّ عَرِّفْهَا) بِكَسْرِ الرَّاءِ الثَّقِيلَةِ، أَيِ اذْكُرْهَا لِلنَّاسِ (سَنَةً) بِمَظَانِّ طَلَبِهَا كَأَبْوَابِ الْمَسَاجِدِ وَالْأَسْوَاقِ وَنَحْوِهِمَا، يَقُولُ: مَنْ ضَاعَتْ لَهُ نَفَقَةٌ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنَ الْعِبَارَاتِ، وَلَا يَذْكُرُ شَيْئًا مِنَ الصِّفَاتِ، قَالَ الْعُلَمَاءُ: يُعَرِّفُهَا فِي كُلِّ يَوْمٍ مَرَّتَيْنِ ثُمَّ مَرَّةً ثُمَّ فِي كُلِّ أُسْبُوعٍ ثُمَّ فِي كُلِّ شَهْرٍ، وَلَا يُشْتَرَطُ أَنْ يُعَرِّفَهَا بِنَفْسِهِ بَلْ يَجُوزُ تَوْكِيلُهُ. قَالَ الْحَافِظُ: هَكَذَا رَوَى مَالِكٌ، وَالْأَكْثَرُ عَنْ رَبِيعَةَ أَنَّ التَّعْرِيفَ بَعْدَ مَعْرِفَةِ مَا ذُكِرَ مِنَ الْعَلَامَاتِ. وَفِي رِوَايَةِ سُفْيَانَ عَنْ رَبِيعَةَ: عَرِّفْهَا سَنَةً ثُمَّ اعْرِفْ عِفَاصَهَا وَوِكَاءَهَا. فَجَعَلَ التَّعْرِيفَ يَسْبِقُ الْمَعْرِفَةَ، وَوَافَقَهُ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ يَزِيدَ مَوْلَى الْمُنْبَعِثِ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي دَاوُدَ، وَجَمَعَ النَّوَوِيُّ بِأَنْ يَكُونَ مَأْمُورًا بِالْمَعْرِفَةِ فِي حَالَتَيْنِ فَيُعَرِّفُ الْعَلَامَاتِ أَوَّلَ مَا يَلْتَقِطُ حَتَّى يَعْلَمَ صِدْقَ وَاصِفِهَا إِذَا وَصَفَهَا، ثُمَّ بَعْدَ تَعْرِيفِهَا سَنَةً إِذَا أَرَادَ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا فَيُعَرِّفُهَا مَرَّةً أُخْرَى تَعَرُّفًا وَافِيًا مُحَقَّقًا لِيُعْلَمَ قَدْرُهَا وَصِفَتُهَا فَيَرُدَّهَا إِلَى صَاحِبِهَا. قُلْتُ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ " ثُمَّ " فِي الرِّوَايَتَيْنِ بِمَعْنَى الْوَاوِ فَلَا تَقْتَضِي تَرْتِيبًا وَلَا تَقْتَضِي تَخَالُفًا يَحْتَاجُ إِلَى الْجَمْعِ، وَيُقَوِّيهِ أَنَّ الْمَخْرَجَ وَاحِدٌ وَالْقِصَّةَ وَاحِدَةٌ، وَإِنَّمَا يَحْسُنُ مَا تَقَدَّمَ لَوِ اخْتَلَفَ الْمَخْرَجُ فَيُحْمَلُ عَلَى تَعَدُّدِ الْقِصَّةِ، وَلَيْسَ الْغَرَضُ إِلَّا أَنْ يَقَعَ التَّعَرُّفُ وَالتَّعْرِيفُ مَعَ قَطْعِ النَّظَرِ عَنْ أَيِّهِمَا أَسْبَقُ، ثُمَّ أَنَّهُ لَمْ يُخْتَلَفْ فِي حَدِيثِ زَيْدٍ أَنَّ التَّعْرِيفَ سَنَةٌ وَاحِدَةٌ. وَفِي حَدِيثِ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ فِي الصَّحِيحَيْنِ: " «وَجَدْتُ صُرَّةً فِيهَا مِائَةُ دِينَارٍ فَأَتَيْتُ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ: عَرِّفْهَا حَوْلًا فَعَرَّفْتُهَا حَوْلًا ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَقَالَ: عَرِّفْهَا حَوْلًا فَعَرَّفْتُهَا حَوْلًا، ثُمَّ أَتَيْتُهُ فَقَالَ: عَرِّفْهَا حَوْلًا فَعَرَّفْتُهَا حَوْلًا، ثُمَّ أَتَيْتُهُ الرَّابِعَةَ فَقَالَ: اعْرِفْ عَدَدَهَا وَوِكَاءَهَا وَوِعَاءَهَا فَإِنْ جَاءَ صَاحِبُهَا وَإِلَّا اسْتَمْتِعْ بِهَا» ". وَجُمِعَ بَيْنَهُمَا بِحَمْلِ حَدِيثِ أُبَيٍّ عَلَى مَزِيدِ التَّوَرُّعِ عَنِ التَّعَرُّفِ فِي اللُّقَطَةِ وَالْمُبَالَغَةِ فِي

<<  <  ج: ص:  >  >>