للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

وَقِيلَ: مَعْنَاهُ لَا يَرِثُنِي مِنْ أَصْحَابِ الْفُرُوضِ أَوْ خَصَّهَا بِذِكْرٍ عَلَى تَقْدِيرِ: لَا يَرِثُنِي مِمَّنْ أَخَافُ عَلَيْهِ الضَّيَاعَ وَالْعَجْزَ إِلَّا ابْنَةٌ، أَوْ ظَنَّ أَنَّهَا تَرِثُ جَمِيعَ الْمَالِ أَوِ اسْتَكْثَرَ لَهَا التَّرِكَةَ. قَالَ الْحَافِظُ: وَهَذِهِ الْبِنْتُ زَعَمَ بَعْضُ مَنْ أَدْرَكْنَاهُ أَنَّ اسْمَهَا عَائِشَةُ، فَإِنْ كَانَ مَحْفُوظًا فَهِيَ غَيْرُ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ الَّتِي رَوَتْ هَذَا الْحَدِيثَ عِنْدَ الْبُخَارِيِّ فِي الْوَصَايَا وَالطِّبِّ، وَهِيَ تَابِعِيَّةٌ عَمَّرَتْ حَتَّى أَدْرَكَهَا مَالِكٌ وَرَوَى عَنْهَا، وَمَاتَتْ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ وَمِائَةٍ، لَكِنْ لَمْ يَذْكُرْ أَحَدٌ مِنَ النَّسَّابِينَ لِسَعْدٍ ابْنَةً تُسَمَّى عَائِشَةَ غَيْرَ هَذِهِ، وَذَكَرُوا أَنَّ أَكْبَرَ بَنَاتِهِ أُمُّ الْحَكَمِ الْكُبْرَى وَأُمُّهَا بِنْتُ شِهَابِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْحَارِثِ بْنِ زُهْرَةَ، وَذَكَرُوا لَهُ بَنَاتٍ أُخْرَى أُمَّهَاتُهُنَّ مُتَأَخِّرَاتُ الْإِسْلَامِ بَعْدَ الْوَفَاةِ النَّبَوِيَّةِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ الْبِنْتَ هِيَ أُمُّ الْحَكَمِ الْمَذْكُورَةُ لِتَقَدُّمِ تَزْوِيجِ سَعْدٍ بِأُمِّهَا وَلَمْ أَرَ مَنْ جَوَّزَ ذَلِكَ. وَقَالَ فِي مُقَدِّمَةِ الْفَتْحِ: وَهَمَ مَنْ قَالَ عَائِشَةَ لِأَنَّهَا أَصْغَرُ أَوْلَادِهِ. ( «أَفَأَتَصَدَّقُ بِثُلُثَيْ مَالِي» ؟) بِالتَّثْنِيَةِ وَالِاسْتِفْهَامُ لِلِاسْتِخْبَارِ، هَكَذَا رَوَاهُ الزُّهْرِيُّ، وَمِثْلُهُ فِي رِوَايَةِ عَائِشَةَ بِنْتِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهَا فِي الصَّحِيحِ، وَفِيهِ مِنْ رِوَايَةِ سَعْدِ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ: " «قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ أُوصِي بِمَالِي كُلِّهِ» ؟ " وَجَمَعَ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ سَأَلَ أَوَّلًا عَنِ الْكُلِّ ثُمَّ عَنِ الثُّلُثَيْنِ ثُمَّ عَنِ النِّصْفِ ثُمَّ عَنِ الثُّلُثِ، وَذَلِكَ مَجْمُوعٌ فِي رِوَايَةِ جَرِيرِ بْنِ يَزِيدَ عَنْ أَحْمَدَ وَبِكِيرِ بْنِ مِسْمَارٍ عَنِ النَّسَائِيِّ، كِلَاهُمَا عَنْ عَامِرِ بْنِ سَعْدٍ، وَكَذَا لَهُمَا مِنْ طَرِيقِ مُحَمَّدِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ أَبِيهِ، وَمِنْ طَرِيقِ هِشَامِ بْنِ عُرْوَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ سَعْدٍ، وَالْمُرَادُ بِالتَّصَدُّقِ الْوَصِيَّةُ، وَإِنِ احْتَمَلَ التَّنْجِيزَ لِأَنَّ الْمَخْرَجَ مُتَّحِدٌ فَيُحْمَلُ عَلَى التَّعْلِيقِ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الرِّوَايَتَيْنِ. (قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: لَا، قَالَ) سَعْدٌ (فَقُلْتُ: فَالشَّطْرِ) بِالْخَفْضِ عَطْفًا عَلَى " ثُلُثَيْ مَالِي "، أَيْ: فَأَتَصَدَّقُ بِالنِّصْفِ؟ وَقَيَّدَهُ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي الْفَائِقِ بِالنَّصْبِ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ، أَيْ: أُسَمِّي أَوْ أُعَيِّنُ الشَّطْرَ، وَرَجَّحَ السُّهَيْلِيُّ فِي أَمَالِيهِ الْجَرَّ، قَالَ: لِأَنَّ النِّصْفَ بِإِضْمَارِ أَفْعَلُ وَالْخَفْضُ مَرْدُودٌ، أَيْ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ " ثُلُثَيْ مَالِي " وَرُوِيَ بِالرَّفْعِ مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ تَقْدِيرُهُ " أَتَصْدَّقُ بِهِ ".

(قَالَ: لَا) وَفِي الصَّحِيحِ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ عَنْ عَامِرٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: النِّصْفُ كَثِيرٌ، قُلْتُ: فَالثُّلُثُ. (ثُمَّ قَالَ) بَعْدَ أَنْ سَأَلَ عَنِ الثُّلُثِ (رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الثُّلُثَ) بِالنَّصْبِ عَلَى الْإِغْرَاءِ، أَوْ بِفِعْلٍ مُضْمَرٍ نَحْوَ: عَيِّنِ الثُّلُثَ، وَبِالرَّفْعِ خَبَرُ مُبْتَدَأٍ مَحْذُوفٍ، أَيْ: مَشْرُوعٌ الثُّلُثُ، أَوْ مُبْتَدَأٌ مَحْذُوفُ الْخَبَرِ، أَيِ: الثُّلُثُ كَافٍ، أَوْ فَاعِلُ فِعْلٍ مُقَدَّرٍ، أَيْ: يَكْفِيكَ الثُّلُثُ. (وَالثُّلُثُ كَثِيرٌ) بِمُثَلَّثَةٍ، أَيْ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَا دُونَهُ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ مَسُوقٌ بِالنِّسْبَةِ لِبَيَانِ الْجَوَازِ بِالثُّلُثِ، وَأَنَّ الْأَوْلَى أَنْ يَنْقُصَ عَنْهُ وَهُوَ مَا يَبْتَدِرُهُ الْفَهْمُ، وَيَحْتَمِلُ أَنَّهُ لِبَيَانِ أَنَّ التَّصَدُّقَ بِالثُّلُثِ هُوَ الْأَكْمَلُ، أَيْ كَثِيرٌ أَجْرُهُ وَأَنَّ مَعْنَاهُ كَثِيرٌ غَيْرُ قَلِيلٍ،

<<  <  ج: ص:  >  >>