للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

أَنَّ الْعَبْدَ وَكَسْبَهُ مِلْكٌ لِلسَّيِّدِ دَلَّ عَلَى أَنَّ الْأَمْرَ بِكِتَابَتِهِ غَيْرُ وَاجِبٍ لِأَنَّ قَوْلَهُ: خُذْ كَسْبِي وَأَعْتِقْنِي، بِمَنْزِلَةِ أَعْتِقْنِي بِلَا شَيْءٍ وَذَلِكَ لَا يَجِبُ اتِّفَاقًا. (قَالَ مَالِكٌ: وَسَمِعْتُ بَعْضَ أَهْلِ الْعِلْمِ يَقُولُ فِي قَوْلِ اللَّهِ تَبَارَكَ وَتَعَالَى: {وَآتُوهُمْ مِنْ مَالِ اللَّهِ الَّذِي آتَاكُمْ} [النور: ٣٣] أَمْرٌ لِلْمَوَالِي أَنْ يَبْذُلُوا لَهُمْ شَيْئًا مِنْ أَمْوَالِهِمْ لِلْوُجُوبِ عِنْدَ الْأَكْثَرِ وَالنَّدْبِ عِنْدَ مَالِكٍ وَجَمَاعَةٍ؛ لِأَنَّهُ فِي مَعْنَى وَصَدَقَةُ التَّطَوُّعِ الْإِعَانَةُ عَلَى الْعِتْقِ وَكُلٌّ مِنْهُمَا لَا يَجِبُ، وَفِي مَعْنَى الْإِيتَاءِ حَطُّ جُزْءٍ مِنْ مَالِ الْكِتَابَةِ كَمَا قَالَ (إِنَّ ذَاكَ أَنْ يَكْتُبَ الرَّجُلُ غُلَامَهُ ثُمَّ يَضَعَ) يَحُطَّ (عَنْهُ مِنْ آخِرِ كِتَابَتِهِ شَيْئًا مُسَمًّى) وَهُوَ الْجُزْءُ الْأَخِيرُ؛ لِأَنَّ بِهِ يَخْرُجُ حُرًّا فَتَظْهَرُ ثَمَرَتُهُ. (قَالَ: فَهَذَا الَّذِي سَمِعْتُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ) أَيْ بَعْضِهِمْ كَمَا عَبَّرَ بِهِ أَوَّلًا (وَأَدْرَكْتُ عَمَلَ النَّاسِ عَلَى ذَلِكَ عِنْدَنَا وَقَدْ بَلَغَنِي) لَعَلَّهُ مِنْ نَافِعٍ أَوِ ابْنِ دِينَارٍ (أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ عُمَرَ كَاتَبَ غُلَامًا لَهُ عَلَى خَمْسَةٍ وَثَلَاثِينَ أَلْفَ دِرْهَمٍ) فِضَّةٍ (ثُمَّ وَضَعَ عَنْهُ مِنْ آخِرِ كِتَابَتِهِ خَمْسَةَ آلَافِ دِرْهَمٍ) فَخَرَجَ حُرًّا (وَالْأَمْرُ عِنْدَنَا أَنَّ الْمُكَاتَبَ إِذَا كَاتَبَهُ سَيِّدُهُ تَبِعَهُ مَالُهُ) لِأَنَّهَا فِي مَعْنَى الْعِتْقِ وَهُوَ يَتْبَعُهُ إِذَا أَعْتَقَهُ وَلَمْ يَسْتَثْنِهِ (وَلَمْ يَتْبَعْهُ وَلَدُهُ) لِأَنَّهُمْ ذَوَاتٌ أُخَرُ (إِلَّا أَنْ يَشْتَرِطَهُمْ فِي كِتَابَتِهِ) فَيَدْخُلُونَ؛ لِأَنَّهُ بِالشَّرْطِ كَأَنَّ الْكِتَابَةَ وَقَعَتْ عَلَى الْجَمِيعِ.

(مَالِكٌ: فِي الْمُكَاتَبِ يُكَاتِبُهُ سَيِّدُهُ وَلَهُ جَارِيَةٌ بِهَا حَبَلٌ) بِفَتْحِ الْحَاءِ وَالْمُوَحَّدَةِ، أَيْ حَمْلٌ (مِنْهُ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ هُوَ وَلَا سَيِّدُهُ يَوْمَ كِتَابَتِهِ، فَإِنَّهُ لَا يَتْبَعُهُ ذَلِكَ الْوَلَدُ

<<  <  ج: ص:  >  >>