حَدَّثَنِي مَالِك عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ «أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ جَاءَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ فَقَالَ لَهُ إِنَّ الْأَخِرَ زَنَى فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ هَلْ ذَكَرْتَ هَذَا لِأَحَدٍ غَيْرِي فَقَالَ لَا فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ فَتُبْ إِلَى اللَّهِ وَاسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ فَإِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ فَلَمْ تُقْرِرْهُ نَفْسُهُ حَتَّى أَتَى عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ فَقَالَ لَهُ مِثْلَ مَا قَالَ لِأَبِي بَكْرٍ فَقَالَ لَهُ عُمَرُ مِثْلَ مَا قَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ فَلَمْ تُقْرِرْهُ نَفْسُهُ حَتَّى جَاءَ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالَ لَهُ إِنَّ الْأَخِرَ زَنَى فَقَالَ سَعِيدٌ فَأَعْرَضَ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ كُلُّ ذَلِكَ يُعْرِضُ عَنْهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى إِذَا أَكْثَرَ عَلَيْهِ بَعَثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِلَى أَهْلِهِ فَقَالَ أَيَشْتَكِي أَمْ بِهِ جِنَّةٌ فَقَالُوا يَا رَسُولَ اللَّهِ وَاللَّهِ إِنَّهُ لَصَحِيحٌ فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَبِكْرٌ أَمْ ثَيِّبٌ فَقَالُوا بَلْ ثَيِّبٌ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَأَمَرَ بِهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَرُجِمَ»
ــ
١٥٥٢ - ١٤٩٢ - (مَالِكٌ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ) الْأَنْصَارِيِّ (عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ) مُرْسَلٌ بِاتِّفَاقِ الرُّوَاةِ عَنْ مَالِكٍ، وَتَابَعَهُ طَائِفَةٌ عَلَى إِرْسَالِهِ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، وَرَوَاهُ الزُّهْرِيُّ فَاخْتُلِفَ عَلَيْهِ فِيهِ، فَرَوَاهُ يُونُسُ عَنْهُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ عَنْ جَابِرٍ، وَشُعَيْبٌ، وَعَقِيلٌ عَنْهُ عَنْ أَبِي سَلَمَةَ، وَابْنُ الْمُسَيَّبِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ. وَرَوَاهُ مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ مُرْسَلًا كَمَا يَأْتِي قَرِيبًا، قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَهُوَ مَوْصُولٌ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا مِنْ طُرُقٍ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ، وَأَبِي سَلَمَةَ، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ (أَنَّ رَجُلًا مِنْ أَسْلَمَ) هُوَ مَاعِزُ بْنُ مَالِكٍ، كَمَا صُرِّحَ بِهِ فِي كَثِيرٍ مِنْ طُرُقِ الْحَدِيثِ وَاتَّفَقَ عَلَيْهِ الْحُفَّاظُ (جَاءَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ) عَبْدُ اللَّهِ بْنُ عُثْمَانَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (فَقَالَ: إِنَّ الْأَخِرَ زَنَى) قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: الرِّوَايَةُ بِكَسْرِ الْخَاءِ وَهُوَ الصَّوَابُ، وَمَعْنَاهُ الرَّذْلُ الدَّنِيُّ زَنَى، كَأَنَّهُ يَدْعُو عَلَى نَفْسِهِ وَيَعِيبُهَا بِمَا نَزَلَ بِهِ مِنْ مُوَاقَعَةِ الزِّنَى، قَالَ أَبُو عُبَيْدٍ: وَمِنْ هَذَا قَوْلُهُمْ: السُّؤَالُ أَخِرُ كَسْبِ الرَّجُلِ، أَيْ أَرْذَلُ كَسْبِ الرَّجُلِ. وَقَالَ الْأَخْفَشُ: كَنَّى عَنْ نَفْسِهِ بِكَسْرِ الْخَاءِ وَهَذَا إِنَّمَا يَكُونُ لِمَنْ حَدَثَ مِنْ نَفْسِهِ بِقَبِيحِ فِكْرِهِ أَنْ يَنْسُبَ ذَلِكَ إِلَى نَفْسِهِ، انْتَهَى. وَقَالَ النَّوَوِيُّ: الْأَخِرُ بِهَمْزَةٍ مَقْصُورَةٍ وَخَاءٍ مَكْسُورَةٍ وَمَعْنَاهُ الْأَرْذَلُ وَالْأَبْعَدُ وَالْأَدْنَى، وَقِيلَ اللَّئِيمُ، وَقِيلَ الشَّقِيُّ، وَكُلُّهُ مُتَقَارِبٌ، وَمُرَادُهُ نَفْسُهُ فَحَقَّرَهَا وَعَابَهَا بِمَا فَعَلَ (فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ: هَلْ ذَكَرْتَ هَذَا لِأَحَدٍ غَيْرِي؟) وَفِي رِوَايَةٍ: لِأَحَدٍ قَبْلِي (فَقَالَ: لَا، فَقَالَ لَهُ أَبُو بَكْرٍ:) لِمَا جُبِلَ عَلَيْهِ مِنَ الرَّأْفَةِ بِالْأُمَّةِ، وَفِي الْحَدِيثِ: " «أَرْأَفُ أُمَّتِي بِأُمَّتِي أَبُو بَكْرٍ» ". (فَتُبْ إِلَى اللَّهِ) بِالنَّدَمِ عَلَى مَا فَعَلْتَ وَالْعَزْمِ عَلَى عَدَمِ الْعَوْدِ وَالِاسْتِغْفَارِ (وَاسْتَتِرْ بِسِتْرِ اللَّهِ) الَّذِي أَسْبَلَهُ عَلَيْكَ إِذْ لَوْ شَاءَ لَأَظْهَرَهُ لِلنَّاسِ وَفَضَحَكَ فَلَا تُظْهِرْ أَنْتَ مَا سَتَرَهُ عَلَيْكَ. (فَإِنَّ اللَّهَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ) أَيْ مِنْهُمْ (فَلَمْ تُقْرِرْهُ) بِضَمِّ الْفَوْقِيَّةِ وَإِسْكَانِ الْقَافِ وَكَسْرِ الرَّاءِ الْأُولَى، أَيْ لَمْ تُمَكِّنْهُ (نَفْسُهُ) مِنَ الثُّبُوتِ عَلَى مَا قَالَ أَبُو بَكْرٍ لِمَا عَلِمَ مِنْ رَأْفَتِهِ وَشَفَقَتِهِ، وَمَاعِزٌ رَضِيَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute