يَحْيَى وَابْنُ الْقَاسِمِ وَهُوَ الصَّوَابُ، وَلِلْقَعْنَبِيِّ: فَأَخْبَرُونِي أَيْ بِالْجَمْعِ، وَفِي رِوَايَةِ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ: فَسَأَلْتُ مَنْ لَا يَعْلَمُ فَأَخْبَرَنِي (أَنَّ عَلَى ابْنِي الرَّجْمَ فَافْتَدَيْتُ مِنْهُ بِمِائَةِ شَاةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِافْتَدَيْتُ، وَمِنْ لِلْبَدَلِ نَحْوُ أَرَضِيتُمْ بِالْحَيَاةِ الدُّنْيَا مِنَ الْآخِرَةِ، أَيِ افْتَدَيْتُ بِمِائَةِ شَاةٍ بَدَلَ الرَّجْمِ (وَبِجَارِيَةٍ لِي) وَفِي رِوَايَةٍ وَجَارِيَةٍ بِلَا مُوَحَّدَةٍ (ثُمَّ إِنِّي سَأَلْتُ أَهْلَ الْعِلْمِ) قَالَ الْحَافِظُ: لَمْ أَقِفْ عَلَى أَسْمَائِهِمْ، وَلَا عَلَى عَدَدِهِمْ ( «فَأَخْبَرُونِي أَنَّ مَا عَلَى ابْنِي جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ» ) بِالْإِضَافَةِ فِيهِمَا لِأَنَّهُ بِكْرٌ ( «وَأَخْبَرُونِي أَنَّمَا الرَّجْمُ عَلَى امْرَأَتِهِ» ) لِأَنَّهَا مُحْصَنَةٌ (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ أَمَا) بِالتَّخْفِيفِ (وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ) أَقْسَمَ تَأْكِيدًا (لَأَقْضِيَنَّ بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ) أَيِ الْقُرْآنِ عَلَى ظَاهِرِهِ، الْمَنْسُوخِ لَفْظُهُ الثَّابِتِ حُكْمُهُ، وَيَدُلُّ لَهُ قَوْلُ عُمَرَ الْآتِي: الشَّيْخُ وَالشَّيْخَةُ فَارْجُمُوهُمَا الْبَتَّةَ فَإِنَّا قَدْ قَرَأْنَاهَا، وَقَدْ أَجْمَعُوا عَلَى أَنَّ مِنَ الْقُرْآنِ مَا نُسِخَ حُكْمُهُ وَثَبَتَ خَطُّهُ، وَعَكْسُهُ فِي الْقِيَاسِ مِثْلُهُ، أَوْ إِشَارَةٌ إِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى: {أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا} [النساء: ١٥] (سورة النِّسَاءِ الْآيَةُ ١٥) وَفَسَّرَ النَّبِيُّ السَّبِيلَ بِرَجْمِ الْمُحْصَنِ رَوَاهُ مُسْلِمٌ، أَوِ الْمَعْنَى بِحُكْمِ اللَّهِ وَقَضَائِهِ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} [النساء: ٢٤] (سورة النِّسَاءِ الْآيَةُ ٨٠) أَيْ حُكْمُهُ فِيكُمْ وَقَضَاؤُهُ عَلَيْكُمْ، وَمَا قَضَى بِهِ صَلَّى اللَّهُ تَعَالَى عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَسَلَّمَ هُوَ حُكْمُ اللَّهِ وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى إِنْ هُوَ إِلَّا وَحْيٌ يُوحَى {مَنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللَّهَ} [النساء: ٨٠] (سورة النِّسَاءِ: الْآيَةُ ٨٠) {وَمَا آتَاكُمُ الرَّسُولُ فَخُذُوهُ وَمَا نَهَاكُمْ عَنْهُ فَانْتَهُوا} [الحشر: ٧] (سورة الْحَشْرِ: الْآيَةُ ٧) فَلَمَّا أَمَرَ بِاتِّبَاعِهِ وَطَاعَتِهِ جَازَ أَنْ يُقَالَ لِكُلِّ حُكْمٍ حَكَمَ بِهِ: حُكْمُ اللَّهِ وَقَضَاؤُهُ، إِذْ لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ أَنَّ مَنْ زَنَى وَافْتَدَى يُرَدُّ فَدَاؤُهُ، وَلَا أَنَّ عَلَيْهِ نَفْيَ سَنَةٍ مَعَ الْجَلْدِ وَلَا أَنَّ عَلَى الثَّيِّبِ الرَّجْمَ، وَقَدْ أَقْسَمَ أَنْ يَقْضِيَ بَيْنَهُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ وَهُوَ صَادِقٌ وَقَالَ: (أَمَّا غَنَمُكَ وَجَارِيَتُكَ فَرَدٌّ عَلَيْكَ) أَيْ مَرْدُودٌ مِنْ إِطْلَاقِ الْمَصْدَرِ عَلَى الْمَفْعُولِ، نَحْوِ: نَسْجِ الْيَمَنِ أَيْ مَنْسُوجِهِ ; وَلِذَا كَانَ بِلَفْظٍ وَاحِدٍ لِلْجَمْعِ وَالْوَاحِدِ (وَجَلَدَ ابْنَهُ مِائَةً) أَيْ أَمَرَ مَنْ يَجْلِدُهُ فَجَلَدَهُ (وَغَرَّبَهُ عَامًا) عَنْ وَطَنِهِ، وَهَذَا يَتَضَمَّنُ أَنَّ ابْنَهُ كَانَ بِكْرًا، وَأَنَّهُ اعْتَرَفَ بِالزِّنَى، فَإِنَّ إِقْرَارَ الْأَبِ عَلَيْهِ لَا يُقْبَلُ، وَقَرِينَةُ اعْتِرَافِهِ حُضُورُهُ مَعَ أَبِيهِ، كَمَا فِي رِوَايَةٍ أُخْرَى أَنَّ ابْنِي هَذَا، وَسُكُوتُهُ عَلَى مَا نَسَبَهُ إِلَيْهِ.
وَفِي النَّسَائِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنِ الزُّهْرِيِّ: كَانَ ابْنِي أَجِيرًا لِامْرَأَةِ هَذَا، وَابْنِي لَمْ يُحْصِنْ فَصَرَّحَ بِأَنَّهُ بِكْرٌ، وَفِيهِ تَغْرِيبُ الْبِكْرِ الزَّانِي خِلَافًا لِقَوْلِ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يُغَرَّبُ ; لِأَنَّهُ زِيَادَةٌ عَلَى النَّصِّ، وَالزِّيَادَةُ عَلَيْهِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute