كَثُرَ النَّاسُ (قَدْ أَرَادَ أَنْ يَتَّخِذَ خَشَبَتَيْنِ) هُمَا النَّاقُوسُ وَهُوَ خَشَبَةٌ طَوِيلَةٌ تُضْرَبُ بِخَشَبَةٍ أَصْغَرَ مِنْهَا فَيَخْرُجُ مِنْهَا صَوْتٌ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ (يُضْرَبُ بِهِمَا لِيَجْتَمِعَ النَّاسُ لِلصَّلَاةِ) قَالَ ابْنُ عُمَرَ: «كَانَ الْمُسْلِمُونَ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ يَجْتَمِعُونَ فَيَتَحَيَّنُونَ الصَّلَاةَ لَيْسَ يُنَادَى لَهَا فَتَكَلَّمُوا يَوْمًا فِي ذَلِكَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ: أَنَتَّخِذُ نَاقُوسًا مِثْلَ نَاقُوسِ النَّصَارَى؟ وَقَالَ بَعْضُهُمْ: بَلْ بُوقًا مِثْلَ قَرْنِ الْيَهُودِ» ، الْحَدِيثَ فِي الصَّحِيحَيْنِ.
وَقَالَ أَنَسٌ: «لَمَّا كَثُرَ النَّاسُ ذَكَرُوا أَنْ يَعْلَمُوا وَقْتَ الصَّلَاةِ بِشَيْءٍ يَعْرِفُونَهُ فَذَكَرُوا أَنْ يُورُوا نَارًا أَوْ يَضْرِبُوا نَاقُوسًا» رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ وَفِيهِ اخْتِصَارٌ، وَهُوَ فِي أَبِي دَاوُدَ وَغَيْرِهِ بِإِسْنَادٍ صَحِيحٍ عَنْ أَبِي عُمَيْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ عُمُومَةٍ لَهُ مِنَ الْأَنْصَارِ: «اهْتَمَّ النَّبِيُّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - لِلصَّلَاةِ كَيْفَ يَجْمَعُ النَّاسَ لَهَا قِيلَ لَهُ انْصِبْ رَايَةً فَإِذَا رَآهَا النَّاسُ آذَنَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا فَلَمْ يُعْجِبْهُ ذَلِكَ، فَذُكِرَ لَهُ الْقُبْعُ أَيْ شَبُّورُ الْيَهُودِ فَقَالَ: " هُوَ مِنْ أَمْرِ الْيَهُودِ "، فَذُكِرَ لَهُ النَّاقُوسُ، فَقَالَ: " هُوَ مِنْ أَمْرِ النَّصَارَى " وَكَأَنَّهُ كَرِهَهُ أَوَّلًا ثُمَّ أَمَرَ بِعَمَلِهِ» .
فَفِي أَبِي دَاوُدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ: «لَمَّا أَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالنَّاقُوسِ يُعْمَلُ لِيُضْرَبَ بِهِ لِلنَّاسِ لِيَجْتَمِعُوا لِلصَّلَاةِ طَافَ بِي وَأَنَا نَائِمٌ رَجُلٌ يَحْمِلُ نَاقُوسًا» (فَأُرِيَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدِ) بْنِ ثَعْلَبَةَ بْنِ عَبْدِ رَبِّهِ أَبُو مُحَمَّدٍ (الْأَنْصَارِيُّ ثُمَّ مِنْ بَنِي الْحَارِثِ بْنِ الْخَزْرَجِ) فَيُقَالُ لَهُ شَهِدَ الْعَقَبَةَ وَبَدْرًا قَالَ التِّرْمِذِيُّ: لَا نَعْرِفُ لَهُ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - شَيْئًا إِلَّا هَذَا الْحَدِيثَ الْوَاحِدَ فِي الْأَذَانِ وَكَذَا قَالَ ابْنُ عَدِيٍّ، قَالَ فِي الْإِصَابَةِ: وَأَطْلَقَ غَيْرُ وَاحِدٍ أَنَّهُ مَا لَهُ غَيْرُهُ وَهُوَ خَطَأٌ فَقَدْ جَاءَتْ عَنْهُ أَحَادِيثُ سِتَّةٌ أَوْ سَبْعَةٌ جَمَعْتُهَا فِي جُزْءٍ مُفْرَدٍ، وَمَاتَ سَنَةَ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ وَهُوَ ابْنُ أَرْبَعٍ وَسِتِّينَ وَصَلَّى عَلَيْهِ عُثْمَانُ قَالَهُ وَلَدُهُ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ نَقَلَهُ الْمَدَايْنِيُّ، وَقَالَ الْحَاكِمُ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ قُتِلَ بِأُحُدٍ فَالرِّوَايَاتُ عَنْهُ كُلُّهَا مُنْقَطِعَةٌ، وَخَالَفَ ذَلِكَ فِي الْمُسْتَدْرَكِ (خَشَبَتَيْنِ فِي النَّوْمِ) مُتَعَلِّقٌ بِأُرِيَ (فَقَالَ: إِنَّ هَاتَيْنِ لَنَحْوٌ مِمَّا يُرِيدُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -) أَنْ يَجْمَعَ بِهِ النَّاسَ لِلصَّلَاةِ (فَقِيلَ: أَلَا تُؤَذِّنُونَ لِلصَّلَاةِ) وَأَسْمَعَهُ الْأَذَانَ فَاسْتَيْقَظَ (فَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - حِينَ اسْتَيْقَظَ فَذَكَرَ لَهُ ذَلِكَ) فَقَالَ: إِنَّهَا لَرُؤْيَا حَقٍّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ (فَأَمَرَ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالْأَذَانِ) كَذَا أَوْرَدَ الْحَدِيثَ مُرْسَلًا مُخْتَصَرًا كَمَا سَمِعَهُ مِنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: وَرَوَى قِصَّةَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ هَذِهِ فِي بَدْءِ الْأَذَانِ جَمَاعَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ بِأَلْفَاظٍ مُخْتَلِفَةٍ وَمَعَانٍ مُتَقَارِبَةٍ وَالْأَسَانِيدُ فِي ذَلِكَ مُتَوَاتِرَةٌ وَهِيَ مِنْ وُجُوهٍ حِسَانٍ انْتَهَى.
وَأَخْرَجَ أَبُو دَاوُدَ وَالتِّرْمِذِيُّ وَقَالَ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute