وَصَحَّحَاهُ مِنْ حَدِيثِ مُحَمَّدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ قَالَ: حَدَّثَنِي أَبِي «لَمَّا أَمَرَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - بِالنَّاقُوسِ يُعْمَلُ بِهِ لِلنَّاسِ لِيَجْتَمِعُوا لِلصَّلَاةِ طَافَ بِي وَأَنَا نَائِمٌ رَجُلٌ يَحْمِلُ نَاقُوسًا فِي يَدِهِ فَقُلْتُ: يَا عَبْدَ اللَّهِ أَتَبِيعُ النَّاقُوسَ؟ قَالَ وَمَا تَصْنَعُ بِهِ؟ فَقُلْتُ نَدْعُو بِهِ إِلَى الصَّلَاةِ، قَالَ: أَفَلَا أَدُلُّكَ عَلَى مَا هُوَ خَيْرٌ مِنْ ذَلِكَ؟ فَقُلْتُ: بَلَى قَالَ: تَقُولُ اللَّهُ أَكْبَرُ فَذَكَرَهُ مُرَبِّعَ التَّكْبِيرِ بِلَا تَرْجِيعٍ، قَالَ: ثُمَّ اسْتَأْخَرَ عَنِّي غَيْرَ بَعِيدٍ فَقَالَ: تَقُولُ إِذَا قُمْتَ إِلَى الصَّلَاةِ فَذَكَرَ الْإِقَامَةَ مُفْرَدَةً وَثَنَّى قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، فَلَمَّا أَصْبَحْتُ أَتَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَأَخْبَرْتُهُ بِمَا رَأَيْتُ، فَقَالَ: " إِنَّهَا لَرُؤْيَا حَقٍّ إِنْ شَاءَ اللَّهُ فَقُمْ مَعَ بِلَالٍ فَأَلْقِ عَلَيْهِ مَا رَأَيْتَ فَلْيُؤَذِّنْ بِهِ فَإِنَّهُ أَنْدَى مِنْكَ صَوْتًا " فَقُمْتُ مَعَ بِلَالٍ فَجَعَلْتُ أُلْقِيهِ عَلَيْهِ وَيُؤَذِّنُ بِهِ قَالَ: فَسَمِعَ بِذَلِكَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ وَهُوَ فِي بَيْتِهِ فَخَرَجَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ يَقُولُ: وَالَّذِي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ مِثْلَ مَا أُرِيَ، فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " فَلِلَّهِ الْحَمْدُ» " اهـ. لَفْظُ أَبِي دَاوُدَ وَهُوَ كَالشَّرْحِ لِمُرْسَلِ الْمُوَطَّأِ.
وَنَقَلَ ابْنُ خُزَيْمَةَ عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الذُّهْلِيِّ بِذَالٍ وَلَامٍ أَنَّ هَذِهِ الطَّرِيقَ أَصَحُّ طُرُقِهِ، وَشَاهِدُهُ حَدِيثُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ عَنْ مَعْمَرٍ عَنِ الزُّهْرِيِّ عَنْ سَعِيدِ بْنِ الْمُسَيَّبِ مُرْسَلًا، وَمِنْهُمْ مَنْ وَصَلَهُ عَنْ سَعِيدٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ وَالْمُرْسَلُ أَقْوَى إِسْنَادًا.
وَلِأَحْمَدَ عَنْ مُعَاذِ بْنِ جَبَلٍ أَنَّ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ «قَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنِّي رَأَيْتُ فِيمَا يَرَى النَّائِمُ وَلَوْ قُلْتُ إِنِّي لَمْ أَكُنْ نَائِمًا لَصَدَقْتُ، رَأَيْتُ شَخْصًا عَلَيْهِ ثَوْبَانِ أَخْضَرَانِ فَاسْتَقْبَلَ الْقِبْلَةَ فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ» ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ.
وَعِنْدَ أَبِي دَاوُدَ فِي حَدِيثِ أَبِي عُمَيْرِ بْنِ أَنَسٍ عَنْ عُمُومَتِهِ مِنَ الْأَنْصَارِ «وَكَانَ عُمَرُ قَدْ رَآهُ قَبْلَ ذَلِكَ فَكَتَمَهُ عِشْرِينَ يَوْمًا ثُمَّ أَخْبَرَ النَّبِيَّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - فَقَالَ لَهُ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تُخْبِرَنِي؟ فَقَالَ سَبَقَنِي عَبْدُ اللَّهِ بْنُ زَيْدٍ فَاسْتَحَيْتُ» وَظَاهِرُهُ يُعَارِضُ مَا قَبْلَهُ.
قَالَ الْحَافِظُ: وَلَا مُخَالَفَةَ لِأَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُخْبِرْ بِذَلِكَ عَقِبَ إِخْبَارِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ بَلْ مُتَرَاخِيًا عَنْهُ، فَقَوْلُهُ: مَا مَنَعَكَ أَنْ تُخْبِرَنِي أَيْ عَقِبَ إِخْبَارِ عَبْدِ اللَّهِ فَاعْتَذَرَ بِالِاسْتِحْيَاءِ فَدَلَّ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يُخْبِرْهُ عَلَى الْفَوْرِ انْتَهَى.
بُعْدُهُ لَا يَخْفَى مَعَ قَوْلِهِ «فَسَمِعَ عُمَرُ فَخَرَجَ يَقُولُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَقَدْ رَأَيْتُ مِثْلَ مَا أُرِيَ» فَجَعَلَهُ حَالًا مِنْ فَاعِلِ خَرَجَ أَيْ قَائِلًا فِي حَالِ خُرُوجِهِ لَكِنَّهُ لَا يَمْتَنِعُ لِلْجَمْعِ بَيْنَ الْحَدِيثَيْنِ مَعَ صِحَّتِهِمَا.
وَلِلطَّبَرَانِيِّ فِي الْأَوْسَطِ أَنَّ أَبَا بَكْرٍ أَيْضًا رَأَى الْأَذَانَ، وَذَكَرَ الْجِيلِيُّ فِي شَرْحِ التَّنْبِيهِ أَنَّهُ رَآهُ أَرْبَعَةَ عَشَرَ رَجُلًا وَأَنْكَرَهُ ابْنُ الصَّلَاحِ، فَقَالَ: لَمْ أَجِدْهُ بَعْدَ إِمْعَانِ الْبَحْثِ، ثُمَّ النَّوَوِيُّ فَقَالَ فِي تَنْقِيحِهِ: هَذَا لَيْسَ بِثَابِتٍ وَلَا مَعْرُوفٍ وَإِنَّمَا الثَّابِتُ خُرُوجُ عُمَرَ يَجُرُّ رِدَاءَهُ، وَفِي سِيرَةِ مُغْلَطَايَ عَنْ بَعْضِ كُتُبِ الْفُقَهَاءِ أَنَّهُ رَآهُ سَبْعَةٌ مِنَ الْأَنْصَارِ قَالَ الْحَافِظُ: وَلَا يَثْبُتُ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إِلَّا لِعَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ، وَقِصَّةُ عُمَرَ جَاءَتْ فِي بَعْضِ طُرُقِهِ، وَفِي مُسْنَدِ الْحَارِثِ بْنِ أَبِي أُسَامَةَ بِسَنَدٍ وَاهٍ عَنْ كَثِيرٍ الْحَضْرَمِيِّ قَالَ: «أَوَّلُ مَنْ أَذَّنَ بِالصَّلَاةِ جِبْرِيلُ فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute