للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

(مَالِكٌ «أَنَّ ابْنَ شِهَابٍ قَالَ: مَضَتِ السُّنَّةُ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ حِينَ يَعْفُوَ أَوْلِيَاءُ الْمَقْتُولِ» ) عَنِ الْقَاتِلِ عَلَى الدِّيَةِ (أَنَّ الدِّيَةَ تَكُونُ عَلَى الْقَاتِلِ فِي مَالِهِ خَاصَّةً إِلَّا أَنْ تُعِينَهُ) تُسَاعِدَهُ (الْعَاقِلَةُ) إِعَانَةً صَادِرَةً (عَنْ طِيبِ نَفْسٍ مِنْهَا) بِلَا جَبْرٍ، وَكَذَا حُكْمُ غَيْرِهَا إِذَا أَعَانَهُ فَلَهُ ذَلِكَ.

(مَالِكٌ: وَالْأَمْرُ عِنْدَنَا أَنَّ الدِّيَةَ لَا تَجِبُ عَلَى الْعَاقِلَةِ حَتَّى تَبْلُغَ الثُّلُثَ) أَيْ ثُلُثَ دِيَةِ الْمَجْنِيِّ عَلَيْهِ أَوِ الْجَانِي (فَصَاعِدًا فَمَا بَلَغَ الثُّلُثَ فَهُوَ عَلَى الْعَاقِلَةِ، وَمَا كَانَ دُونَ الثُّلُثِ فَهُوَ فِي مَالِ الْجَارِحِ خَاصَّةً) لِلْحَدِيثِ، وَبِهِ قَالَ الْفُقَهَاءُ السَّبْعَةُ، وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: تَحْمِلُ الْقَلِيلَ وَالْكَثِيرَ.

(وَالْأَمْرُ الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ عِنْدَنَا فِيمَنْ قُبِلَتْ مِنْهُ الدِّيَةُ فِي قَتْلِ الْعَمْدِ أَوْ فِي شَيْءٍ مِنَ الْجِرَاحِ الَّتِي فِيهَا الْقِصَاصُ: أَنَّ عَقْلَ ذَلِكَ لَا يَكُونُ عَلَى الْعَاقِلَةِ إِلَّا أَنْ يَشَاءُوا، وَإِنَّمَا عَقْلُ ذَلِكَ فِي مَالِ الْقَاتِلِ أَوِ الْجَارِحِ خَاصَّةً إِنْ وُجِدَ لَهُ مَالٌ، فَإِنْ لَمْ يُوجَدْ لَهُ مَالٌ كَانَ دَيْنًا عَلَيْهِ، وَلَيْسَ عَلَى الْعَاقِلَةِ مِنْهُ شَيْءٌ إِلَّا أَنْ يَشَاءُوا) اسْتِثْنَاءٌ مُنْقَطِعٌ.

(وَلَا تَعْقِلُ الْعَاقِلَةُ أَحَدًا أَصَابَ نَفْسَهُ عَمْدًا أَوْ خَطَأً بِشَيْءٍ، وَعَلَى ذَلِكَ رَأَىُ أَهْلِ الْفِقْهِ عِنْدَنَا، وَلَمْ أَسْمَعْ أَنَّ أَحَدًا ضَمَّنَ الْعَاقِلَةَ مِنْ دِيَةِ الْعَمْدِ شَيْئًا) لِأَنَّهَا إِنَّمَا ثَبَتَتْ بِالسُّنَّةِ فِي الْخَطَأِ وَأَجْمَعَ عَلَيْهَا الْعُلَمَاءُ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِظَاهِرِ قَوْلِهِ تَعَالَى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [فاطر: ١٨] (سورة فَاطِرٍ: الْآيَةَ ١٨) لَكِنَّهُ خُصَّ مِنْ عُمُومِهَا بِالسُّنَّةِ وَالْإِجْمَاعِ، وَلِمَا فِيهِ مِنَ الْمَصْلَحَةِ ; لِأَنَّ الْقَاتِلَ لَوْ أُخِذَ بِالدِّيَةِ لَأَوْشَكَ أَنْ يَأْتِيَ عَلَى جَمِيعِ مَالِهِ

<<  <  ج: ص:  >  >>