للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

لَأَنَّ تَتَابُعَ الْخَطَأِ مِنْهُ لَا يُؤْمَنُ، وَلَوْ تُرِكَ بِلَا تَغْرِيمٍ لِأُهْدِرَ دَمُ الْمَقْتُولِ فَلَا يُقَاسُ الْعَمْدُ عَلَى ذَلِكَ.

(وَمِمَّا يُعْرَفُ بِهِ ذَلِكَ أَنَّ اللَّهَ - تَبَارَكَ وَتَعَالَى - قَالَ فِي كِتَابِهِ: فَمَنْ عُفِيَ لَهُ) مِنَ الْقَاتِلِينَ (مِنْ) دَمِ (أَخِيهِ) الْمَقْتُولِ (شَيْءٌ) بِأَنْ تَرَكَ الْقِصَاصَ مِنْهُ، وَتَنْكِيرُ " شَيْءٌ " يُفِيدُ سُقُوطَ الْقِصَاصِ وَالْعَفْوَ عَنْ بَعْضِهِ وَمِنْ بَعْضِ الْوَرَثَةِ، وَفِي ذِكْرِ أَخِيهِ تَعْطِيفٌ دَاعٍ إِلَى الْعَفْوِ وَإِيذَانٌ بِأَنَّ الْقَتْلَ لَا يَقْطَعُ أُخُوَّةَ الْإِيمَانِ، وَمِنْ مُبْتَدَأٌ، شَرْطِيَّةً أَوْ مَوْصُولَةً، وَالْخَبَرُ (فَاتِّبَاعٌ) أَيْ فَعَلَى الْعَافِي اتِّبَاعُ الْقَاتِلِ (بِالْمَعْرُوفِ) بِأَنْ يُطَالِبَهُ بِالدِّيَةِ بِلَا عُنْفٍ (وَ) عَلَى الْقَاتِلِ (أَدَاءٌ) الدِّيَةِ (إِلَيْهِ) إِلَى الْعَافِي وَهُوَ الْوَارِثُ (بِإِحْسَانٍ) بِلَا مَطْلٍ وَلَا بَخْسٍ (فَتَفْسِيرُ ذَلِكَ فِيمَا نُرَى) بِضَمِّ النُّونِ نَظُنُّ (وَاللَّهُ أَعْلَمُ) بِمُرَادِهِ (أَنَّهُ مَنْ أُعْطِيَ مِنْ أَخِيهِ شَيْئًا مِنَ الْعَقْلِ) الدِّيَةِ (فَلْيَتَّبِعْهُ بِالْمَعْرُوفِ وَلْيُؤَدِّ إِلَيْهِ الْقَاتِلُ بِإِحْسَانٍ) فَدَلَّ ذَلِكَ عَلَى أَنَّ دِيَةَ الْعَمْدِ إِنَّمَا هِيَ عَلَى الْقَاتِلِ، لِأَنَّ الْأَمْرَ إِنَّمَا هُوَ بِاتِّبَاعِهِ لَا عَاقِلَتِهِ، وَتَرْتِيبُ الِاتِّبَاعِ عَلَى الْعَفْوِ يُفِيدُ أَنَّ الْوَاجِبَ أَحَدُهُمَا أَيِ الْقِصَاصُ أَوِ الْعَفْوُ وَهُوَ الْمَشْهُورُ عَنْ مَالِكٍ وَرِوَايَةُ ابْنِ الْقَاسِمِ عَنْهُ.

وَرَوَى أَشْهَبُ عَنْ مَالِكٍ: الْوَاجِبُ الْقِصَاصُ أَوِ الدِّيَةُ، وَاخْتَارَهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُتَأَخِّرِينَ لِحَدِيثِ الصَّحِيحَيْنِ مَرْفُوعًا: " «مَنْ قُتِلَ لَهُ قَتِيلٌ فَهُوَ بِخَيْرِ النَّظَرَيْنِ إِمَّا أَنْ يُؤَدِّيَ وَإِمَّا أَنْ يُقَادَ» " (قَالَ مَالِكٌ فِي الصَّبِيِّ الَّذِي لَا مَالَ لَهُ، وَالْمَرْأَةِ الَّتِي لَا مَالَ لَهَا، إِذَا جَنَى أَحَدُهُمَا جِنَايَةً دُونَ الثُّلُثِ، أَنَّهُ ضَامِنٌ) أَيْ مَضْمُونٌ كَمَعِيشَةٍ رَاضِيَةٍ أَيْ مَرْضِيَّةٍ (عَلَى الصَّبِيِّ أَوِ الْمَرْأَةِ فِي مَالِهِمَا خَاصَّةً، إِنْ كَانَ لَهُمَا مَالٌ أُخِذَ مِنْهُ، وَإِلَّا فَجِنَايَةُ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا دَيْنٌ عَلَيْهِ لَيْسَ عَلَى الْعَاقِلَةِ مِنْهُ شَيْءٌ، وَلَا يُؤْخَذُ أَبُو الصَّبِيِّ بِعَقْلِ جِنَايَةِ الصَّبِيِّ وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَيْهِ) لِحَدِيثِ أَبِي رِمْثَةَ فِي ابْنِهِ: وَلَا تَجْنِي عَلَيْهِ لَا يَجْنِي عَلَيْكَ.

وَفِي النَّسَائِيِّ مَرْفُوعًا: لَا تَجْنِي نَفْسٌ عَنْ أُخْرَى أَيْ لَا يُؤْخَذُ أَحَدٌ بِجِنَايَةِ أَحَدٍ.

(وَالْأَمْرُ عِنْدَنَا الَّذِي لَا اخْتِلَافَ فِيهِ أَنَّ الْعَبْدَ إِذَا قُتِلَ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَفْعُولِ (كَانَتْ فِيهِ الْقِيمَةُ

<<  <  ج: ص:  >  >>