الْأَنْصَارِيَّ وَمُحَيِّصَةَ بْنَ مَسْعُودٍ خَرَجَا إِلَى خَيْبَرَ) فِي أَصْحَابٍ لَهُمَا يَمْتَارُونَ تَمْرًا، زَادَ فِي رِوَايَةِ بِشْرِ بْنِ الْمُفَضَّلِ: وَهِيَ يَوْمَئِذٍ صُلْحٌ وَالْمُرَادُ بَعْدَ فَتْحِهَا.
(فَتَفَرَّقَا فِي حَوَائِجِهِمَا) وَفِي رِوَايَةِ حَمَّادٍ: فَتَفَرَّقَا فِي النَّخْلِ (فَقُتِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ سَهْلٍ) وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ الْمُفَضَّلِ: فَأَتَى مُحَيِّصَةُ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ وَهُوَ يَنْشَطُ فِي دَمِهِ قَتِيلًا فَدَفَنَهُ (فَقَدِمَ مُحَيِّصَةُ) الْمَدِينَةَ (فَأَتَى هُوَ وَأَخُوهُ حُوَيِّصَةُ) ابْنَا مَسْعُودٍ (وَعَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ سَهْلٍ) أَخُو الْمَقْتُولِ (إِلَى النَّبِيِّ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) لِيُخْبِرُوهُ بِذَلِكَ (فَذَهَبَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ لِيَتَكَلَّمَ لِمَكَانِهِ مِنْ أَخِيهِ) وَفِي رِوَايَةِ حَمَّادٍ: فَتَكَلَّمُوا فِي أَمْرِ صَاحِبِهِمْ فَبَدَأَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَكَانَ أَصْغَرَ الْقَوْمِ (فَقَالَ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: كَبِّرْ كَبَّرْ) بِالْجَزْمِ أَمْرٌ وَكَرَّرَهُ لِلْمُبَالَغَةِ أَيْ قَدِّمِ الْأَسَنَّ يَتَكَلَّمُ.
وَفِي رِوَايَةِ حَمَّادٍ فَقَالَ: الْكُبْرَ الْكُبْرَ بِهَمْزَةِ وَصْلٍ وَضَمِّ الْكَافِ وَتَسْكِينِ الْمُوَحَّدَةِ جَمْعُ الْأَكْبَرِ، وَالنَّصْبُ عَلَى الْإِغْرَاءِ، يَعْنِي كَمَا قَالَ يَحْيَى بْنُ سَعِيدٍ لِيَلِيَ الْكَلَامَ الْأَكْبَرُ، وَزَادَ ابْنُ الْمُفَضَّلِ: فَسَكَتَ (فَتَكَلَّمَ حُوَيِّصَةُ وَمُحَيِّصَةُ) بِشَدِّ الْيَاءِ فِيهِمَا عَلَى أَشْهَرِ اللُّغَتَيْنِ (فَذَكَرَا شَأْنَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ) أَيْ أَخْبَرَاهُ بِقِصَّةِ قَتْلِهِ.
وَفِي رِوَايَةِ اللَّيْثِ: فَصَمَتَ أَيْ عَبْدُ الرَّحْمَنِ وَتَكَلَّمَ صَاحِبَاهُ ثُمَّ تَكَلَّمَ مَعَهُمَا فَذَكَرُوا لِرَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مَقْتَلَ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ سَهْلٍ فَقَالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ، صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (أَتَحْلِفُونَ) بِهَمْزِ الِاسْتِفْهَامِ (خَمْسِينَ يَمِينًا وَتَسْتَحِقُّونَ دَمَ صَاحِبِكُمْ أَوْ) قَالَ دَمَ (قَاتِلِكُمْ) أَيْ قَاتِلِ قَرِيبِكُمْ، فَشَكَّ الرَّاوِي، قَالَ النَّوَوِيُّ: الْمَعْنَى يَثْبُتُ حَقُّكُمْ عَلَى مَنْ تَحْلِفُونَ عَلَيْهِ وَذَلِكَ الْحَقُّ أَعَمُّ مِنْ أَنْ يَكُونَ قِصَاصًا أَوْ دِيَةً انْتَهَى.
وَهَذَا تَأْوِيلٌ بَعِيدٌ مُتَعَسِّفٌ حَمَلَهُ عَلَيْهِ نُصْرَةُ مَشْهُورِ مَذْهَبِهِ أَنَّهُ لَا قِصَاصَ بِالْقَسَامَةِ فِي عَمْدٍ وَلَا خَطَأٍ إِنَّمَا فِيهَا الدِّيَةُ عَلَى الْجَانِي فِي الْعَمْدِ، وَعَاقِلَتُهُ فِي الْخَطَأِ وَالْمُتَبَادَرُ مِنْ ذِكْرِ الدَّمِ الْقِصَاصُ وَالتَّبَادُرُ آيَةُ الْحَقِيقَةِ، وَيُؤَيِّدُهُ «أَنَّهُ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - قَتَلَ بِالْقَسَامَةِ رَجُلًا مِنْ بَنِي نَصْرِ بْنِ مَالِكٍ» رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ (قَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ لَمْ نَشْهَدْ) قَتْلَهُ (وَلَمْ نَحْضُرْ) وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ الْمُفَضَّلِ: وَكَيْفَ نَحْلِفُ وَلَمْ نَشْهَدْ وَلَمْ نَرَ؟ وَوَقَعَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ رِوَايَةِ سَعِيدِ بْنِ عُبَيْدٍ عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ فَقَالَ: تَأْتُونَ بِالْبَيِّنَةِ عَلَى مَنْ قَتَلَهُ، قَالُوا: مَا لَنَا بَيِّنَةٌ.
وَفِي النَّسَائِيِّ عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ جَدِّهِ: " فَقَالَ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: «أَقِمْ شَاهِدِينَ عَلَى قَاتِلِهِ أَدْفَعْهُ إِلَيْكَ بِرُمَّتِهِ،
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute