وَحَدَّثَنِي يَحْيَى عَنْ مَالِكٍ عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبِي صَالِحٍ عَنْ أَبِيهِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ «كَانَ النَّاسُ إِذَا رَأَوْا أَوَّلَ الثَّمَرِ جَاءُوا بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَإِذَا أَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي ثَمَرِنَا وَبَارِكْ لَنَا فِي مَدِينَتِنَا وَبَارِكْ لَنَا فِي صَاعِنَا وَبَارِكْ لَنَا فِي مُدِّنَا اللَّهُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ عَبْدُكَ وَخَلِيلُكَ وَنَبِيُّكَ وَإِنِّي عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ وَإِنَّهُ دَعَاكَ لِمَكَّةَ وَإِنِّي أَدْعُوكَ لِلْمَدِينَةِ بِمِثْلِ مَا دَعَاكَ بِهِ لِمَكَّةَ وَمِثْلَهُ مَعَهُ ثُمَّ يَدْعُو أَصْغَرَ وَلِيدٍ يَرَاهُ فَيُعْطِيهِ ذَلِكَ الثَّمَرَ»
ــ
١٦٣٧ - ١٥٨٩ - (مَالِكٌ عَنْ سُهَيْلِ) بِضَمِّ السِّينِ مُصَغَّرٌ (بْنِ أَبِي صَالِحٍ) الْمَدَنِيِّ أَحَدِ الْأَئِمَّةِ الْمَشْهُورِينَ الْمُكْثِرِينَ، وَثَّقَهُ النَّسَائِيُّ وَالدَّارَقُطْنِيُّ وَغَيْرُهُمَا وَاحْتَجَّ بِهِ الْجَمَاعَةُ، وَكَفَى بِرِوَايَةِ مَالِكٍ عَنْهُ تَوْثِيقًا (عَنْ أَبِيهِ) ذَكْوَانَ السَّمَّانِ الزَّيَّاتِ الثِّقَةِ الثَّبْتِ (عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّهُ قَالَ: كَانَ النَّاسُ إِذَا رَأَوْا أَوَّلَ الثَّمَرِ) بِفَتْحِ الْمُثَلَّثَةِ وَالْمِيمِ (جَاءُوا بِهِ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) إِمَّا هَدِيَّةً وَجَلَالَةً وَمَحَبَّةً وَتَعْظِيمًا، وَإِمَّا تَبَرُّكًا بِدُعَائِهِ لَهُمْ بِالْبَرَكَةِ، وَهُوَ الَّذِي يَغْلِبُ عَلَى ظَنِّي، وَسِيَاقُ الْحَدِيثِ يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَالْمَعْنَيَانِ مُحْتَمَلَانِ قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ، وَقَالَ الْمَازِرِيُّ: يَفْعَلُونَ ذَلِكَ رَغْبَةً فِي دُعَائِهِ وَرَجَاءَ تَمَامِ ثَمَرِهِمْ بِذَلِكَ، وَإِعْلَامًا بِبِدُوِّ صَلَاحِهَا لِمَا يَتَعَلَّقُ بِذَلِكَ مِنْ حُقُوقِ الشَّرْعِ كَبَعْثِ الْخَرَّاصِ وَالزَّكَاةِ وَغَيْرِ ذَلِكَ.
(فَإِذَا أَخَذَهُ رَسُولُ اللَّهِ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ) زَادَ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ: وَضَعَهُ عَلَى وَجْهِهِ (قَالَ: اللَّهُمَّ بَارِكْ لَنَا فِي ثَمَرِنَا) أَيْ أَنْمِهِ وَزِدْهُ (وَبَارِكْ لَنَا فِي مَدِينَتِنَا) طَيْبَةَ (وَبَارِكْ لَنَا فِي صَاعِنَا) وَهُوَ مِكْيَالُ أَرْبَعَةِ أَمْدَادٍ، زَادَ الدَّرَاوَرْدِيُّ: بَرَكَةً فِي بَرَكَةً.
(وَبَارِكْ لَنَا فِي مُدِّنَا) بِضَمِّ الْمِيمِ وَشَدِّ الدَّالِ.
(اللَّهُمَّ إِنَّ إِبْرَاهِيمَ عَبَدُكَ وَخَلِيلُكَ) كَمَا قُلْتَ: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} [النساء: ١٢٥] (سورة النِّسَاءِ: الْآيَةُ ١٢٥) (وَنَبِيُّكَ، وَإِنِّي عَبْدُكَ وَنَبِيُّكَ) لَمْ يُقِلْ وَخَلِيلُكَ مَعَ أَنَّهُ خَلِيلٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي أَحَادِيثَ عِدَّةٍ، قَالَ الْأُبِّيُّ: رِعَايَةً لِلْأَدَبِ فِي تَرْكِ الْمُسَاوَاةِ بَيْنَهُ وَبَيْنَ آبَائِهِ وَأَجْدَادِهِ الْكِرَامِ.
وَقَالَ الطِّيبِيُّ: عَدَمُ التَّصْرِيحِ بِذَلِكَ مَعَ رِعَايَةِ الْأَدَبِ أَفْخَمُ.
قَالَ الزَّمَخْشَرِيُّ فِي قَوْلِهِ: {تِلْكَ الرُّسُلُ فَضَّلْنَا بَعْضَهُمْ عَلَى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَرَفَعَ بَعْضَهُمْ دَرَجَاتٍ} [البقرة: ٢٥٣] (سورة الْبَقَرَةِ: الْآيَةُ ٢٥٣) الظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ مُحَمَّدًا - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - وَفِي هَذَا الْإِبْهَامِ مِنْ تَفْخِيمِ
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://shamela.ws/page/contribute