للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

بِفَتْحِ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ مِنَ الثُّلَاثِيِّ رَوَاهُ يَحْيَى وَلَا يَصِحُّ عَنْهُ غَيْرُهُ، وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ بُكَيْرٍ وَقَالَ: مَعْنَاهُ يَسِيرُونَ مِنْ قَوْلِهِ: {وَبُسَّتِ الْجِبَالُ بَسًّا} [الواقعة: ٥] [سُورَةُ الْوَاقِعَةِ: الْآيَةُ ٥] أَيْ سَارَتْ.

وَذَكَرَ حَبِيبٌ هَذَا التَّفْسِيرَ عَنْ مَالِكٍ، وَكَذَا رَوَاهُ ابْنُ نَافِعٍ وَغَيْرُهُ عَنْهُ، فَإِنْكَارُ عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ حَبِيبٍ رِوَايَةَ يَحْيَى لَيْسَ بِشَيْءٍ ; لِأَنَّهُ لَمْ يَنْفَرِدْ بِهَا بَلْ تَابَعَهُ ابْنُ بُكَيْرٍ وَابْنُ نَافِعٍ وَابْنُ حَبِيبٍ وَغَيْرُهُمْ عَنْ مَالِكٍ.

وَرَوَاهُ ابْنُ الْقَاسِمِ بِفَتْحِ الْمُوَحَّدَةِ ثُلَاثِيًّا أَيْضًا مِنْ بَابِ نَصَرَ أَيْ يُسْرِعُونَ السَّيْرَ، وَقِيلَ: يَزْجُرُونَ دَوَابَّهُمْ، وَقِيلَ: يَسْأَلُونَ عَنِ الْبُلْدَانِ وَأَخْبَارِهَا لِيَتَحَمَّلُوا إِلَيْهَا وَهَذَا لَا يَكَادُ يُعْرَفُ لُغَةً.

وَرَوَاهُ ابْنُ وَهْبٍ يُبِسُّونَ بِضَمِّ التَّحْتِيَّةِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَضَمِّ الْمُهْمَلَةِ رُبَاعِيٍّ مِنْ أَبَسَّ وَقَالَ: مَعْنَاهُ يُزَيِّنُونَ لَهُمُ الْخُرُوجَ مِنَ الْمَدِينَةِ، أَيْ: وَيُزَيِّنُونَ الْبَلَدَ الَّذِي جَاءُوا مِنْهُ وَيُحَبِّبُونَهُ إِلَيْهِمْ، وَصَوَّبَهُ ابْنُ حَبِيبٍ، قَالَهُ أَبُو عُمَرَ مُلَخَّصًا.

(فَيَتَحَمَّلُونَ) مِنَ الْمَدِينَةِ (بِأَهْلِيهِمْ وَمَنْ أَطَاعَهُمْ) مِنَ النَّاسِ (وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ) لِأَنَّهَا لَا يَدْخُلُهَا الدَّجَّالُ وَلَا الطَّاعُونُ، وَقِيلَ: لِأَنَّ الْفِتَنَ فِيهَا دُونَهَا فِي غَيْرِهَا، وَقِيلَ: لِفَضْلِ مَسْجِدِهَا وَالصَّلَاةِ فِيهِ وَمُجَاوِرَةِ الْقَبْرِ الشَّرِيفِ.

(لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ) بِمَا فِيهَا مِنَ الْفَضَائِلِ كَالصَّلَاةِ فِي مَسْجِدِهَا وَثَوَابِ الْإِقَامَةِ فِيهَا وَغَيْرِ ذَلِكَ مِنَ الْفَوَائِدِ الدِّينِيَّةِ الْأُخْرَوِيَّةِ الَّتِي تُسْتَحْقَرُ دُونَهَا مَا يَجِدُونَهُ مِنَ الْحُظُوظِ الْفَانِيَةِ الْعَاجِلَةِ بِسَبَبِ الْإِقَامَةِ فِي غَيْرِهَا.

وَفِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ عِنْدَ مُسْلِمٍ: " «يَأْتِي عَلَى النَّاسِ زَمَانٌ يَدْعُو الرَّجُلُ ابْنَ عَمِّهِ أَوْ قَرِيبَهُ هَلُمَّ إِلَى الرَّخَاءِ، وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ» " وَظَاهِرُهُ أَنَّ الَّذِينَ يَتَحَمَّلُونَ غَيْرَ الَّذِينَ يَبِسُّونَ، فَكَأَنَّ الَّذِي حَضَرَ الْفَتْحَ أَعْجَبَهُ حُسْنُ الْيَمَنِ وَرَخَاؤُهُ فَدَعَا قَرِيبَهُ إِلَى الْمَجِيءِ إِلَيْهِ، فَيَحْتَمِلُ الْمَدْعُوُّ بِأَهْلِهِ وَأَتْبَاعِهِ لَكِنْ صَوَّبَ النَّوَوِيُّ أَنَّ حَدِيثَ الْبَابِ إِخْبَارٌ عَنْ مَنْ خَرَجَ مِنَ الْمَدِينَةِ مُتَحَمِّلًا بِأَهْلِهِ وَأَتْبَاعِهِ بَأْسًا فِي سَيْرِهِ إِلَى الرَّخَاءِ وَالْأَمْصَارِ الْمُنْفَتِحَةِ.

وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ خُزَيْمَةَ مِنْ طَرِيقِ أَبِي مُعَاوِيَةَ عَنْ هِشَامٍ فِي هَذَا الْحَدِيثِ مَا يُؤَيِّدُهُ وَلَفْظُهُ: " «تُفْتَحُ الشَّامُ فَيَخْرُجُ النَّاسُ إِلَيْهَا يَبِسُّونَ وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ» " وَيُوَضِّحُ ذَلِكَ حَدِيثُ جَابِرٍ عِنْدَ الْبَزَّارِ بِرِجَالِ الصَّحِيحِ مَرْفُوعًا: " «لَيَأْتِيَنَّ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ زَمَانٌ يَنْطَلِقُ النَّاسُ مِنْهَا إِلَى الْأَرْيَافِ يَلْتَمِسُونَ الرَّخَاءَ فَيَجِدُونَ ثُمَّ يَتَحَمَّلُونَ بِأَهْلِهِ إِلَى الرَّخَاءِ، وَالْمَدِينَةُ خَيْرٌ لَهُمْ لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ» " وَالْأَرْيَافُ جَمْعُ رِيفٍ بِكَسْرِ الرَّاءِ وَهُوَ مَا قَارَبَ الْمِيَاهَ فِي أَرْضِ الْعَرَبِ، وَقِيلَ: هُوَ الْأَرْضُ الَّتِي فِيهَا الزَّرْعُ وَالْخِصْبُ، وَقِيلَ غَيْرُ ذَلِكَ.

(وَتُفْتَحُ الشَّامُ) سُمِّيَ بِذَلِكَ لِأَنَّهُ عَنْ شِمَالِ الْكَعْبَةِ.

وَفِي رِوَايَةِ ابْنِ جُرَيْجٍ عَنْ هِشَامٍ: ثُمَّ تُفْتَحُ الشَّامُ (فَيَأْتِي قَوْمٌ يَبِسُّونَ) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَكَسْرِ الْمُوَحَّدَةِ وَضَمِّهَا وَبِضَمِّ أَوَّلِهِ وَكَسِرِ الْمُوَحَّدَةِ

<<  <  ج: ص:  >  >>