للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
رقم الحديث:

- (مَالِكٌ عَنِ ابْنِ شِهَابٍ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَامِرِ بْنِ رَبِيعَةَ) بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكِ بْنِ رَبِيعَةَ الْعَنْزِيِّ حَلِيفِ بَنِي عَدِيٍّ، وُلِدَ سَنَةَ سِتٍّ وَحَفِظَ عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَدِيثًا وَاحِدًا وَهُوَ قَوْلُهُ: " «دَعَتْنِي أُمِّي وَالنَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي بَيْتِنَا فَقَالَتْ: تَعَالَى أُعْطِيكَ، فَقَالَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: مَا أَرَدْتِ أَنْ تُعْطِيَهُ؟ قَالَتْ: تَمْرًا، قَالَ: لَوْ لَمْ تَفْعَلِي كُتِبَتْ عَلَيْكِ كِذْبَةً» " مَاتَ سَنَةَ بِضْعٍ وَثَمَانِينَ وَأَبَوْهُ صَحَابِيٌّ مَشْهُورٌ.

(أَنَّ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ خَرَجَ إِلَى الشَّامِ) لِيَنْظُرَ فِي أَحْوَالِ رَعِيَّتِهِ بِهَا وَأُمَرَائِهِ سَنَةَ سَبْعَ عَشْرَةَ بَعْدَ فَتْحِ بَيْتِ الْمَقْدِسِ، وَخَرَجَ إِلَيْهَا قَبْلَ ذَلِكَ لَمَّا حَاصَرَ أَبُو عُبَيْدَةَ بَيْتَ الْمَقْدِسِ وَسَأَلَهُ أَهْلُهُ أَنْ يَكُونَ صُلْحُهُمْ عَلَى يَدِ عُمَرَ، فَقَدِمَ فَصَالَحَهُمْ وَرَجَعَ سَنَةَ عَشْرٍ، قَالَهُ فِي الْمُفْهِمِ.

وَفِي التَّمْهِيدِ: خَرَجَ عُمَرُ إِلَى الشَّامِ مَرَّتَيْنِ فِي قَوْلِ بَعْضِهِمْ: وَقِيلَ: لَمْ يَخْرُجْ لَهَا إِلَّا مَرَّةً وَاحِدَةً هِيَ هَذِهِ.

(حَتَّى إِذَا جَاءَ سَرْغَ) بِمُهْمَلَتَيْنِ وَمُعْجَمَةٍ قَالَ عِيَاضٌ: رَوَيْنَاهُ بِسُكُونِ الرَّاءِ وَفَتْحِهَا، وَصَوَّبَ ابْنُ مَكِّيٍّ السُّكُونَ، قَالَ مَالِكٌ وَابْنُ حَبِيبٍ: هِيَ قَرْيَةٌ بِوَادِي تَبُوكَ وَهِيَ آخِرُ عَمَلِ الْحِجَازِ، وَقِيلَ: مَدِينَةٌ بِالشَّامِ، قَالَ ابْنُ وَضَّاحٍ: بَيْنَهَا وَبَيْنَ الْمَدِينَةِ ثَلَاثَةَ عَشَرَ مَرْحَلَةً (بَلَغَهُ) مِنْ أُمَرَاءِ الْأَجْنَادِ (أَنَّ الْوَبَاءَ) بِفَتْحِ الْوَاوِ وَالْمُوَحَّدَةِ وَالْهَمْزَةِ وَالْمَدِّ وَالْقَصْرِ وَهُوَ الْمَرَضُ الْعَامُّ، وَالْمُرَادُ هُنَا الطَّاعُونُ الْمَعْرُوفُ بِطَاعُونِ عَمَوَاسَ.

(قَدْ وَقَعَ بِالشَّامِ) أَيْ: بِدِمَشْقَ وَهِيَ أُمُّ الشَّامِ وَإِلَيْهَا كَانَ مَقْصِدُهُ كَذَا قَالَ أَبُو عُمَرَ، فَعَزَمَ عَلَى الرُّجُوعِ بَعْدَ أَنِ اجْتَهَدَ وَوَافَقَهُ أَكْثَرُ الصَّحَابَةِ الَّذِينَ مَعَهُ عَلَى ذَلِكَ.

(فَأَخْبَرَهُ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ قَالَ: إِذَا سَمِعْتُمْ بِهِ) أَيِ الطَّاعُونِ (بِأَرْضٍ فَلَا تَقْدَمُوا) بِفَتْحِ أَوَّلِهِ وَثَالِثِهِ، وَرُوِيَ بِضَمِّ الْأَوَّلِ وَكَسْرِ الثَّالِثِ (عَلَيْهِ) لِأَنَّهُ أَقْدَمَ عَلَى خَطَرٍ (وَإِذَا وَقَعَ بِأَرْضٍ وَأَنْتُمْ بِهَا فَلَا تَخْرُجُوا فِرَارًا مِنْهُ) لِأَنَّهُ فِرَارٌ مِنَ الْقَدَرِ، فَالْأَوَّلُ تَأْدِيبٌ وَتَعْلِيمٌ وَالثَّانِي تَفْوِيضٌ وَتَسْلِيمٌ.

قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ: النَّهْيُ عَنِ الْقُدُومِ لِدَفْعِ مَلَامَةِ النَّفْسِ، وَعَنِ الْخُرُوجِ لِلْإِيمَانِ بِالْقَدَرِ انْتَهَى.

وَالْأَكْثَرُ أَنَّ النَّهْيَ عَنِ الْفِرَارِ مِنْهُ لِلتَّحْرِيمِ وَقِيلَ: لِلتَّنْزِيهِ وَيَجُوزُ لِشُغُلٍ عَرَضَ غَيْرِ الْفِرَارِ اتِّفَاقًا، قَالَهُ التَّاجُ السُّبْكِيُّ.

قَالَ الْحَافِظُ: وَلَا شَكَّ أَنَّ الصُّوَرَ ثَلَاثٌ: مَنْ خَرَجَ لِقَصْدِ الْفِرَارِ مَحْضًا فَهَذَا يَتَنَاوَلُهُ النَّهْيُ لَا مَحَالَةَ.

وَمَنْ خَرَجَ لِحَاجَةٍ مُتَمَحِّضَةٍ لَا لِقَصْدِ الْفِرَارِ أَصْلًا وَيُصَوَّرُ ذَلِكَ فِيمَنْ تَهَيَّأَ لِلرَّحِيلِ مِنْ بَلَدٍ إِلَى بَلَدٍ كَانَ بِهَا إِقَامَتُهُ مَثَلًا وَلَمْ يَكُنِ الطَّاعُونُ وَقَعَ فَاتَّفَقَ وُقُوعُهُ

<<  <  ج: ص:  >  >>